1- يبدو الإسلام لدى الألبان كأنه في تقاطع طرق على رغم أنه الآن يجرى الاحتفال بمرور 600 سنة على بداية انتشار الإسلام ومع أن الإسلام يشكل دين الغالبية عند الألبان منذ أربعة قرون على الأقل. ومع أن التطورات السياسية الكبيرة في المنطقة سقوط الأنظمة الشمولية، حرب كوسوفو، إلخ أبرزت الألبان كعامل جيوبوليتيكي مهم في البلقان في مطلع القرن 21، إلا أنه بالتزامن مع هذه التطورات التي كانت تعد بمستقبل أفضل للألبان أخذت تثار بقوة قضايا مصير وهوية الألبان. وفي هذا الإطار فقد تلاحقت الكتابات التي تحمِّل الإسلام مسؤولية كونه"دين المحتل"العثماني وتحمِّل الألبانيين المسلمين مسؤولية اعتناقهم هذا الدين الذي يتم الآن التركيز على شرقيته في مقابل الأوربة التي يسعون اليها. وإذا أخذنا في الاعتبار الدعوة الحملة المتنامية لأجل تنصير الألبانيين المسلمين لأمكننا القول مرة أخرى أن الإسلام لدى الألبان يبدو كأنه على مفترق طرق. لكن مستقبل الإسلام لدى الألبان الآن لا يرتبط فقط بپ"الأعداء"الموجودين أو المتخيلين بل يرتبط أكثر بالزعامة المؤسسية للمسلمين الألبانيين والنخبة المثقفة المسلمة، حيث عليهم الآن أن يوضحوا الإسلام كما يفهمون وكما يرون مناسباً للألبان في أوروبا. 2- يتميز الإسلام لدى الألبان منذ قرون عدة بخصوصية. فهو بغالبية سنية على المذهب الحنفي وأقلية شيعية أو متشيعة بكتاشية، كما أنه يتميز بتراث صوفي غني يبدو في انتشار طرق صوفية عدة الرفاعية والسعدية والخلوتية إلخ. وقد انعكس هذا التراث، كما هو معروف، في الثقافات الألبانية وبالتحديد في الأدب الألباني بالحروف العربية الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الثقافة القومية الألبانية. إلا أن هذه الخصوصية للإسلام في وسط الألبان، التي استمرت كذلك قروناً عدة ، لا تراها بعين الرضا بعض المراكز الخارجية التي تحاول أن تسوق رؤيتها عن الإسلام سواء بواسطة مبعوثين لها أو بواسطة ممثلين محليين لمصلحتها. وإذا أخذنا في الاعتبار الظروف الاقتصادية الاجتماعية الصعبة حيث ينتشر الألبان ألبانيا وكوسوفو ومكدونيا نجد أن العنصر المحلي الألباني يغرى بالمنح لمواصلة تعليمه في تلك المراكز الخارجية، حيث يشحن بفهم آخر عن الإسلام مقارنة بما هو موجود في منطقته، ثم يغرى بالعمل في الروابط والجمعيات المنتشرة الآن بين الألبان التي تعمل لصالح تلك المراكز الخارجية. 3- لم يشكل الإسلام عقبة أمام النخبة المثقفة الألبانية المسلمة تحسين خوجة، سامي ونعيم وعيدل فراشري، درويش هيما، الحافظ علي كورتشا وغيرهم، كي تشارك بدورها في النهضة القومية الألبانية. فهؤلاء، والكثير من أمثالهم، عملوا لأجل لغة وثقافة مشتركة كقاعدة للاتحاد القومي بين ألألبان، وبالتحديد للحكم الذاتي في البداية ثم للاستقلال في النهاية. وقد كان هذا الإسهام للنخبة المثقفة الألبانية المسلمة معروفاً للدارسين الأجانب، ولكن كان مغيباً بقصد عن الألبان خلال العقود الأخيرة. وهكذا لم يسمح بعرض أو نشر كتاب الباحث الألماني بيتر بارتل"المسلمون الألبانيون في حركة الاستقلال القومي 1878- 1912"الذي صدر بالألمانية في 1969، حيث لم يترجم وينشر في الألبانية إلا في مطلع 2006، وصار في وسع الأجيال الشابة أخيراً أن تتعرف على هذا الجانب المعتم. 