صحب عبدالقادر محمود ابنه عمر إلى دائرة الأحوال المدنية في الزبير 25 كم جنوب غربي البصرة ليتقدم بطلب إلى مدير الدائرة لتغيير اسم ابنه من عمر إلى عمار،"تفادياً للمضايقات التي يتعرض لها في مدرسته". ومثل عبدالقادر فعل خلدون عبدالله الذي لاقت ابنته وطفاء من اسمها الأمرين في مدرستها، فلا أحد يصدق أن الاسم لا علاقة له بصراع الطائفتين وهو اسم لا يمت إلى السنّة أو الشيعة بصلة لا من قريب ولا من بعيد، إلا انه اضطر إلى تغييره إلى حوراء. ويلاقي بعض من أهل مدينة الزبير وأبي الخصيب وأماكن أخرى في محافظة البصرة صعوبة في التعرف إلى أماكن يعرفونها منذ سنوات بعدما غيرت البلدية أو الناس أسماءها، فمثلاً مدرسة طلحة تحولت الى مدرسة حسن المجتبى، وهكذا تغيرت أسماء الشوارع والتقاطعات. وعدي حسين الذي كان مقيماً في الكويت حين سماه والده بهذا الاسم، لم يسلم من استنكار واستهزاء أصدقائه أو الجيران، على رغم أنه يقول إن الناس اليوم أقل استهجاناً لاسمه بعد انشغالها بأسماء مثل عمر وعثمان، وقل انتباهها إلى اسم صدام حسين وأبنائه، عقب رؤيته في قفص المحكمة وتراجع وجود حزب"البعث"في الحياة العامة. ويقول رئيس تحرير جريدة محلية إن إعلانات تغيير الأسماء السنية إلى شيعية أو محايدة هي الأكثر في قسم الإعلانات في الجريدة، وتخلص الكثير من الموالين لحزب"البعث"من أسماء أبنائهم ذات الدلالة الحزبية، وكذلك استبدل الكثير من أهل السنة أسماء بناتهم وأولادهم بأسماء شيعية كي لا يتعرضوا لمضايقات. ويشير مدير إحدى دوائر الأحوال المدنية الى مناطق معينة في المدينة سعى بعض ساكنيها الى تغيير أسمائهم. وفي مركز البصرة قد لا تلاحظ ذلك، لكن في المناطق الشعبية ذات الغالبية الشيعية يضطر السني إما الى المغادرة أو استبدال الاسم بما يتلاءم مع أسماء بقية السكان. ويبيّن عدنان الغانم من قضاء أبي الخصيب، أن الملابس قد تسبب إزعاجاً، فالدشداشة البيضاء القصيرة و"اليشماغ"الأحمر وهما معروفان كلباس للمتدينين من أهل السنّة، طالما كانت سبباً في مقتل الكثيرين، مثلما كانت الدشداشة السوداء الطويلة و"اليشماغ"المنقط سبباً في مقتل الكثير من أهل الشيعة في مناطق جنوببغداد أو أطراف الرمادي وديالى. وعلى عكس هذا كله، كتب على إحدى اللافتات المعلقة على مسجد السراجي في أبي الخصيب:"تنعى عشيرة بني تميم فقيدها الراحل مصعب عثمان عبدالرحمن الذي اغتالته يد إرهابية جبانة وستقام الفاتحة في حسينية الحاج عبد الرضا علي... إنا لله وإنا إليه راجعون". وهذا يعني أن المجني عليه من أهل السنّة، كما يدل اسمه والمكان الذي تقام فيه مراسم العزاء مكان شيعي. ويقول الشيخ عمار يونس، الذي كان يقرأ القرآن خلال أيام العزاء، إن المجني عليه من عشيرة بني تميم وهي من العشائر المعروفة في العراق والعالم العربي، خليط كبير من السنّة والشيعة، فهم شيعة غالبية في الجنوب وسنّة غالبية في الوسط والشمال. ويؤكد الشيخ يونس أن الحاج عبد الرضا، الذي تقام الفاتحة في الحسينية العائدة له، هو ابن عم المجني عليه، فهما يشتركان في الجد الرابع، وأن الشيخ مزاحم الكنعان محافظ البصرة الأسبق هو شيخهم جميعاً، وقد تكون الملابس الشعبية الدشداشة والغترة عنواناً للمذهب، لكن القميص والبنطلون دالتان على الجميع، فلا يمكن تمييز مذهب من يرتديهما. ويتهم الشيخ عامر بعض أئمة وخطباء المساجد والحسينيات بأنهم وراء تصعيد الخلاف بين الطائفتين،"إذ يتعمد الخطيب من هذا المذهب تجاهل أئمة ورموز المذهب الثاني أو التحدث بسوء عنهم في خطبه، وهكذا صارت بعض المنابر عنواناً للفرقة بدلاً من أن تكون سبباً للألفة والتسامح".