يشهد فيلم"الشيطان يرتدي برادا"، من بطولة ميريل ستريب، رواجاً عالمياً كبيراً في الوقت الحالي، وهو سمح للجمهور باكتشاف ممثلة أميركية من أصل ارلندي، عمرها 24 سنة واسمها آن هاثاواي، تتقاسم أهم لقطات الفيلم مع ستريب، وتثبت أنها بدورها فنانة كبيرة قادرة على التنويع في شخصياتها السينمائية بمرونة كبيرة، خصوصاً بعدما كانت قد شوهدت في فيلمين للصغار هما"مذكرات أميرة"و"مذكرات أميرة رقم 2". لكن هاثاواي هي أيضاً بطلة كل من"هافوك"، والفيلم الفائز بثلاث جوائز أوسكار هذا العام"جبل بروكباك"، إضافة الى قيامها اخيراً بأداء شخصية الروائية البريطانية الكبيرة الراحلة جين أوستين، في فيلم لا يزال في مرحلة المونتاج تطلّب منها التدريب على اللكنة البريطانية وتعلّم العزف على البيانو. أول ما يلفت النظر عند هاثاواي، جانبها الطبيعي البعيد عن الشخصيات النسائية التي يزخر بها فيلم"الشيطان يرتدي برادا"والمنتميات إلى عالم الموضة، نظراً الى كون أحداث الفيلم تدور في مكاتب إحدى أكبر مجلات الموضة في العالم. وتعلق هاثاواي على الموضة ومدى تأثيرها على النساء، قائلة إنها لا ترى في النحيفات اللاتي يحترفن عرض الأزياء أي جاذبية، بل"هياكل عظمية"متنقلة يؤثرن بشكل سلبي ومؤسف في الفتيات في كل انحاء العالم. والجدير ذكره ان تصاميم من تشكيلات المصمم اللبناني جورج شقرا تظهر في لقطة من لقطات الفيلم. جاءت هاثاواي الى باريس للمشاركة في افتتاح معرض عن الدعايات في متحف الفنون التشكيلية فالتقتها"الحياة". هل تربطك علاقة قرابة بالسينمائي الكبير الراحل هنري هاثاواي؟ - لا، أو بمعنى أصح، هناك علاقة بعيدة، وإذا دخلت في هذه التفاصيل لتهت كلياً بين حكاية القرابة بيني وبينه بواسطة الأجداد وأولاد العم وابنة فلان التي تزوجت من علان. الأسهل بالنسبة إلي هو القول بأنني لا أتمتع بأي قرابة معه، خاصة انني لم أعرفه في خلال حياته بالمرة. وهل تنتمين إلى عائلة لها علاقة بالفن أصلاً؟ - أمي ممثلة مسرحية، ووالدي يحترف المحاماة. أما أخي الأصغر فهو يتعلم الدراما ليحترف التمثيل، وأخي الأكبر مؤلف روائي ناجح. ما الذي جعلك تأتين إلى باريس من أجل حضور افتتاح معرض الدعاية في متحف الفنون التشكيلية؟ - دعيت إلى هذه المناسبة بكل بساطة، وبما أنني كنت في لندن، لم يكن من الصعب علي أن أحضرها. أما لو كنت في هوليوود كالعادة، فلا أتصور أنني كنت سأقطع هذه المسافة لمجرد حضور افتتاح معرض في باريس. فكرة خاطئة عرفتِ الشهرة منذ أن ظهرت إلى جوار النجمة جولي أندروز في فيلم"مذكرات أميرة"، ثم مثلت في الجزء المكمل له قبل أن تغيرين كلياً نوعية أدوارك وتعملين في الفيلم الجريء"هافوك"، وفي"جبل بروكباك"الحائز على ثلاث جوائز أوسكار، فما الذي دفع بك إلى مثل هذا التصرف؟ - الخوف من البقاء حبيسة اللون الفكاهي الساذج المخصص للصغار، وهذه حال"مذكرات أميرة"بجزءيه. لقد عملت جولي أندروز في زمن الستينات في فيلمي"ميري بوبينز"و"صوت الموسيقى"الاستعراضيين الناجحين عالمياً، فظلت حبيسة هذا اللون السينمائي طوال عشر سنوات، ولكن في أعمال لم تنافس في مستواها أياً من الفيلمين المذكورين، وهي التي نصحتني عندما عملنا معاً في"مذكرات أميرة"بأن أعمل كل ما في وسعي حتى أهرب من البقاء في إطار محدد، وإلا قضي علي. أنها شخصياً نجحت في كسر إطار الأفلام الاستعراضية الذي أحاط بها، حينما وافقت على الظهور شبه مجردة من ثيابها في فيلم عنوانه"سوب"صُور في مطلع الثمانينات. هل لهذا السبب ظهرت أنت أيضاً شبه مجردة من ثيابك في كل من"هافوك"و"جبل بروكباك"؟ - نعم، وأعرف أن جمهوري الذي أحبني في"مذكرات أميرة"صُدم عندما اكتشفني نصف عارية في"هافوك"، لكنه أدرك حينئذ أنني ممثلة متكاملة قادرة على أداء كل أنواع الشخصيات، وإنني لا أشبه في حياتي اليومية، بطلة"مذكرات أميرة"الطفولية الساذجة. لقد اكتسبت أيضاً فئة جديدة من المتفرجين، لم تكن تعيرني أدنى أهمية واعتبرتني إلى ذلك الحين ممثلة متخصصة في أفلام الصغار. أنا لم أعمل في خمسين فيلماً للصغار، بل في اثنين فقط، لكن الأمر كان كافياً لإعطاء فكرة خاطئة عني للجمهور العريض. ماذا عن فيلم"جبل بروكباك"الحائز على ثلاث جوائز أوسكار، فهل غيّر أي شيء في حياتك المهنية؟ - إنه لم يغير الكثير على رغم نجاحه العريض وفوزه بثلاث جوائز أوسكار دفعة واحدة، ذلك أن كل الأدوار الرئيسية فيه رجالية، وقد ظهرتُ في لقطات قليلة في دور شخصية زوجة أحد البطلين. لكن الفيلم سمح طبعاً للجماهير في العالم كله، برؤيتي فوق الشاشة، وهذا شيء جيد بلا شك. أما الفيلم الذي غير مجرى الأمور حقيقة في مشواري الفني، فهو"الشيطان يرتدي برادا". كيف حصلت على الدور إلى جوار ميريل ستريب؟ - خضعتُ بمنتهى البساطة للاختبار التقليدي أمام الكاميرا، ومن كثرة ارتباكي وقعت عن الكرسي أثناء قراءتي النص، ما أثار ضحك ودهشة كل من المخرج ديفيد فرانكل وشلة المنتجين الجالسين حوله، فقرروا بالإجماع منحي الدور من دون أي تردد، خصوصاً أن تصرفي كان يليق تماماً بشخصية أندريا، الشابة التي تحصل على وظيفة سكرتيرة شخصية لرئيسة تحرير أكبر مجلة موضة في العالم، فتتصرف تماماً مثلما تصرفت أنا في الاختبار، وأقصد أنها تفعل كل ما لا يجب فعله من أول النهار وحتى أخره. هل تعرفين عالم الموضة أساساً، وهل تقرأين المجلات المتخصصة فيها؟ - ألقي نظرة على"فوغ"و"هاربرز بازار"و"كوزموبوليتان"و"ماري كلير"، مثل أي امرأة عادية، لكنني لم أكن على دراية بالجو الذي يسود قسم التحرير في هذه المجلات، ولا بالمنافسة الضارية بينها كلها. لقد ذهلتُ حينما علمت أن الشخصية الطاغية التي لا ترحم أبداً والتي تؤديها ميريل ستريب في الفيلم، منقولة مباشرة عن شخصية رئيسة تحرير مجلة"فوغ"الأميركية. كيف كانت علاقتك بميريل ستريب أثناء التصوير؟ - سيئة، فهي تعمدت معاملتي خارج أوقات التصوير، بالأسلوب نفسه الذي عاملتني به في إطار حبكة السيناريو، وفعلت ذلك حتى لا تنشأ بيننا أدنى صداقة قد تؤثر علي وتقلل من فعاليتي أمام الكاميرا. لقد أرادت إثارة ارتباكي طوال الوقت، مقتنعة بأن الفيلم سيربح من وراء هذا الشيء. وهل كانت على حق؟ - كلياً، فأنا كنت أخاف المرور بالقرب منها أو حتى قرب غرفتها الشخصية فوق بلاتوه التصوير، حتى لا أتعرض لنظراتها القاسية وابتسامتها الساخرة. وفي آخر أيام التصوير، جاءت إلي وحضنتني وكأنني ابنتها واعتذرت عن تصرفها مفسرة بأنه لم يكن سوى بهدف خدمة العمل الفني. مثل الأم ألم يكن الأمر بمثابة إهانة لك كممثلة؟ - لا، فهي لم تفكر في ذلك لحظة واحدة، واعتبرتني شابة تنقصني الخبرة فتصرفت حسب ما رأته الأفضل بالنسبة الى العمل في حد ذاته. لقد رأيتها تتصرف مثل الأم مع كل الشبان والشابات في الأستوديو، من ممثلين وتقنيين، فهي ترغب في أن تحمي الأصغر منها، وفي الوقت نفسه تأخذ حماية العمل بأكمله على عاتقها. أنها طيبة جداً، لكن مزاجها صعب ويتطلب الكثير من الديبلوماسية من الغير، خصوصاً أنها لا تقبل المعارضة بالمرة. هل تعلمت منها من الناحية المهنية؟ - حاولتُ ملاحظة بعض الأشياء وتعلمها، لكن بلا جدوى. واندهشت أمام قدرة ميريل ستريب على التحول في ثوان من امرأة شبه عادية في الأستوديو، إلى نجمة ساطعة فور أن تدور الكاميرا. هذا هو سر النجمات. وأعتقد بأن أكبر معاهد الدراما في العالم عاجزة عن تعليم هذا الأمر إلى طالباتها، لأنه عبارة عن موهبة طبيعية موجودة في الشخص منذ الولادة، ولا تحتاج في ما بعد إلا الى مجهود بهدف الحفاظ عليها وتطويرها. أما إذا كنتُ أتمتع بمثل هذه الموهبة، فالأمر لا يزال في عالم الغيب تضحك. من هن ممثلاتك المفضلات؟ - ميريل ستريب طبعاً، ثم سيغورني ويفر وميشيل فايفر وكيت بلانشيت. كتب عنك أنك فشلت في الحصول على بطولة فيلم"شبح الأوبرا"وفازت به الممثلة الناشئة إيمي روسوم، فما سبب ذلك؟ - كنت مشغولة بالعمل في فيلم آخر، فاضطررت لرفض الدور. هذا كل ما في الأمر. هل تغنين، بما أن"شبح الأوبرا"يتطلب لدى أبطاله موهبة صوتية قوية؟ - أنا مغنية من نوع"سوبرانو"وشاركت في أعمال مسرحية استعراضية في نيويورك وحتى في لندن. قرأنا عنك أنك سافرت إلى نيكاراغوا في الصيف الفائت للمشاركة في برنامج طبي يخص الصغار، فما هي صحة هذا الخبر؟ - الخبر صحيح، فأنا أود تكريس بعض وقتي للمشاركة في البرنامج الصحي الذي تضعه الأممالمتحدة من أجل حماية الأطفال وعلاجهم في البلدان الفقيرة، وقد سافرت فعلاً إلى نيكاراغوا في شهر تموز يوليو الماضي وساهمت في تنفيذ هذا البرنامج. وكيف تعيشين التناقض بين نجوميتك وأعمالك الخيرية، أقصد بذلك الانتقال من جو فاخر إلى أخر يميزه الحرمان؟ - أنظر إلى الموضوع وكأنه عملية توعية أعيشها شخصياً كلما ترددت إلى بلد فقير، فأنا لا أزال شابة ولا بد لي من صقل شخصيتي واكتشاف أن العالم لا ينحصر في هوليوود. كيف كانت تجربتك السينمائية الحديثة في الفيلم الذي يروي سيرة الكاتبة جين أوستين؟ - أنها بلا شك أحلى وأصعب تجربة سينمائية عشتها حتى الآن. وقد رفضت الدور في أول الأمر، ثم عدت ووافقت عليه بعدما نصحني المخرج الكبير أنغ لي، الذي سبق له إدارتي أمام الكاميرا، بقبوله وتجاوز مرحلة الخوف من صعوبته. وهذا ما فعلته، لكنني ممنوعة من الكلام عن هذا الفيلم الآن، لأنه لا يزال في مرحلة التنفيذ النهائي ولن ينزل إلى الأسواق قبل العام 2007.