4- بالمقارنة بمثيلاتها البلقانية لم تكن الحركة القومية الألبانية بطابع ديني معاد للمسلمين أو معاد للمسيحيين. وبعبارة أخرى فقد تميزت الحركة القومية الألبانية بتسامح ديني يعكس التعايش الموجود منذ قرون عدة بين المسلمين والمسيحيين الألبانيين. وقد تحول هذا التراث الألباني في التعايش والتسامح الديني إلى أساس الدولة القومية ألبانيا التي تشكلت في 1912. 5- بالاستناد إلى هذا التراث، والظروف التي أحاطت بتشكل الدولة القومية خلال 1912 - 1913، أصبحت ألبانيا أول بلد مسلم بغالبية مسلمة ينص على العلمانية في دستوره. وهكذا ولدت ألبانيا كدولة من دون"دين رسمي"حيث كان الدين منفصلاً عن الدولة الجديدة. إلا أن هذا النظام الجديد لم يمنع المسلمين من أن يتمأسسوا أو يشكلوا جماعة قوية تمثلهم أمام الدولة وترعى أمورهم الروحية والثقافية، ومن إدخال"التربية الدينية"الإسلامية في المدارس الحكومية لمن يرغب بذلك. إن العلمانية لدى الألبان الآن تستند إلى تراث يمتد حوالى قرن من الزمن، وهو ما يجعل الألبانيين المسلمين يتميزون عن غيرهم من مسلمي بلدان آسيا وأفريقيا. والعلمانية في نموذجها الألباني، كما هو الأمر في نماذج أوروبية عدة أخرى، ليست هي العلمانية المضادة للدين بل هي التي تقنن التعايش والتساوي بين الأديان، حيث تضمن مؤسسات الدولة حرية واحترام المؤمنين في البلاد. لكن في السنوات الأخيرة، التي يحدث فيها كل شيء للمسلمين، نجد ما يخرق ذلك إلى حد أن رئيس الدولة الذي من واجبه حماية الأسس الدستورية للدولة بما في ذلك العلمانية لا يتورع في محاضرته المشهورة في جامعة أوكسفورد خلال أيار مايو 2006 عن الإساءة إلى الغالبية المسلمة في بلاده ببعض التعميمات الثقيلة على النفس. 6- الإسلام لدى الألبان الآن لديه تقاليد مؤسسية تمتد حوالى قرن من الزمن. فمع تعيين الشيخ وهبي ديبرا مفتياً للدولة الجديدة ألبانيا في 1912، ومع عقد المؤتمر الأول لمسلمي ألبانيا في 1912 الذي بدأ عملية الاستقلال عن مشيخة الإسلام في إسطنبول، انطلقت سيرورة مأسسة الإسلام في المناطق الألبانية. وهكذا مع"الجماعة المسلمة الألبانية"في ألبانيا ومع"الجماعة الإسلامية"في كوسوفو ومكدونيا التي كانت في إطار"الجماعة الإسلامية في يوغوسلافيا" أكتسب الألبانيون المسلمون مؤسسة تمثل مصالحهم أمام الدولة وترعى شؤونهم الروحية والثقافية بواسطة الجوامع والمدارس والصحف إلخ. وإذا أخذنا في الاعتبار الآليات الميكانيزمات الانتخابية، التي تنسجم مع القيم الديموقراطية الأوروبية، يمكن القول إن الألبانيين المسلمين اكتسبوا للمرة الأولى إمكان انتخاب قيادتهم الروحية التي تمثل مصالحهم وتدافع عنها أمام الدولة. لكن من المعروف أن هذه المؤسسة الجماعة لم تكن محصنة أمام ضغوط وتدخلات الأنظمة الشمولية، وهو ما استمر في شكل ما في الأنظمة الديموقراطية الجديدة. ومع ذلك، وعلى رغم هذه الضغوط والتدخلات، فقد كان لهذه المؤسسة الجماعة سواء في ألبانيا أو في كوسوفو ومكدونيا فضل كبير في رعاية التراث المحلي للإسلام. ولأجل ذلك يمكن القول إن هذه المؤسسة الجماعة لا تحظى تلقى الارتياح من قبل المراكز الخارجية التي تعمل كل ما بوسعها لاختراق المناطق الألبانية برؤيتها المختلفة عن الإسلام. ونظراً الى أن تلك المراكز تعتبر المؤسسة الجماعة بمثابة درع للإسلام المحلي الألباني فهي تقوم منذ سنوات بتأسيس جماعات موازية روابط وجمعيات في المناطق الألبانية لنشر رؤيتها عن الإسلام كما لا يعرفه أو لا يألفه الألبان. 