بعد نحو خمسة أعوام على كلام الرئيس الاميركي، جورج بوش، في محور الشر، بلغت العلاقات الاميركية - الإيرانية والكورية الشمالية ذروة التأزم. ويبدو أن مشكلات محور الشر مترابطة. فتدهور الوضع بالعراق قوض صدقية الديبلوماسية الاميركية، وقيد خياراتها العسكرية. وتراقب ايران مآل الامور مع كوريا الشمالية لتقويم خطواتها التالية. الحق أنه ينبغي حمل تجربة كوريا الشمالية النووية على فرصة توفر استئناف المفاوضات الديبلوماسية، عوض اعتبارها تحدياً عسكرياً. وتجربة بيونغ يانع النووية هي في مثابة طلب مفاوضات ثنائية مع الولاياتالمتحدة، ودعوة الى تطبيع العلاقات بين البلدين. وتشدد واشنطن على التزام كوريا الشمالية البند الاول من اتفاق وقف برنامج بيونغ يانغ النووي، الموقع في ايلول سبتمبر 2005 بالصين. وهو ينص، بداهة، على التزام النظام الكوري الشمالي وقف البرنامج النووي. والحق أن ما حدا ببيونغ يانغ على توقيع هذا الاتفاق هو البند الثاني منه، أي التزام الولاياتالمتحدة احترام سيادة كوريا الشمالية، وتعايش الشطرين سلمياً، وصولاً الى تطبيع العلاقات بينهما. ويرى النظام الكوري الشمالي أن واشنطن انتهكت هذا الاتفاق بعد أربعة أيام من إبرامه. فوزارة الخزانة الاميركية فرضت عقوبات مالية على كوريا الشمالية، ومنعتها من المشاركة في النظام المصرفي العالمي بتهمة تزوير العملات المالية وتبييض الاموال. وتذرع متشددو بيونغ يانغ بهذه العقوبات للانسحاب من المفاوضات السداسية. وبحسب هؤلاء المتشددين، ترمي هذه العقوبات الى محاصرة نظام كيم جونغ - ايل الثاني، وحمله على الانهيار. ولا شك في أن واجب الولاياتالمتحدة الدفاع عن عملتها الوطنية، ومكافحة التزوير. ولكن العقوبات الاميركية لم تقتصر على نشاطات كوريا الشمالية غير المشروعة. فهي قطّعت علاقات هذا البلد المالية الدولية، وحذرت المؤسسات المالية والمصرفية من التعامل مع كوريا. وأدت العقوبات هذه الى الحؤول دون بلوغ سلع استهلاكية مشروعة أسواق بيونغ يانغ. وتعرقل العقوبات هذه مساعي المعتدلين من الكوريين الشماليين في الانفتاح على العالم الخارجي. ويجدر بالولاياتالمتحدة استئناف المفاوضات الثنائية مع كوريا الشمالية من أجل حماية أمن أميركا القومي، وحمل كوريا على تعليق برنامجها النووي، وإلزامها العودة الى طاولة المفاوضات السداسية الصين وروسيا والولاياتالمتحدة، واليابان وكوريا الجنوبية. ولقاء استئناف المفاوضات السداسية، تتعهد واشنطن رفع العقوبات المالية عن كوريا الشمالية، وشطب اسمها من لائحة الدول الارهابية تمهيداً لحصولها على مساعدات من البنك الدولي. عن سليغ هاريسون وغلين كسلر وبيتر بايكر، "واشنطن بوست" الاميركية، 10 / 10 / 2006