نزل عشرات من رجال شرطة حفظ النظام والتدخل شرطة مكافحة الشغب والامن الوطني وحتى من الحرس الرئاسي الى شوارع مدينة غزة امس احتجاجاً على عدم تسلمهم سلفة مالية اسوة بعشرات آلاف الموظفين المدنيين، واغلقوا الطرقات الرئيسة في المدينة. وسأل شرطي سائق سيارة:"انت بتقبض؟". ومن دون ان ينتظر الاجابة أمر السائق بالعودة من حيث أتى. ولم يجد السائق مناصا سوى الامتثال لطلب الشرطي الذي خلع قميصه الازرق المرقط وربطه على خاصرته، وكرر السؤال والطلب من اكثر من سائق وصل بسيارته الى مفترق السرايا وسط مدينة غزة احد اكثر المفترقات، ان لم يكن أكثرها ازدحاماً. وسعى شرطي آخر من قوات حفظ النظام والتدخل الى استخدام تبريرات اخرى لاغلاق المفترق الذي يقع عليه مجمع السرايا الامني وهو المقر الرئيس للاجهزة الامنية الفلسطينية في قطاع غزة، اذ وقف وهو يرتدي بنطالاً أزرق مرقطا، فيما ربط هو الاخر القميص المرقط على خاصرته وقال للسائق:"لا استطيع مخالفة تعليمات الرئيس"محمود عباس. واضاف الشرطي الذي ارتدى"تي شيرت"اسود ووقف امام مقدمة السيارة محاولا منع السائق من التقدم:"أبو مازن اتصل بي وطلب مني اسكر اغلق الطريق". وزاد مازحاً ومحاولا اظهار الجدية:"لا استطيع ان اخالف تعليمات الرئيس"عباس. وصرخ رجال شرطة آخرون في وجوه السائقين الذين حاولوا المرور عنوة من مفترق السرايا، وارغموهم على التراجع تحت تهديد السلاح، فيما كان عدد من اطارات السيارات تشتعل النيران فيها، الى جانب حاويات نفايات كبيرة اغلقت مسارب الطريق. هذه الحال لم تكن حال مفترق السرايا فقط، بل حال عدد من المفترقات الرئيسة في مدينة غزة. واقتحم عدد من رجال الامن المعارض التجارية ومحال الازياء في حي الرمال الراقي وهو المنطقة التجارية الاهم في المدينة، وطردوا النساء والاطفال الذين كانوا فيها تحت تهديد السلاح، وارغموا اصحابها على اغلاق ابوابها. وتنقل رجال الامن من محل الى آخر واطلقوا النار في الهواء وأشاعوا اجواء من الخوف والرهبة في صفوف النساء والاطفال. ولم تتدخل القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية لمنع المحتجين من اغلاق الطرق او اشعال النار في اطارات السيارات. واحتج اصحاب المحال التجارية، الذين ارغمهم المسلحون على اغلاق محالهم، او ارهبوا النساء والاطفال والمشترين فيها، قبل يومين من عيد الفطر الذي يحل غداً، وأبدوا انزعاجهم واستياءهم من تصرفاتهم، على رغم أنهم متضامنون ومتعاطفون مع مطالبهم. وكان رئيس ديوان الرئيس عباس الدكتور رفيق الحسيني اعلن امس انه سيتم تقديم سلفة بقيمة 1500 شيكل لنحو 62 الف موظف مدني يقل راتب الواحد منهم عن 2500 شيكل. وقال الحسيني ان السلفة لا تشمل موظفي الامن والعسكريين البالغ عددهم 78 ألفا، الامر الذي أثار غضب هؤلاء الموظفين فنزل عدد منهم الى الشوارع للاحتجاج والتظاهر واغلاق الطرق. ولم يتسلم موظفو السلطة الفلسطينية البالغ عددهم 165 الف موظف مدني وعسكري رواتبهم منذ اذار مارس الماضي عندما شكلت حركة"حماس"الحكومة الحالية في اعقاب فوزها الكاسح في الانتخابات التشريعية في كانون الثاني يناير الماضي. وكان عشرات من رجال الامن نزلوا الى الشوارع اواخر الشهر الماضي احتجاجا على عدم تسلمهم رواتبهم واشاعوا الفوضى واغلقوا الطرق لايام عدة قبل ان تتصدى لهم القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية وتدور اشتباكات مسلحة سقط خلالها عدد من القتلى والجرحى في الاول من الشهر الجاري. ويفرض المجتمع الغربي بقيادة الولاياتالمتحدة واسرائيل والاتحاد الاوروبي حصاراً سياسياً ومالياً على الشعب الفلسطيني فيما يبدو انه عقاب له على اختياره حركة"حماس"في الانتخابات البرلمانية، ما جعل الفلسطينيين يعيشون على اعتاب كارثة انسانية كبيرة. وتمكنت الحكومة والرئاسة من دفع اربع سلف لجميع الموظفين العموميين الفلسطينيين تم توافرها من منح عربية او من الضرائب التي تجبيها السلطة الفلسطينية من دافعي الضرائب الفلسطينيين.