7- مع هذه المؤسسات المذكورة على مستوى الدولة، ومع ما تتميز به من آليات ميكانيزمات انتخابية، نستطيع إ الألبانيين المسلمين قد دخلوا في وقت مبكر في المسار الأوروبي. إن الألبانيين ليسوا أوروبيين فحسب بل هم يمثلون أحد أقدم الشعوب الأوروبية، وهم بالتالي ليسوا وافدين أو طارئين في مناطقهم. وبعبارة أخرى لا يمكن مقارنة الألبانيين المسلمين مع المسلمين الآخرين في أوروبا الغربية الذين جاؤوا واستقروا هناك خلال القرن العشرين من بلدان آسيا وأفريقيا، والذين لديهم مشاكل في التكيف مع القيم والمؤسسات الأوروبية. ومن هنا حين يطرح الحديث عن"الإسلام الأوروبي"، أي عن الإسلام الذي لا يتعارض مع القيم الأوروبية، فإن الألبانيين لديهم خبرة غنية يمكن أن تكون مفيدة للآخرين. 8- إن المؤسسات العليا المذكورة ، التي تمثل الألبانيين المسلمين على مستوى الدولة، إنما هي واعية إلى حقيقة وجودها في مجتمعات أوروبية حرة وديموقراطية، حيث كل فرد يتمتع بحقوق مضمونة في الدستور تبيح له أن يؤمن أو لا يؤمن، وأن يعتنق أو يغير الدين الذي يريده. وفي هذه الظروف فإن المؤسسات المذكورة واعية لمسؤوليتها التاريخية في أن تركز عملها على إبراز القيم الروحية والأخلاقية للدين التي يحتاج إليها الفرد في المجتمعات المعاصرة. ومن هنا فإن هذه المؤسسات، التي تمثل المسلمين أمام الدولة وترعى مصالحهم، لا يمكنها في مثل هذه الأنظمة الديموقراطية أن تمنع مسلماً من تغيير دينه واعتناق دين آخر. ومع ذلك يمكن القول إن هذه المؤسسات ليست مرتاحة خلال السنوات الأخيرة أمام الدعوة الحملة المتزايدة لحمل الألبانيين المسلمين على"العودة إلى دين أجدادهم". فقد انقضى في أوروبا زمن الحملات الصليبية، بل إن الاتحاد الأوروبي نفسه يرحب بپ"الإسلام الأوروبي"تصريح مفوض الشؤون الداخلية فرانكو فرانيتي في لندن بتاريخ 17/8/2006،"نحن نريد إسلاماً أوروبياً". ولذلك فإنه من المستغرب في إطار الدعوة الحملة الموجهة الى الألبانيين المسلمين لپ"العودة إلى دين أجدادهم"أن يتهموا الآن بپ"الخيانة"لأن أجدادهم اعتنقوا الإسلام قبل قرون عدة. فقد جرب الألبانيون المسلمون في الجبل الأسود وكوسوفو في مطلع القرن العشرين 1912-1913 ماذا تعني"العودة إلى دين الأجداد"تحت الضغوط الصربية، بينما الآن تمارس عليهم ضغوط ثقافية من قبل بعض كبار الكتاب الألبان الذين يتمتعون بحرية أن يكتبوا ما يشاؤوا عن الإسلام. 9- إن الدعوة الحملة الى رد الألبان عن إسلامهم إنما تستند الى ما يكتب عن تاريخ الإسلام، وبالتحديد الى ظروف انتشار الإسلام في وسط الألبان. ومع أنه يتم الآن الاحتفال بمرور 600 سنة على بداية انتشار الإسلام إلا أنه ليس لدينا بعد كتاب مرجعي عن انتشار الإسلام في المناطق الألبانية، ولا ينفي هذا القول وجود كتابات وكتب عدة لكنه لا يوجد لدينا مؤرخون متخصصون في تاريخ الإسلام لدى الألبان كما هو الأمر مع آدم خانجيش ونياز شكرتيش وغيرهما لدى البشناق. وطالما يتم تجاهل المصادر