كان الرئيس العراقي جلال طالباني سبّاقاً الى اعلان احتمال وقف"حزب العمال الكردستاني"اطلاق النار. وبعد يومين على تصريحاته، دعا زعيم الحزب عبدالله اوجلان الى وقف إطلاق النار. وخال بعضهم ان تركيا ستتلقف الخطوة، وترحب بها قبل انتهاء الجنرال جوزيف رالتسون، المنسق الاميركي لمكافحة"حزب العمال الكردستاني"، جولته في المنطقة. ولكن علامات الانزعاج ظهرت على تركيا. فهي عوّلت على إلقاء هذا الحزب السلاح، واستسلام عناصره كلها. فأكراد العراق هم من تولى الوساطة على هذه الهدنة. والاتراك غاضبون"قومياً"من هؤلاء الاكراد. وتوجه وسائل الاعلام التركية سهامها الى جلال طالباني. تدور الأسئلة بتركيا حول التزام"حزب العمال الكردستاني"دعوة قادته وقف اطلاق النار. وأرى شخصياً ان الحزب يلتزم تعليمات قياداته، على ما حصل في الماضي. وعوض صب غضبنا على طالباني و مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان العراق، علينا درس وجوه هذه الخطوة السياسية. والحق أن دعوة اوجلان هي قرار سياسي يختلف عن القرار العسكري . ففي دعوته الى وقف اطلاق النار، ذكر أوجلان أنصار هذه الخطوة من المفكرين و المثقفين، إ حزبه صادق في السعي الى السلم، وتمنى على الدولة مشاركته السعي. وخاطب اوجلان المثقفين و المفكرين، وهم شريحة لا يستهان بها في المجتمع التركي. فحيّد هذه الشريحة عن الدعوات الى إراقة دماء أعضاء"حزب العمال الكردستاني"، والى حملهم على الاستسلام بالقوة. ولا ريب في أن دعوة اوجلان الى صمت المدافع هي نموذج في الحوار. ويصح الأخذ بهذا النموذج لحل المنازاعات في الشرق الأوسط. وفي خطابه، اعترف أوجلان بأخطائه الماضية. ففي 1993، أعلن"حزب العمال الكردستاني"وقف اطلاق النار من جانب واحد أربع مرات، ولكن فرص السلام ضاعت بسبب خلافات داخلية في الحزب وقرارات الحكومات التركية. ولعل أهم ما جاء في بيان اوجلان هو تأييده مساعي اردوغان الى تحول تركيا نموذجاً للديموقراطية والتعايش السلمي بالشرق الأوسط. وشرط هذا النموذج هو التعايش بين الأتراك والأكراد. ودعا أوجلان الحكومة التركية الى اقتناص هذه الفرصة التي قد تكون الأخيرة. فهو يفقد سلطته على حزبه. فهل في وسع تركيا تجاهل دعوة أوجلان، في وقت استبعد علي لاريجاني رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني وخافيير سولانا مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الاوروبي التدخل العسكري لمعاجلة الملف النووي الايراني؟ عن جنكيز شاندار، "بوغون" التركية ، 1/10/2006