أدى فوز الديموقراطيين في انتخابات الكونغرس النصفية، وإطاحة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، وهو ارتبط اسمه بالحرب على العراق، وتعيين روبرت غيتس، رئيس الاستخبارات في عهد الرئيس بوش الأب، وزيراً للدفاع ، الى انتشار تحليلات غريبة. وتزعم هذه التحليلات أن الحرب على العراق انتهت، وان الجيش الاميركي بدأ يعد العدة للانسحاب من العراق. وهذه الأقوال باطلة. فالرئيس الاميركي جورج بوش اعتبر انسحاب جيشه من العراق هزيمة وطنية. وهذه الهزيمة مرفوضة. وعليه، لن ينسحب الجيش الاميركي من العراق قبل ان يشتد عود الحكومة العراقية، وأن تبسط سيادتها على بلدها وتحمي مؤسساتها. ولا شك في أن السياسة الاميركية مُنيت بفشل ذريع بالعراق، وأن الانتخابات حملت رياح التغيير. فرحيل رامسفيلد هو إقرار بالفشل. وكان فوز الديموقراطيين في الانتخابات بمنزلة استفتاء شعبي عام على سياسة بوش بالعراق. ولكن تعديل السياسة الاميركية لا يعني ان الجيش الاميركي سيرحل عن العراق الشهر المقبل. وفي دول العالم يرتبط تغيير النهج السياسي بتغيير القياديين والمسؤولين. وعلى هذا سارت الأمور بواشنطن. وعلى خلاف ما هو شائع، لم يحل قادة ديموقراطيون محل قادة جمهوريين. فبعض الجمهوريين خسروا في الانتخابات، وفاز جمهوريون آخرون، من تيار آخر، بمقاعدهم. وتخلى الرئيس بوش عن طاقمه السياسي، ومعظم أعضائه جمهوريون معروفون بالمحافظين الجدد، واستبدلهم بطاقم جمهوري معروف بالواقعية، سبق له العمل مع الرئيس بوش الأب. والحق أن روبرت غيتس، وزير الدفاع الجديد، ينتمي الى تيار الجنرال برينت سكوكروفت، مستشار الرئيس بوش الاب للأمن القومي. وكانت وزيرة الخارجية، كونداليزا رايس، من أنصار هذا التيار المعروف بقربه من هنري كيسنجير، الخبير الاستراتيجي الكبير ووزير الخارجية سابقاً. وستوقف المراقب أن سكوكروفت هو رئيس مجلس الصداقة الاميركية - التركية. وكان يزور تركيا يوم عين طاقمه في المناصب الجديدة. وبحسب تصريحات سكوكروفت الى الصحافة التركية، تحول عقبات دون بقاء القوات الاميركية بالعراق. وعلى خلاف سياسيين أميركيين آخرين من المحافظين الجدد، لا يدعو سكوكروفت الى قيام ثلاث"دول"عراقية. فحل الازمة العراقية ليس على هذا القدر من اليسر. ويناهض سكوكروفت انسحاب القوات الاميركية الى شمال العراق. وهو يرى أن إدارة الاميركيين العراق لا غنى عنها الى حين حل أزمة هذا البلد. ولا شك في أن وزير الدفاع الجديد، غيتس، يوافق سكوكروفت الرأي. ويحوط بوش الابن نفسه بمستشاري والده بوش الاب، وهم سياسيون يتسمون بالواقعية وينبذون تغيير الانظمة بالقوة العسكرية. فمن المتوقع، عليه، أن تنحو السياسة الاميركية بالعراق الى الاستعاضة عن الموضوعات الفلسفية والخيالية مثل تصدير الديموقراطية الى الشرق الاوسط، بسياسات تعزز استقرار العراق والمنطقة. فيؤدي الجيش الاميركي دوراً ثانوياً بالعراق، ويسلم حفظ الامن الى جيش عراقي غالبيته من الشيعة، ويحصر القتال بالعراقيين. تدعى سورية وايران الى تعزيز استقرار العراق. وقد تسعى واشنطن الى عقد مؤتمر دولي من اجل العراق. فجايمس بيكر، وزير الخارجية الأسبق المكلف إعداد تقرير عن الوضع في العراق، كان مهندس مؤتمر مدريد في 1991. ولا ريب في أن طاقم الرئيس بوش الجديد مقرب من تركيا. والتغييرات المرتقبة تعزز الموقف التركي والاستقرار، وتفتح صفحة جديدة وجيدة في العلاقات التركية - الاميركية. عن جنكيز شاندار، "بوغون" التركية ، 11 /11 / 2006