العثمانية دفاتر الطابو، دفاتر المهمة إلخ. لا يمكن أن يكون لدينا تاريخ مرجعي يعتمد عليه في ما يتعلق بانتشار الإسلام في وسط الألبان. ومع أنه لدينا في السنوات الأخيرة أطروحات ماجستير ورسائل دكتوراه تتعلق بالإسلام لدى الألبان إلا أنها تكتب في بلدان لديها موقف مسبق من الإسلام. وهكذا لدينا في بعض الأطروحات والرسائل صورة مثالية عن انتشار الإسلام ولدينا في بعضها الآخر صورة قاتمة عن ذلك د. شان زفي، أسلمة الألبان خلال القرون 15-20، بريزرن 2000. وفي غياب العمل البحثي في المؤسسات العلمية حول ما له علاقة بدين الغالبية، على عكس ما هو في البوسنة، تبرز خلال السنوات الأخيرة مراكز خاصة عدة تقوم ببعض النشاطات التي تتعلق بالإسلام عند الألبان. ولكن في غالبية الحالات لدينا هنا"بزنس"جديد إذ تقوم هذه المراكز بالبحث عن مصادر تمويل حكومية وغير حكومية في العالم الإسلامي للقيام ببعض الأنشطة ذات العناوين الكبيرة من حيث المظهر وذات التأثير المحدد من حيث الجوهر. وفي الواقع إن هذه الأنشطة، في هذه الحالات، تحقق المراد منها إذ تضمن لأصحابها في الداخل كسباً جيداً باسم الإسلام كما أنها تبرر للمصادر الممولة وجودها واهتمامها بالإسلام والمسلمين في الخارج. 10- الإسلام كدين الغالبية عند الألبان لا بد من أن يفهم ويعامل كدين وطني له جذوره ، وليس كپ"دين وافد"من دون جذور أو"سطحي"كما ورد في محاضرة الرئيس الألباني في جامعة أوكسفورد. ولأنه كذلك دين وطني يجب أن يحظى بما يستحقه في المشاريع البحثية للمؤسسات العلمية وفي برامج دور النشر. وفي الوضع الحالي كيف يمكن بغير ذلك تفسير أن ديوان الشاعر نظيمي، الذي يتمتع بقيمة خاصة في تاريخ الأدب الألباني، لم يجد مؤسسة علمية أو ثقافية تتبنى نشره مع أنه معد للنشر محقق بحسب الأصول العلمية منذ سنوات؟ وعوضاً عن هذا التقدير لدين الغالبية، وبعد عقود من امتداح التعايش الديني لدى الألبان الذي لم يكن له مثل في أوروبا، تتصاعد الآن الحملة المعادية للإسلام والمسلمين الألبانيين بحجة أن هؤلاء" خانوا"أخوانهم المسيحيين باعتناق الإسلام، وصولاً إلى مطالبتهم بپ"العودة إلى دين الأجداد". لقد انطلقت مثل هذه الحملة في صربيا منذ 1989، وقامت على"تخوين"المسلمين في البوسنة لاعتناقهم الإسلام قبل قرون عدة، ما أدى إلى النتائج المأسوية التي نعرفها. إن مثل هذه الحملة تستفز الألبان الآن وتدفع قسماً منهم إلى الراديكالية تحت تأثير نظرية المؤامرة على الإسلام والمسلمين. وفي وضع كهذا أصبحت الغالبية في حاجة إلى حماية. في كوسوفو لدينا الآن"مجلس الرقابة على الإعلام"، ولا بد من أن يكون في ألبانيا مجلس مماثل، يأخذ على عاتقه حماية كل فرد أو كل أقلية من أي حملة متحيزة عبر الصحافة. وبعبارة أخرى أصبحت الغالبية الآن في حاجة إلى حماية من الأقلية. 11- مع انتشار الألبان خارج مناطقهم في بلدان عدة في آسيا وأفريقيا برزت شخصيات ألبانية في تلك البلدان بأفكار ورؤى عن الإسلام وعن الإصلاح في تلك المجتمعات التي استقروا فيها. وقد اشتهرت بعض هذه الشخصيات على مستوى العالم الإسلامي مثل محمد علي ومعروف الأرناؤوط وناصر الدين الألباني وغيرهم. وعلى رغم كونهم من الألبان إلا أنه يمكن القول إن أفكار ورؤى تلك الشخصيات كانت نتيجة حياتهم في المجتمعات التي استقروا فيها. بعبارة أخرى أن الألبان يعتزون بتلك الشخصيات وما قامت به إلا أن يمكن القول إن أفكارهم ورؤاهم عن الإسلام لا تصلح بالضرورة للألبان في البلقان كونهم من الألبان أو من أصول ألبانية. 