لم يكن يتوقع احد في مصر ان يسحب الفنان السوري جمال سليمان البساط من تحت أقدام نجوم لهم باع طويل في الدراما التلفزيونية المصرية، بعدما حل مسلسله"حدائق الشيطان"في المرتبة الأولى في الكثير من الإحصاءات... واختير هو في أعلى قائمة نجوم رمضان لهذا العام بتجسيده شخصية الطاغي الصعيدي مندور ابو الدهب. حول المسلسل وتحقيقه النجاح في مصر،"الحياة"التقته، وكان هذا الحوار: ماذا فعل بك"مندور أبو الدهب"كممثل؟ - أدخلني البيت المصري بطريقة لم أتوقعها ولم أدرك قيمتها إلا عندما حدثت. بمعنى انني كنت أعلن أن هذا المسلسل سيكون نقلة نوعية في علاقتي بالجمهور المصري، لكن لم أتوقع أن تكون الحفاوة بهذا الشكل. وكإنسان ماذا فعل بك الطاغية الشرقي؟ - أثر بي في شكل كبير. فالممثل يتعرف أحياناً الى النفس البشرية ويغوص داخل الجوانب الإنسانية المختلفة أثناء عمله على شخصيات مختلفة. ومندور أبو الدهب جعلني أعرف معنى ان يكون الإنسان طيباً وشريراً في الوقت نفسه... قاسياً ورحيماً، هادئاً وبركاناً غاضباً. إنه رجل التناقضات. وكنت منذ فترة طويلة أقرأ ما يسميه المفكرون الطغيان الشرقي، فوجدت في شخصية ابو الدهب فرصتي لأعيش فكرة الطاغية. كنت تبحث عن مثل هذه الشخصية؟ - نعم كنت أحب أن أجسدها على الشاشة، فهي موروث موجود في العالم ولكن لكل شعب أسلوبه في الطغيان، ومندور أبو الدهب يحمل ملامح كثيرة من الطغيان الشرقي. منذ متى وأنت تفكر في العمل في الدراما المصرية ؟ - بصراحة لم أفكر يوماً في ذلك، فالعمل في سورية منحني فرصاً جيدة. وكنا نعمل ونجتهد من أجل أن يرى اعمالنا الآخرون، ولم أخطط أبدا للحضور الى مصر. من هنا كانت الدعوتان اللتان تلقيتهما من عماد الدين أديب عن فيلم"حليم"ومن المخرج اسماعيل عبد الحافظ عن"حدائق الشيطان"بمثابة مفاجأة. منحتك بعض الاحصاءات المركز الأول، فماذا تقول عن منافستك نجوماً كباراً مثل نور الشريف ويحيى الفخراني؟ - المنافسة معهما شرف كبير، ولكل عمل ظروف نجاحه الخاصة. فأنت كممثل تبذل مجهوداً وتقدم عملاً قد يستقبله الجمهور بترحاب أو يرفضه. نور الشريف ويحيى الفخراني من الأساتذة الكبار في التمثيل، ولا أخفي أنني ما زلت أرتبك عندما أراهما. فنجاحي لا يلغي نجوميتهما، ومثلما يقول المثل"العين لا تعلو على الحاجب". وفي النتيجة نحن فنانون لا ملاكمون! بعضهم انتقد تجسيدك انت الفنان السوري شخصية مصرية صعيدية؟ - هذا النقد استقبله بتفهم شديد، ولكن لست الأول ولن أكون الأخير الذي يمثل في مصر من خارجها. وأعتقد بأن العالم العربي يسير في اتجاه تشابك الجنسيات في التمثيل، خصوصاً أننا في عصر الفضائيات، ففي سورية مثلاً يشارك الفنانون العرب دوما في الأعمال السورية. الحديث عن"الغولة"ألم يكن مبالغاً فيه؟ - الغولة في المسلسلات هي دوماً رمز مرتبط بالسلطة القاسية الجائرة وإن اختلفت من مكان الى آخر. إذ دائماً ما تبحث السلطات عن"غولة"لإرهاب الآخرين، مثلاً"الغولة"التي أخترعها الأميركيون هي"الإرهاب والإسلام"لإخضاع الآخرين. هل توقعت يوماً تجسيد شخصية الصعيدي؟ - أبداً. عندما شاهدت"ذئاب الجبل"وپ"الضوء الشارد"أعجبت بالمستوى الفني العالي، وبالتمثيل الراقي، حتى انني فكرت أن من المستحيل الارتقاء الى هذا المستوى. الفترة المقبلة من مسيرتك الفنية، مصرية أم سورية؟ - لا أدري، فالمسافة قريبة بين القاهرة ودمشق، وبإمكاني العمل هنا وهناك في الوقت نفسه إذا وجدت عملاً يشبع طموحي الفني. ماذا عن جديدك؟ - نستعد لتصوير الجزء الرابع من الرباعية الأندلسية بعدما قدمنا"ربيع قرطبة"وپ"صقر قريش"وپ"ملوك الطوائف". وسيصور الجزء الأخير عصر العرب في الأندلس وسقوط غرناطة في أوج تطور الحضارة العربية، ما جعل بعضهم يشبه هذا الحدث بزوال أثينا.