يرى العديد من طلبة الجامعات في العراق ان السنة الاخيرة من دراستهم هي اقصر السنوات في حياتهم الجامعية. فهم في هذه السنة يستعدون لتوديع المجتمع الجامعي بعد ان عاشوا فيه سنوات كانت بالنسبة الى كثيرين منهم، امتع سنوات العمر، ساعدت في انضاج افكارهم وتطلعاتهم نحو المستقبل. غير ان هناك جانباً آخر في هذه الحياة غالباً ما يبقى"طي الكتمان"بالنسبة الى الجنسين يتمثل في الافكار والانطباعات التي خرج بها كل منهما عن الآخر بعد مدة اختلاط تراوحت بين 4 و 6 سنوات هي سنوات الدراسة في غالبية الجامعات العراقية. وتؤكد سوسن سامي الطالبة في المرحلة الاخيرة من كلية اللغات انها"تشعر بأن سنوات الدراسة الجامعية مرت مرور البرق في ليلة عاصفة ممطرة"، وتقول انها تستعد بعد اشهر قليلة هكذا تنظر الى سنة دراسية لا تزال في بدايتها! لمغادرة الجامعة بعد رحلة دامت اربع سنوات تعلمت فيها الكثير، فهي لا تزال تذكر اليوم الاول الذي دخلت فيه الجامعة وهي تحمل مشاعر متضاربة بين الخوف من الاختلاط مع"الجنس الآخر"والرغبة في التعرف الى الرجل خارج اطار المنزل والاهل. وهي ترى، بعد السنوات التي امضتها، ان كلا الجنسين في الجامعات يخضع الجنس الآخر للمراقبة الدقيقة خلال سنوات الدراسة، وانها من جانبها، كانت تدخل في نقاشات تحتدم بعض الاحيان مع زملائها حول سلوك الطالبات والطلبة وسط انتقادات الطرفين اللاذعة. ولا تخفي شعورها بأنها كانت تحلم يوماً بأن تجد"فارس احلامها"في الوسط الجامعي لكنها تقول ان هذا الحلم بات صعباً مع تقدم سنوات الدراسة لانها بدأت تكتشف اشياء جديدة في شخصية الشباب لا تتلاءم مع ميولها وتطلعاتها، لا سيما ان غالبية الطلبة يحملون هموماً كبيرة هي انعكاسات واضحة لمعاناة المجتمع العراقي في الوقت الحالي ورغبة الكثيرين منهم في الحصول على فرص عمل خارج البلاد، او الحصول على"تأشيرة هجرة"بعد ان حاصرتهم مخاوف التصفية والمشكلات الامنية. وتؤكد سوسن ان النظرة الاساسية التي تبلورت في ذهنها عن الشباب الجامعي تنحصر في اربع حالات: فهو اما ان يكون عاجزاً عن النهوض بأعباء عائلة اذا ما قرر الزواج، او مثقلاً بالهموم الشخصية متخوفاً من المستقبل، او مكافحاً يجمع بين الدراسة والعمل نتيجة الوضع الاقتصادي، او انهزامياً يبحث عن فرص الهرب وترك البلاد وشأنها، ملتفتاً الى شأنه وحده. وعلى رغم ان النوع الثاني يستهويها اكثر من البقية الا انها ترى ان غالبية هؤلاء الطلبة يفضلون الزواج من قريباتهم وباختيار عائلاتهم خشية ظهور فوارق اجتماعية قد تعكر عليهم صفو حياتهم. اما احمد عبد الرضا، وهو طالب في المرحلة الاخيرة من كلية الاعلام في جامعة بغداد، فيرى ان مرحلة الاختلاط بين الجنسين في الجامعة باتت امراً ضرورياً ليتعرف كل من الطرفين على افكار الآخر، ويقول ان زميلاته في الجامعة"ساعدن في انبثاق تصور واضح عن طبيعة حياة المرأة وافكارها السلبية منها والايجابية". ويرى"ان الشباب الجامعي في مرحلته الدراسية الاخيرة غالباً ما يحمل مشاعر وافكاراً متضاربة بين الفرح في استكمال مرحلة مهمة من مراحل حياته والخوف من المستقبل المجهول الذي ينتظر غالبية الشباب في الظروف السياسية والامنية الحالية التي تعيشها البلاد"، مشيراً الى ان"احلامهم كشباب في الحصول على فرص مناسبة للعمل او الزواج باتت تواجه بمعوقات يصعب التغلب عليها مثل عدم توافر الوظائف وسوء الوضع الامني الذي يدفع بالكثيرين الى التفكير بمغادرة البلاد". مضيفاً ان"المرحلة الاخيرة في الجامعة تمثل حداً فاصلاً، مهماً ومخيفاً في الوقت ذاته في حياة الشباب الجامعي بالنسبة للطرفين". وعن تصوراته وافكاره التي تبلورت عن الجنس الآخر في الجامعة يؤكد ان الفكرة التي يخرج بها كل طرف عن الطرف الآخر تعتمد على خلفيته الثقافية والمستوى الاجتماعي له،"فبعضهم يرى ان الوضع العام السائد في البلاد يفرض على الفتاة ترك الدراسة مفضلاً بقاءها في المنزل، فيما يرى آخرون ان حق التعليم مشترك بين الجنسين"، ويقول انه شخصياً يشجع المرأة التي تعمل بعد الدراسة ويؤيد افكارها ويؤكد انه استقى هذه الفكرة من احترامه الشديد لاحدى زميلاته"التي اظهرت تفوقاً كبيراً في الدراسة على رغم كونها تمارس العمل الى جانب الدراسة"وانه تعلم من زميلته هذه الكثير،"مثل الصبر والاصرار على الوصول الى الهدف المنشود".