الأمير عبدالعزيز بن سعود يرأس الاجتماع السنوي ال 32 لأصحاب السمو أمراء المناطق    بلدية البطين تحقق نمو في الإيرادات البلدية بنسبة 72% من المستهدف المالي    هيئة تطوير عسير وهيئة الصحفيين تنظمان ملتقى إعلاميي عسير    قطاع ومستشفى النماص يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لمكافحة السمنة"    مستشفى إرادة والصحة النفسية يُنظّم فعالية "التوعية باضطراب الأكل"    مستشفى خميس مشيط العام يُنفّذ فعالية "الشهر العالمي للتغذية"    تأمينا لخطوط الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية.. أمريكا تواصل ضرباتها لإفقاد الحوثيين القدرة على استهداف السفن    الصين تحذر تايوان من الخطاب الانفصالي    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لمواجهة نظيره الصيني    "الثلاثي السعودي آسيوياً وفرق الشرق"    الاتحاد السعودي للهجن يختتم دورة تدريبية لمنسوبيه    ظاهرة غياب الطلاب والطالبات في رمضان    المدينة: 62 ألف غرفة ضيافة مرخصة    الأردن يدعو مواطني ومقيمي دول مجلس التعاون الخليجي لاكتشاف روائع المواقع التراثية المصنّفة ضمن قائمة اليونسكو    "هدية" تخدم مليوني مستفيد في النصف الأول من رمضان    ابن سلمة زار عدة مصانع والتقى مستثمرين.. تمكين الصناعات السعودية وتحفيز استثماراتها    230 مليون سهم تداولات السوق السعودي    تأهيل الرعاية الصحية بالقطاع.. عبد العاطي: مصر والأردن تدربان الشرطة الفلسطينية لنشرها بغزة    جهاز داخل الرحم (2)    الأمير سعود بن نهار يستقبل مدير صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف"    محافظ الأحساء يرعى ختام أنشطة جمعية "قبس"    عبدالعزيز بن سعود يرأس الاجتماع السنوي ال 32 لأصحاب السمو أمراء المناطق    أمانة حائل تطلق فعالية "بسطة خير السعودية" ضمن موسم رمضان    من شارع الأعشى إلى بوسطن الأمريكية    إرث عمراني وثقافي    الشيخ سعد بن مريع أبودبيل يتبرع لجمعية آباء لرعاية الأيتام بمحافظة أحد رفيدة    تكفينا جنة الأعرابي    لن يكون الإسلام صحيحا حتى يكون نظيفا    وشاح الملك عبدالعزيز لسفيري فلسطين ومصر    بوتين وترمب يبحثان اليوم هاتفياً إنهاء حرب أوكرانيا    الشهري مدرباً للاتفاق حتى 2027    بتوجيه الملك وبناء على ما عرضه ولي العهد.. صرف أكثر من ثلاثة مليارات ريال معونة رمضان لمستفيدي الضمان الاجتماعي    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق تداولاتها على ارتفاع    "البديوي": إعادة إعمار سوريا واستقرارها ضرورة إنسانية وأمنية للمنطقة بأسرها    الأربعاء.. الأهلي يواجه القادسية في نهائي كأس السيدات    العتودي مساعدًا لرئيس بلدية بيش    الموهبة رائد عسيري: الصدفة قادتني إلى النجومية    أمسية شعرية ضمن أهلا رمضان    بداية من الأربعاء أمطار رعدية على معظم المناطق    78 مليونا لمستفيدي صندوق النفقة    غلفها بزيادة لتعزيز سلامة الغذاء والصحة العامة    8 خدمات نوعية للقطاع الوقفي    مسجد "عِتبان بن مالك الأنصاري" مَعْلمٌ تاريخي يرتبط بالسيرة النبوية في المدينة المنورة    هدف لاعب الرياض "إبراهيم بايش" في شباك الاتحاد الأجمل في "جولة العلم"    تطبيق العِمَارَة السعودية على رخص البناء الجديدة    %70 نمو ممارسة المشي    5 أحياء تستقطب زوار جدة والإيجار اليومي نار    تتبع وإعادة تدوير لوقف هدر الأدوية    صقور نجد يتوج بكأس بطولة الوسطى للهوكي ويحصد الميداليات الذهبية    العلم الذي لا يُنَكّس    الحوثيون يستهدفون حاملة طائرات أميركية للمرة الثانية    وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية يتفقّد قوات الأفواج بمنطقة نجران    أخطر رجل في الجماعة الإرهابية: مرحلة الإمارات (7)    إصلاح قدرات الناتو ضرورة لمواكبة التهديدات المتسارعة    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب محفوظ سارداً حكايات الشباب إبان حرب 1967
نشر في الحياة يوم 04 - 10 - 2006

"تيار من الخلق لا ينقطع. يتلاطم في جميع الاتجاهات. تند عنه أصوات من شتى الطبقات". بهذه الكلمات الحاسمة تبدأ رواية نجيب محفوظ الحب تحت المطر - 1973. إنها البداية التي تضارع بيان الرواية عما ستكون، وكما عبّر الكاتب نفسه في حوار لعبدالرحمن مجيد الربيعي معه، إذ قال بعيد صدور الرواية:"هي عبارة عن مجموعة صور تكوّن أخيراً مجموعة حكايات، تعكس في جملتها اختلالاً شاملاً".
