أكثر من نصف حلقات مسلسل"السندريلا"، الذي يحاكي حياة سعاد حسني، عُرض الى اليوم. أي هو تجسيد لنصف ما قيل وكتب على انه حياة الفنانة الراحلة. وبعملية حسابية بسيطة، خلال مشاهدة أي من الحلقات التي تعرض مساء عند العاشرة بتوقيت السعودية على شاشة"ال بي سي"، سنلاحظ ان الحلقة تنتهي عند العاشرة و48 دقيقة يتخللها 28 دقيقة من"مشاهد"عن حياة سعاد حسني، فيما تنقسم ال19 دقيقة الباقية على أربع محطات اعلانية تتراوح كل منها بين اربع وست دقائق. لتنتهي بذلك حلقة تعرفنا على منتجات رمضانية جديدة من مشروبات وجبنة وشوكولا وشامبو اكثر بكثير مما تعرفنا على حياة سعاد حسني. حياتها التي حتى الآن وبعد 15 حلقة لم نعرف عنها سوى حبها العميق لعبدالحليم الذي يظهر مناصفة معها بينما لا تظهر هي في مسلسله"حليم". وهذا ما عرفناه من خلال التلصلص الذي سمحت لنا به الدقائق الاعلانية، كون المسلسلين يعرضان في الوقت ذاته على فضائيتين مختلفتين. واذا ما استرجعنا اولى الحلقات، حين كانت سعاد لا تزال صغيرة، ادت دورها الطفلة منة الله ببراعة شديدة لم تدن منها منى زكي حتى الآن، سنجد ان الحبكة الدرامية وسياق وتسلسل وتماسك احداث تلك الفترة واداء الشخصيات المقنع منها لطفي لبيب الأب ومهى ابو عوف الأم ... - تلاشى بمجرد ان كبرت سعاد وظهر عبدالحليم، الذي لم نفهم بعد سبب اختيار مدحت صالح لهذا الدور، خصوصاً ان الذين لم يعلموا بأمر"عرجه"ظنوا ان عبدالحليم نفسه كان يعاني من مشكلة في المشي. ومع ذلك تميز هذا الجزء بظهور الخميسي وفريد النقراشي مفيد فوزي في دورين مقنعين. اما سعاد/منى زكي على رغم مقاربات الماكياج والأزياء - فلم تستطع اقناعنا بالدور الذي تجسده. ذلك ان المرء قد يتابع المسلسل من دون ان يدرك ان تلك الشخصية تمثل فعلاً السندريلا، ولولا الأحداث والأخبار والمعلومات التي نعرفها مسبقاً لما استطعنا ربطها بسعاد حسني. ليس غائباً عنا ان تجسيد حياة المشاهير ليس سهلاً، خصوصاً ان كانت هذه الشخصية حيوية وديناميكية ومحبوبة، وأخذت في كل محطة من حياتها بعداً ونضجاً مختلفاً تجسد بأدوار أفلام مختلفة كحياة سعاد حسني. ولذلك تحديداً كان يجب ان يتم اختيار مؤدية هذا الدور بتمهل ووفق معايير دقيقة، كي تتمكن من ان تلتقط روح واستقلالية وخفة دم وإغراء سعاد حسني، والسحر والشقاوة في عينيها، لا الكحل، ولا الحاجب المتقن رسمه. كان من الممكن ذلك لو لم يصرّ المسؤولون عن العمل على اختيار نجمة معروفة لتأدية هذا الدور. حتى انه كان من الممكن ان تكون منى زكي نفسها من يؤدي هذا الدور وبنجاح لو انها استطاعت ان تعيشه فعلاً لا ان تتمناه فقط. ومشكلة عدم اقناعنا بشخصية سعاد، لا ترتبط فقط بمقدرة منى زكي، ذلك ان القصة بحد ذاتها فقدت تماسكها بعد الحلقة الرابعة. فمن تابع المسلسل حتى الآن، يستطيع ملاحظة ان في المرات القليلة التي منحت منى زكي مجالاً، اظهرت بعض المقدرة التي كان لا بد من ان"تفلش"على امتداد الحلقات. ومع مرور أكثر من نصف المسلسل، لم نعرف عن سعاد اكثر مما كنا نعرفه عنها قبل هذا العمل. حتى ان القيمين على العمل اختاروا ان تظهر سعاد بصورة الملاك وبصورة الفتاة المعصومة عن أي هفوة. وكأن اعجابنا بأي كان شرطه الشكل الأيقوني الذي يسكنه. أياً يكن الامر، صور لنا المسلسل حتى الآن 23 سنة من حياة سعاد حسني، أي 39 فيلماً أولها"حسن ونعيمة"وآخرها"ليلة زفاف". وبقي نحو 39 فيلماً تتضمن اهم اعمالها الانتقالية مثل"شفيقة ومتولي"،"الكرنك"،"خللي بالك من زوزو"،"غروب وشروق"وآخرها"الراعي والنساء". وبقي ايضاً 25 سنة من عمرها امضت منها السنوات العشر الأخيرة بعيدة من الفن، فهل سيصور لنا ما تبقى من المسلسل التقلبات التي طرأت في حياة زوزو قبل ان تصبح شفيقة؟ وحدها زوزو ستخبرنا عن سعاد من خلال ال78 فيلماً، والنهاية التي لا تشبهها.