تدور المناقشات السياسية الاميركية، اليوم، حول سياسة الديموقراطيين، إثر عودتهم الى الاشتراك في الحكم مع رئيس جمهوري. وقد يكون الجواب عن هذه الأسئلة مبكراً. ولكن ثمة ما يدل الى سير الديموقراطيين المنتخبين نحو القومية الاقتصادية. وعلى خلاف رئيسة مجلس النواب القادمة، نانسي بيلوزي، وُصف معظم الديموقراطيين الفائزين في الانتخابات النصفية بالمعتدلين أو المحافظين الاجتماعيين. ولعل خير عبارة تصف معظم أعضاء مجلس النواب الديموقراطيين الجدد هي"الديموقراطيين غير الليبراليين". وفي حملاتهم الانتخابية دعا هؤلاء الى كبح التجارة الحرة والعولمة، وحملوا على الاعتدال في سياسات الهجرة. ولا شك في وجوب التمييز بين الشعوبية الاقتصادية والقومية الاقتصادية. ففي عام 2000، ترشح نائب الرئيس السابق، آل غور، الى الرئاسة حاملاً لواء الشعبوية الاقتصادي، على غرار ما فعل جون كيري في 2004. ودعا غور وكيري الى رفع الحدّ الأدنى للأجور وهذا ما عجز عنه غباء الجمهوريين والتصدي للاقتطاع الضريبي. وهذا ما أقره بوش وخص به الاغنياء. وعلى خلاف المطالب الشعبوية الاقتصادية التقليدية هذه، وجه معظم الديموقراطيين رسالة قومية اقتصادية الى الناخبين في حملاتهم الانتخابية. وشأن الشعبوية الاقتصادية، تستند القومية الاقتصادية الى ظروف العمال السيئة. ولكن القومية الاقتصادية تلقي باللائمة على الفقراء الاجانب عوض الاغنياء المحليين. وأبرز المرشحين القوميين هذا العام هو شيرود براون، صاحب كتاب"أساطير التجارة الحرة: سبب فشل السياسة التجارية الأميركية". وأصبح براون نائباً عن أوهايو. وهذه الولاية خسرت مئتي ألف وظيفة صناعية منذ تولي بوش سدة الرئاسة. ولا يتذمر القوميون الاقتصاديون من منافسة الهولنديين، أو الايرلنديين، العمال الاميركيين. فهم يصبون حمى غضبهم على الصين والمكسيك، وأحياناً على دبي والبيرو وعمان وفيتنام. ففي ولاية فرجينيا، دان جايمس ويب نقل الوظائف إلى الخارج. وهاجم الجمهوري جورج آلان لاقتراعه على دخول"عمال أجانب"إلى ولاية. وفي ميسوري، نددت السيناتورة كلير ماك كاسكيل بالاتفاقات التجارية غير العادلة، وبانتقال الوظائف الأميركية إلى الخارج. وفي ميتشيغان، ضاعفت السيناتورة الديموقراطية ديبورا ستابناو حظوظ فوزها، وتعهدت تأسيس مكتب فيديرالي ينظر في صفقات التجارة غير العادلة مع الحكومات الأجنبية. وكانت بعض الحملات الانتخابية قومية متطرفة. وخلط المرشحون الديموقراطيون بين المهاجرين غير الشرعيين والإرهابيين، وطالبوا بإنشاء جدار على الحدود المكسيكية. وفي بينسلفانيا، هزم الديموقراطيون الجمهوريين، واستولوا على مقاعدهم بعد تهمتهم بپ"تدمير"وظائف أميركية جيدة جراء تصويتهم على اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا الوسطى، والتراخي في مسألة الهجرة. والحق أن القومية الاقتصادية ليست حكراً على الديموقراطيين، ولا هي سياسة جديدة ينتهجونها. ففي الثمانينات، مال الديموقراطيون شطر القومية الاقتصادية، وعزوا تدهور الصناعة الأميركية الى الاستيراد. وفي 1992، دعا بيل كلينتون في حملته الانتخابية الى دعم اتفاق التجارة الحرة مع أميركا الشمالية، وناصر التجارة الحرة والعولمة في اثناء ولايته. ويتوقع ألا يمدد الكونغرس الجديد تفويض الكونغرس القديم الرئيس بوش تولي مفاوضات"التجارة السريعة". وعليه، قد تكون الانباء عن"دورة الدوحة"دورة مفاوضات منظمة التجارة الحرة بالدوحة، وعن الاتفاقات التجارية الثنائية مع كوريا الجنوبية، سيئة. وقد يحمل الديموقراطيون الكونغرس على فرض عقوبات على الصين جراء"التلاعب بالعملة"خفض سعر اليوان دون قيمته الحقيقية. فأيام التجارة الحرة ولت بعد انتخابات 2006، وآن أوان عهد سياسات الحماية الاقتصادية. عن جاكوب وايزبورغ محرر موقع"سلايت"، "فايننشال تايمز" البريطانية، 8 / 11 / 2006