12- في السجال الجديد بين أكبر مثقفين ألبانيين معاصرين إسماعيل كاداريه ورجب تشوسيا، الذي شارك فيه الكثير من الكتاب، يلاحظ وجود نزعة تحاول التمييز ما بين ألبانيا وكوسوفو، على اعتبار أن ألبانيا أقرب إلى الغرب وكوسوفو أقرب إلى الشرق. لكن ما يزعج في هذا الأمر أن بعض الكتاب يتجاوزون كاداريه نفسه في تهجمهم على المسلمين في كوسوفو وعلى ثقافتهم بحجة أنها أقرب إلى الشرق وبدعوتهم المسلمين إلى الاعتذار عن إسلامهم بپ"العودة إلى دين الأجداد". ومع أن هذا السجال انطلق بين الكاتبين الكبيرين حول هوية الألبان عبر صحف تيرانا وبريشتينا إلا أنه من الملاحظ خلال الشهور الماضية أنه يتحول إلى"سجال ذاتي"في تيرانا، أي في غياب الطرف الآخر أنصار تشوسيا وحتى في غياب ممثلي المؤسسة الجماعة التي تمثل المسلمين والنخبة المثقفة المسلمة وكأنه لا يوجد لدى هؤلاء ما يقولونه عن هذا الموضوع المهم. 13- مع هذا السجال الذي تطرح فيه بقوة الدعوة الى"العودة الى دين الاجداد"يبدو إسلام الألبان الآن بين أصوليتين جديدتين مدعومتين من الخارج. الاولى هي الاصولية الاسلامية المتزايدة في السنوات الاخيرة بفضل دعم بعض المراكز العربية الممثلة بروابط وجمعيات مختلفة تحاول نشر الاسلام الاصولي مع ما يلحقه من مظاهر مميزة له اللحية للرجال والحجاب للنساء الخ. والاخرى هي الأصولية الكاثوليكية التي تركز في دعوتها على"العودة الى دين الاجداد"وعلى دور الكاثوليكية في حماية القومية الألبانية وعلى أهميتها الآن للالبان للاندماج في أوروبا الغرب. وعلى حين أن الاصولية الاسلامية لم تخترق بعد المجتمع الالباني كونها وافدة من الخارج ومرتبطة بمراكز عدة مختلفة في ما بينها، وكونها تحمل من المفاهيم والمظاهر ما لا ينسجم مع تراث الاسلام الالباني، فإن الأصولية الكاثوليكية تتقدم أكثر في اعتبارها تحظى بدعم مركز واحد وتستقطب بعض النخب المثقفة التي لها نفوذها في السلطة والصحافة، كما وتغري أكثر الشباب الذي يمثل غالبية المجتمع الألباني سواء في ألبانيا أو كوسوفو. 14- خلاصة: الألبان شعب عريق في موطنه ومن أقدم الشعوب في أوروبا، وهو شعب بغالبية مسلمة. وإذا أخذنا في الاعتبار تراثهم الإسلامي الأصيل الذي يمتد على قرون عدة وخبرتهم الغنية في القرن العشرين بعد استقلالهم عن الدولة العثمانية يمكن القول إن الألبان يتصدرون الآن بعددهم وانتشارهم الجغرافي الإسلام الأوروبي الذي يزداد الاهتمام حوله سواء في أوروبا أو خارجها. وعلى هذا الأساس يمكن للألبان أن يكون لهم إسهامهم الخاص فيما يتعلق بالإسلام سواء في أوروبا أو العالم. إن الألبان بفضل موقعهم الجغرافي يمثلون جسراً بين الديانتين الإسلام والمسيحية وبين الثقافتين الشرقية والغربية. ومن هذا الموقع يمكن للألبان أن يكون لهم إسهامهم الخاص في التقارب والتعايش بين الألبان والثقافات بالاستناد إلى قبول الآخر واحترامه لأجل العيش في عالم يتسع للجميع. * أستاذ التاريخ الحديث في جامعة آل البيت - الأردن