يزمع الرئيس الاميركي جورج بوش على استغلال شعبيته الكبيرة التي اكتسبها لدوره ك"زعيم حرب" انتصر في العراق ويواصل بنجاح مكافحة التهديد الارهابي وضمان الامن الداخلي في الولاياتالمتحدة، من أجل خوض المعركة وتهميش المصاعب الاقتصادية التي قد تؤثر على اعادة انتخابه في تشرين الثاني نوفمبر 2004. ويخيم شبح شعبية بوش على فرص منافسيه الديموقراطيين، في وقت يواجه الحزب الديموقراطي مشكلة في اختيار أحد مرشحيه التسعة إلى الرئاسة الاميركية، بسبب تشابه برامجهم الانتخابية، بحسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن تايمز" أمس. ويذكر أن المرشحين الديموقراطيين التسعة هم: جوزف ليبرمان وريتشارد غيبهاردت ودينيس كوسينيتش وجون كيري وهوارد دين وبوب غراهام وجون إدواردز وكارول براون والقس آل شاربتون. ويجمع هؤلاء على سياسات واحدة في ما يتعلق بزيادة الضرائب والتشدد في حيازة الاسلحة وتعزيز نظام الرعاية الصحية، وهي كلها تتناقض مع سياسات الجمهورين المحافظة. ويأتي ذلك في وقت قررت محكمة فيديرالية في واشنطن نقض قرار الكونغرس تحديد التبرعات للحملات الانتخابية باعتباره "غير دستوري". وفي حال صدقت المحكمة العليا على هذا القرار فان ذلك يفتح الباب على مصراعيه لتدفق ملايين الدولارات على المرشحين التي قد يستفيد منها الديموقراطيون لموازنة الحملة الاعلامية التي يشنها الجمهوريون لتحسين صورة بوش. ورأى توماس مان الخبير السياسي في معهد "بروكنغز" أن مشاهد وصول بوش الخميس الماضي، في طائرة تابعة للبحرية الاميركية إلى حاملة الطائرات ابراهام لينكولن قبالة شواطئ كاليفورنيا والخطاب الذي ألقاه أمام القوات الاميركية لاعلان انتصار الولاياتالمتحدة في معركة العراق، كانا بمثابة "عملية إعلامية متقنة". وتابع مان: "إنها خلاصة الحملة التسويقية للترويج لرئيس منتصر". ورأى دنيس غولدفورد الخبير السياسي في جامعة دريك أيوا أن البيت الابيض يعتزم الاستمرار في تعبئة الرأي العام على الصعيد الامني حيث يحظى الرئيس الجمهوري وحزبه بتقدم كبير على الديموقراطيين الذين يعتبرون بصورة إجمالية من مؤيدي السلام. وأفاد أن 60 في المئة على الاقل من الاميركيين بحسب استطلاعات الرأي، تضع ثقتها في الجمهوريين لصيانة الامن القومي، في مقابل 20 في المئة تثق اكثر في الديموقراطيين. ويراهن بوش بالتالي على هذا المكسب للتعويض عن المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الاميركي والتي تهدد بتكرار فشل جورج بوش الأب الانتخابي عام 1992، على رغم انتصاره على صدام حسين عام 1991 في معركة تحرير الكويت. ومني الرئيس السابق آنذاك بفشل أمام بيل كلينتون الحاكم غير المعروف على رغم أنه كان يتمتع بشعبية تفوق شعبية ابنه اليوم، بسبب الانكماش الذي عانى منه الاقتصاد بشكل متواصل. غير أن غولدفورد اعتبر أن البيت الابيض في عهد جورج بوش الابن كان مسيسًا اكثر منه في عهد والده وهو بذلك اقرب الى ولاية رونالد ريغان. ويركز جورج بوش ومستشاروه اليوم على الاقتصاد ويعملون على حمل الكونغرس على إقرار برنامج لانعاش الاقتصاد ينص بصورة خاصة على خفض كبير في الضرائب، في حين يتردد الكونغرس ذو الغالبية الجمهورية في اعتماد هذا البرنامج. غير أن العديد من الخبراء الاقتصاديين يعتبرون أن هذه الاجراءات قلما تنشط الاقتصاد على المدى القريب والمتوسط. وفي حال أقر الكونغرس قسماً من هذه الاجراءات وأدى ذلك إلى تحريك الاقتصاد، فسيكون عندها في وسع الرئيس أن يعلن جدوى خطته قبل حلول موعد الانتخابات. أما في حال فشل الاجراءات، فسيكون أمامه بنظر غولدفورد احتمال إلقاء اللوم على الجمهوريين المعتدلين والديموقراطيين في الكونغرس الذين اجتزأوا خطته الاقتصادية. غير ان ستيفن مور رئيس مجموعة ضغط مقربة من البيت الابيض أوضح لصحيفة "نيويورك تايمز" أن "بوش قد يكون أكثر عرضة لحملات الديموقراطيين إن قرر التركيز من الآن فصاعداً على الاقتصاد بالرغم من شعبيته على صعيد الامن القومي". واضاف انه مع انتهاء حرب العراق "يركز الاميركيون على وضع سوق التوظيف وضعف بورصة وول ستريت"، مذكراً بأن أي رئيس أميركي لم يفز بولاية ثانية خلال القرن العشرين في حين سجلت البورصة في عهده تراجعاً.