تمور الرواية بالأجيال والطبقات في عرض للمجتمع المصري إثر هزيمة 1967، وعلى ايقاع ما اعقبها من حرب الاستنزاف. على أن نبض الرواية الأكبر هو الشباب الذين يسمهم القلق ويحرقهم النزوع الى وضع انساني لائق، ليس الحب غير شارة اليه، بينما يؤرجحهم اللهو في مناخ خانق الى درجة القتل وقد توزع الشباب في أزواج، أوله مرزوق وعليات المتخرجان للتو من الجامعة، والمقبلان كالآخرين والأخريات على مستقبل مجهول إبان الحرب، يثير التساؤلات التي يتصدى لها مرزوق بلا مبالاة، معزياً نفسه وعليات بضآلة ما يواجهان قياساً الى متاعب العالم.
بموازاة هذه العلاقة تقوم علاقة ثانية بين ابراهيم شقيق عليات وسنية، وعلاقة ثالثة بين منى زهران وسالم علي الذي لا يفتأ يردد"الحب أهم شيء في الدنيا". وربما كانت هذه العلاقة هي الأثرى والأعقد، إذ تتعرج وتتفسخ وتلتئم - بسبب تطرف منى وحساسيتها - الى ان تتوج بالزواج إثر اصابة ابراهيم في الحرب ووقوعه في العجز.
الوجه الآخر لمعاناة الشباب هو الحرب. ففي ناصية الأميركيين يحتشد جمع هائل من الشباب المغني الراقص العابث. وإذ يثور احتجاج ضدهم"اخجلوا من أنفسكم واذهبوا الى الجبهة إن كنتم رجالاً"ص 35 تنطلق اسئلتهم: لِمَ يريد أن يرسلنا الى الجبهة قبل الأوان؟ وتتتالى من ثم الصفحات 36-37-38 ملأى بهموم الشباب الجنسية والسياسية، عاكسة الوعي بالهزيمة، وتصدع الأوضاع القائمة سلطوياً ومجتمعياً وعجزها عن التصدي للهزيمة، مما يخلق ردات فعل شبيبية شتى: هجرة، عمل فدائي، لهو وسخرية... ولعل التجلي الأكبر لوجه الحرب في معاناة الشباب قد تبدى من خلال شخصية ابراهيم، ومن خلال رصد صدى انباء الاستشهاد، وكذلك اثارة مسألة تجدد القتال.
فإبراهيم، حينما يعود الى المدينة بعد حرمان ما بين الإجازتين، يلتهم كل شيء بحواسه، يضيع بين الواقع والحلم، يعاني صدمة الانتقال من جو الى جو، ويزعجه أن أحداً لا يشعر به - بالمقاتلين - إلا الأهل. إنه يرغب في مكافأة الناس على ما يقدم، ليس بالتصفيق، بل بالعمل، لكن اللامبالاة واللهو هما ما يطالع لدى الناس. وإذ تنطفئ الأنوار وهو برفقة أخته عليات، يجاريها في سخريتها من هذه التمثيلية، فأمهر المؤامرات تحاك في النهار، وفي هذا فضح لعدم الجدية في الاستعداد للمعركة.
من الجيل الأكبر، وفي قمة الهرم الطبقي، تبرز بخاصة شخصية حسني حجازي الذي يوفر المتعة للشابات الثلاث: سنية وعليات ومنى، كما يوفر المال للأوليين كي تتمكنا من متابعة الدراسة. والرجل يخشى من الفقراء جميعاً انقلابهم الى وحش في وجه الحب واللهو، وهذا الذي لم يضحك منذ وقعت واقعة الهزيمة تبريري بامتياز، وهو من يردد:"مصر غالية، والحياة غالية".
ومع حسني حجازي تبرز أيضاً شخصية المحامي حسن حمود الذي يتعاطف مع اسرائيل واميركا، ويحسب للهزيمة حسناتها اذ ألجمت شر الثوار 23 يوليو عن طبقته.
ترسم الرواية بديلاً لكل ذلك في شخصية حامد - الشاب المثقف والسجين السابق - وفي الفدائيين الذين يبدون مسيح اللحظة، ويصفهم حسني حجازي بالمعجزة، ولكنه لا يراهم ضرورة تاريخية ولا أداة قتالية فعالة وممكنة في وجه المأزق التاريخي.
لقد راهن نجيب محفوظ في الحب تحت المطر على البساطة والمباشرة، مما أخذ عليها، فردّ في الحوار المذكور مع عبدالرحمن الربيعي:"إن الترميز لم يعد مقنعاً ولا شافياً... أخشى أن أقول لك بأن الكلمة الفنية تكاد تكون عديمة الجدوى... إن كون الحب تحت المطر بسيطة، لا يمنع من كونها انعكاساً عن الاضطراب العام".
ولعل علينا اليوم أن نستعيد هذه الكلمات، ومثلما نستعيد هذه الرواية، لأن حرب الأيام الثلاثة والثلاثين تصدعنا بما لم تصدعنا به الحروب السابقة، وليس فقط لأن نجيب محفوط قد رحل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.