التقمّص لو مُتَّ يوماً، وكان عاصفاً قد تتقمَّصُ روحُكَ جسَدَ بَبْر. لو مُتَّ يوماً، وكان ماطِراً قد تتقمّصُ روحُكَ جسَدَ بركةٍ. لو مُتَّ يوماً، وكان مُشمِساً قد تتقمّصُ روحُكَ جسَدَ شُعاع. لو مُتَّ يوماً، وكانَ مُثلِجاً قد تتقمّصُ روحُكَ جسَدَ حَجَل. لو مُتَّ يوماً، وكانَ مُضَبَّباً قد تتقمّصُ روحُكَ جسَدَ وادٍ. لكِن، كما ترونَ الآن، أنا حيّ و أقرأ لكمُ الشعر، لكنَّ روحي، ومنذ أمَدٍ بعيد قد تقمّصت جسَدَ كردستان، وتلبَّسَتهُ!. الاحتراق إلى زكية آلكان * احترقت شجرة... فكتبَ دخانها قصيدة بُكائية للحديقة. وعندما احترقتِ الحديقة... كتبَ دخانها قصّة حزينة للجبل. وعندما احترق الجبلُ... كتبَ دخانهُ نثراً دامِعاً للقرية. وعندما احترقتِ القرية... كتبَ دخانها مسرحية تراجيدية للمدينة. وفي المدينة... كانت ثمة امرأة اختزلت كلَّ جمال الشجر والجبل والقرية والمدينة في قلبها وعينيها وقامتِها. وعندما أحرقت تلك المرأة نفسَها، في سبيل الحرية، كتبَ دخانها ملحمة أبدية لسائر أنحاءِ بلادي!. الجذر إلى كمال جنبلاط تلكَ الطيورُ التي تقتلُ في السماء حتى لو أنّ النجومَ والسُّحُبَ والهواءَ والشمسَ لم تشِر إلى المجرمين بالبَنان والأفقُ أيضاً أطبقَ أذنيهِ عنهُمُ وتناستهُمُ الجبالُ والمياه ... إلخ ... إلخ فلا بدَّ أن تبصِرهُم ثمَّ شجرة وحيدة وتكتبَ أسماءَهُم على جذورها!. نافذة شَبَكتُ يدي بيَدِ مُزنةٍ واستقبَلنا السماءَ معاً... ومن نافذةِ المطر كنا نبصرُ: كلَّ جراد العالم يهربُ... متقهقراً!. مخاض تلكَ الآلامُ التي تنتابُ حفنة ترابٍ عند ولادةِ حبتي قمح وشعير أبداً... لا تقلُّ عن الآلام المُبَرَّحة لأمٍّ في حال مخاض!. قامة عذابٌ سامقٌ أنا، دون أن أعتلي كتِفي حُزن ما!. ما إن يرفعَ جُرحٌ رأسَهُ حتى أراهُ أينما كان، ويراني الفقيرُ أينما أكون!. الفرات كثيراً... ما يأتيني"الفرات"ساعِلاً، ويُجالسني... يُمَسِّدُ موجَ لحيتهِ ويقول: - هاتِ شِعراً... فالذي يُخلدُ إلى الأبد، هو ماءُ سُوَيدائي وتلكمُ القصائدُ التي لا تنسى الفقراء. * زكية آلكان : فتاة من كردستان تركيا، أحرقت نفسها احتجاجاً على منع السلطات التركية الاحتفال بعيد النوروز الكردي. ترجمة : صلاح برواري