يلح منير خوري في كتابه "حدود المجتمع : مقاربة سوسيولوجية في تحليل وتحديد بعض المفاهيم الاجتماعية، دار نلسن، السويد/ لبنان على ان المشكلة الأساسية التي يعانيها العالم اليوم ليست في صراع الحضارات ولا في الحوار حولها لأن الحضارات، بالمفهوم العلمي السوسيولوجي تتعايش وتتحاور وتتجاور، لا تتصادم ولا تتصارع، بل الذين يتصارعون ويدعون الى الحوار يسيئون عن جهل أو سوء نية، الى معنى الحضارة، من هنا دعوة د. خوري الطلاب والأساتذة والمفكرين، خصوصاً في حقول العلوم الاجتماعية الى تحديد معاني بعض هذه المفاهيم المتراكمة والطاغية على العقلية الجماهيرية في شكل خاص، وأحياناً كثيرة تنال من حقيقة معانيها العلمية، ما أدى الى ما نراه اليوم من فوضى فكرية والى ما يشبّهه المؤلف بحوار الطرشان. ولا يغيب عن باله ان الأفكار المثالية التجريدية المطلقة، وإن كانت صعبة المنال تبقى دائماً وأبداً كالمنائر أو كالنجوم لا نستطيع الوصول اليها الا انها دوماً توجه طريقنا وتنير مسيرتنا وتقوّم اعوجاجنا، ومن هنا ضرورة تحقيق الذات. عين المؤلف دائماً على الوعي القومي، ولا عجب فهو قومي اجتماعي عتيق، ولذا يرى ان الوعي القومي الحضاري يشكّل الحلقة الأساسية في سلسلة المدنية الإنسانية - الحضارية، مع امكان تفتحها على التفاعل والتواصل مع المفاهيم العالمية، فيرى الباحث اننا اذا تبنينا هذه المبادئ يبقى الوعي القومي - الحضاري حركة علمية ديناميكية متطورة، فهي لا تنكمش على نفسها فتقفل الأبواب والنوافذ من حولها لتختنق ولا تنجرف وراء تيارات عاطفية تقذف بها الى حيث لا تدري. يقرّ خوري بأن عالمنا العربي يمرّ اليوم في مرحلة من أدق مراحله التاريخية المصيرية، فما تبلبل القيم عندنا إلا سبب رئيس لهذا التخبّط والضياع، فيشير الى ان اهتزاز ميثاق القيم المجتمعية كان وما زال وراء هذه البلبلة السلوكية. أما الحلول التي يقترحها المؤلّف فهي تحقيق الديموقراطية الحقيقية التي تشجع الأحزاب على تبني الأسس العلمية والفلسفات المنطقية، وفي طليعتها العلمانية. في تقديمه كتاب خوري يشير عادل ضاهر الى أهمية دعوة المؤلف الى تشجيع الأحزاب العقائدية وتأكيده على دورها في منع التحكّم الفئوي الأليغارشي وترسيخ الممارسة الديموقراطية. كتاب منير خوري زبدة تجربة قومية اجتماعية على مدى ستين عاماً.