مع بدء الدراسة في الجامعات والمعاهد العراقية، واستمرار تدهور الوضع الأمني في بغداد وبقية المحافظات يواجه الطلاب تحدياً كبيراً في مواصلة الحضور والدراسة لاسيما في ما يعرف بالمناطق الساخنة، ما دفع عائلات الى ابقاء ابنائها في المنازل، حفاظاً على حياتهم. المدير العام في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أكد ان اكثر من 4000 طالب قدموا طلبات نقل الى الجامعات التي تقع ضمن الرقعة الجغرافية في محافظاتهم وان وزير التعليم العالي وافق على هذه الطلبات، مراعاة منه لأوضاع الطلبة. وأوضح ان الوزارة"استثنت طلبة المدن الساخنة من شروط النقل لهذا العام". عبير التي كانت على وشك إنهاء رسالة الماجستير، تركت دراستها والتحقت بعائلتها التي آثرت العيش في ديالى شرق بغداد على البقاء في منطقة الغزالية غرب بغداد، بعد ان قتلت جماعة مسلحة شقيقها عادل ورمت جثته عند مدخل الدار، ولم تنفع توسلات صديقات عبير بالعدول عن قرارها ومواصلة دراستها. ولا يقتصر تأثير الوضع الأمني على طلبة المناطق الساخنة بل امتد ليطاول غالبية الساكنين في أحياء بغداد. ترى سارة الطالبة في السنة الثانية من كلية الآداب جامعة بغداد، وتسكن في حي الخضراء، ان تأجيل الدراسة الى العام المقبل هو الحل المناسب بالنسبة اليها،"أملاً في ان يستتب الامن في البلاد وتتضح معالم الديموقراطية والحرية". وتواصل سارة حديثها لافتة الى ان"الانفلات الأمني بدد كل الاحلام والطموحات فكيف يتسنى للطالبات مواصلة دراستهن وسط تهديدات تشترط ارتداء الحجاب، والابتعاد عن كل مظاهر التبرج؟"وتضيف"لقد شاهدت بأم عيني جماعة مسلحة تنهال ضرباً على إحدى الطالبات اثناء خروجها من الحرم الجامعي لأنها لا ترتدي الحجاب"، وتضيف:"لا اريد ان يتكرر الامر معي، لذا آثرت التأجيل والبقاء في المنزل". اما وائل، وهو طالب في المرحلة الثانية من كلية الطب من منطقة الدورة، فيجد ان مواصلة الدراسة في العراق وفي بغداد تحديداً"مغامرة"، ويضيف:"يتكرر المشهد يومياً امامي، فما ان يكتمل عدد ركاب الحافلة التي تقلنا الى باب المعظم، وسط بغداد، حتى تشهر علينا الاسلحة من عصابات وهم يطالبوننا بالكشف عن هوياتنا بحثاً عن ضالتهم التي غالباً ما تكون عمن هو شيعي وفي أحيان عمن هو سني". ويضيف:"العام الماضي اكملته بقدرة قادر، ولا طاقة لي على مواصلة الدراسة هذا العام بينما الحال تزداد سوءاً". وتؤكد نهاد، الطالبة في المرحلة الثالثة في كلية اللغات، وهي من اهالي مدينة الصدر عزمها على المكوث في المنزل ومساعدة والدتها"لأن الوضع العام في المدينة لا يساعدها على مواصلة الدراسة". وتقول"أخشى ان يكون مصيري جثة هامدة في احدى ساحات المدينة". فيما ترى احلام، وهي من منطقة العامرية، ان انتشار الجماعات المسلحة في معظم مناطق بغداد من دون رادع دفع الكثير من طلبة الجامعات للعزوف عن الدراسة هذا العام، منتظرين تحسن الأوضاع الامنية، ولو بعد حين.