منذ سنوات والنقاد يتحدثون عن سطوة"النجوم"، خصوصاً نجوم السينما الذين اتجهوا أخيراً الى الدراما التلفزيونية فحمّلوها كل أمراض النجومية. إذ صار كاتب السيناريو يفصِّل العمل على مقاس النجم، بينما يحاول المخرج أن يظهره في أحسن حالاته. وما بين مسلسل"سوق الخضار"الذي يبث على الفضائيات والأزمة المثارة منذ فترة بين النجمة نادية الجندي ومخرج مسلسلها الجديد"من أطلق الرصاص على هند علام"خالد بهجت، يتأكد لنا ان سطوة النجم هي الأعلى صوتاً بعيداً من"منطق الدراما"وعدم استغفال المشاهد. ففي"سوق الخضار"تجسد فيفي عبده شخصية صباح بائعة الخضار في سوق العبور. وهي فتاة - في نهاية العشرينات او أوائل الثلاثينات على أقصى تقدير - ما زالت تبحث عن فارس الأحلام. وفي الوقت ذاته هي"بنت بلد جدعة"، بالتعبير المصري الدارج، قادرة على حل مشكلات المحيطين بها، بينما يراها رجال السوق الأجمل بين النساء. هكذا رسم المؤلف عبد المنعم شطا الشخصية، ولم يكتف بهذا وحسب، ففي الحلقات التي مازالت تبث، نجد صباح"الفتاة"تخضع لضغوط من حولها، وتقبل الزواج بأحد كبار تجار السوق الفنان أحمد بدير كما نشاهدها عروسًا ترتدي الفستان الأبيض، وسرعان ما تبدأ رحلة حل أزمة الانجاب. والمفروض أن يتعاطى المشاهد مع كل هذه التفاصيل في شكل جدي ويتعاطف مع صباح الفتاة"المطحونة"، ويصدقها في أزماتها وانفعالاتها. وهنا لا نعرف أي مؤلف يجرؤ على أن يطاوعه قلمه ليصيغ مثل هذه المشاهد، او يرسم ملامح لتلك الشخصية الملفقة، التي تصيبك بالنفور في أغلب الأحيان. فكيف لنا ان نتعاطى مع مثل هذه التركيبة الدرامية لشخصية محورية في أحداث العمل، وكيف لنا أن نصدق فيفي - التي من الواضح أنها فقدت الكثير من لياقتها الفنية ليس كراقصة فقط إنما كپ"فنانة"أيضاً. ولكن يبدو ان نجاح مسلسلها العام الماضي "الست أصيلة" والذي جسدت فيه دور خادمة، أغراها لأن تقدم مع المخرج نفسه محمد النقلي عملاً يرضيها هي شخصياً لا فنياً. من هنا قد تكون سطوة فيفي عبده أكبر بكثير من المؤلف والمخرج وكذلك من جهة الإنتاج، والمفارقة أن هذه التركيبة تسيء الى الجهد المبذول في العمل ككل وتنتقص منه. ولا يختلف الوضع هنا عن حال الفنانة نادية الجندي التي تسببت في ايقاف تصوير مسلسل"من اطلق الرصاص على هند علام"ما ادى الى خروجه من السباق الرمضاني، والسبب اصرارها على تجسيد دور فتاة في العشرينات في مشاهد"الفلاش باك"الخاصة بالشخصية التي تجسدها. في حين أن زميليها في المسلسل ابراهيم يسري وخالد زكي فضلا الاستعانة بممثلين شابين لتجسيد دوريهما في هذه المشاهد. لكن امام إصرار نادية الجندي، قرر المخرج خالد بهجت العودة الى تصوير ما تراه نادية مناسباً وليس ما يراه هو ضرورياً لخدمة العمل! وفي محاولة للتخفيف عن نفسه يرد المخرج على المحيطين به بأنه"وافق لمصلحة العمل، كما ان المشاهد عددها قليل جداً ولن يلحظها المشاهد"، في حين أكد كثر من أهل المسلسل أن هذه المشاهد تصل الى اربعين مشهداً. من هنا السؤال: هل يكتفي صناع الدراما اليوم ب"ترزية الأدوار"الذين يقومون بتفصيلها على مقاس النجوم وإرضاء لرغباتهم؟