إذا لم يعالج المجتمع الدولي التجربة النووية الكورية الشمالية معالجة حازمة، تذرع جناح الصقور الإيراني بضعف العالم الى الهرب الى أمام. فالولاياتالمتحدة أعلنت، في 1994، انها لن تقبل كوريا شمالية نووية. وها هي، اليوم، في مواجهة مسؤولياتها. ولا شك في أن طهران ستستخلص من الموقف الأميركي الخلاصات التي تترتب عليه. وتبني قرارين دوليين، الواحد بعد الآخر، في تموز يوليو المنصرم، القرار 1695 في شأن كوريا والقرار 1696، قرينة على حد أدنى في الإجماع الدولي على المخاطر النووية. ولكن هل يؤدي النصان الى إجراءات عملية جوهرية؟ الجواب بالإيجاب غير مضمون. والدول الكبرى أظهرت قدرة فائقة على المماطلة والتسويف. ويطاول الشك، في المرتبة الأولى، عزم موسكو وبكين على انتهاج سياسة حازمة في الأزمتين، الكورية والإيرانية. والأزمتان إذا جمعتا معاً، ووضعتا في كفة واحدة، تضطلعان بدور راجح في رسم المستقبل الاستراتيجي، فإما عالم يتولى كبح الانتشار النووي وتقييده، وإما عالم يعد 15 الى 20 قوة نووية. وعلينا ألا نخطئ التقدير، فإذا قدرت كوريا الشمالية على المسير الى نهاية الشوط، فلن يتأخر مقلدوها على اقتفاء خطاها. واستقرار العالم، عشية أفق العام 2020، إنما هو رهن معالجة المشكلة الراهنة. والذين يحسبون ان"توازن الرعب"ماض على منطقه، من غير حرب نووية، على رغم ارتفاع عدد الدول النووية الى 15-20 دولة، يخطئون التقدير والحساب، وخطأهم الأول استراتيجي، فلا دليل على ان التوازن الثنائي الذي غلب طوال الحرب الباردة بين الشرق السوفياتي والغرب قادر الثبات في إطار ال15-20 دولة نووية. وخطأهم الثاني سياسي. فذهنية القادة الإيرانيين والكوريين تحملهم على المغامرة المتهورة، على نحو يخالف نهج الاتحاد السوفياتي وحسابه. وعلى هذا، يدعو الى القلق الشديد ما أسرت به كوريا الشمالية الى زائر أميركي زارها في أيلول سبتمبر الماضي من أنها لا تستبعد تماماً بيع المواد النووية الى دول أخرى. وبيع المواد الانشطارية والمخصبة معناه انتهاك خطير ومطلق للسلامة الدولية على ما ترى الولاياتالمتحدة، وليس في مستطاع جورج بوش، عند مغادرته البيت الأبيض في مطلع 2009، قبول إخفاقه في معالجة مشكلات الدول الثلاث التي اختار، في مطلع 2002، تهمتها بپ"الشر"، وأدرجها في محور واحد. والتذرع بأن تورط الولاياتالمتحدة بالعراق يحول بينها وبين القيام بعمل عسكري جديد، يصح قلبه وعكسه. فالإخفاق العراقي قد يقتضي تدريجاً ضرب إيران، وفي أسوأ الأحوال كوريا الشمالية نفسها. عن برونو تيرتريه مؤسسة البحث الاستراتيجي، "ليبراسيون" الفرنسية ، 12/10/2006