ثلاثة أصوات كانت تنقص التحالف الشيعي - الكردي لفرض برنامجه على الأطراف العراقية الأخرى، بدءاً من تشكيل الحكومة وانتهاء بتعديل الدستور. لكن بات أكيداً الآن أن أولى تداعيات نتائج الانتخابات ستكون إطالة مخاض تشكيل الحكومة الجديدة، إذ أظهرت النتائج ان التحالف لم يعد كافياً لاختيار رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، كما كان عليه الوضع سابقاً. إذ لم تستطع قائمة"الائتلاف العراقي الموحد"الشيعية، التي حصلت على 128 مقعداً، تأمين الغالبية المطلقة 138 مقعداً المطلوبة للفوز بثقة البرلمان 275 مقعداً، فضلاً عن عدم حصول الحليفين الشيعي والكردي 181 مقعداً على غالبية الثلثين 184 مقعداً المطلوبة لتشكيل هيئة الرئاسة. وكانت المفوضية العليا للانتخابات أعلنت أمس النتائج النهائية غير المصدقة للانتخابات، وحصل"الائتلاف الموحد"على 128 مقعداً تلاه"التحالف الكردستاني"الذي حصل على 53 مقعداً، ثم"جبهة التوافق العراقية"السنية 44 مقعداً ثم"القائمة العراقية الوطنية"بزعامة اياد علاوي 25 مقعداً ثم"الجبهة العراقية للحوار الوطني"بزعامة صالح المطلك 11 مقعداً. كما حصل"الاتحاد الاسلامي الكردستاني"على 5 مقاعد، و"كتلة المصالحة والتحرير"بزعامة مشعان الجبوري على 3 مقاعد، وقائمة"رساليون"القريبة من مقتدى الصدر على مقعدين، وحصلت كل من قائمة مثال الآلوسي والجبهة التركمانية، و"القائمة اليزيدية"و"قائمة الرافدين الوطنية"على مقعد واحد. وبعدما كان التحالف الشيعي - الكردي يطمح الى مفاوضة الأطراف الراغبة في المشاركة في الحكومة، خصوصاً"جبهة التوافق"السنية من موقع قوي ووفقاً لبرنامجهما بات عليهما الآن خفض سقف شروطهما لاستمالة هذه الأطراف، والاتفاق معها على"برنامج الحد الأدنى"لتشكيل الحكومة وفقاً لنتائج الانتخابات، ما ينبئ بأن أزمة تشكيلها ستطول. وأما اذا جرى التوافق على"برنامج الحد الأدنى"مع"التوافق"فإن الترجمة الأولى له ستتمثل في الاتفاق على اجراء تعديلات جوهرية على الدستور، بحسب مطالب"التوافق"، بما في ذلك إعادة النظر بالفيديرالية واجتثاث البعث، وطريقة توزيع الثروات، الأمر الذي كان رفضه الحليفان الشيعي والكردي بشدة. وفي محاولة للمناورة أمام"جبهة التوافق"، ربما يجد التحالف نفسه مضطراً الى الاعتماد على أصوات بعض الكتل الصغيرة ك"الاتحاد الاسلامي الكردستاني"و"رساليون"، وقوائم مثال الآلوسي والجبهة التركمانية واليزيدية والرافدين، ما يجعل قاعدته هشة للغاية. ويبدو واضحاً ان أي حكومة جديدة مهما كانت صفتها:"وحدة وطنية"أو"توافق"أو"مشاركة"ستكون ضعيفة وغير قادرة على الحسم بسبب الخلافات بين أطرافها. وفور اعلان النتائج سارع"الائتلاف"الى انتقاد المفوضية العليا للانتخابات آخذاً عليها طريقة توزيع المقاعد. واعتبر عمار الحكيم، نجل عبدالعزيز الحكيم رئيس"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية"ان"هذا التوزيع لم يراع القانون". موضحاً ان"الاشكالية التي حدثت ترتكز على تفسير قانون الانتخابات. فالائتلاف يعتبر، استناداً الى التطبيقات السابقة، أن الفوز بأي مقعد يتطلب حيازة العتبة الانتخابية عدد معين للمقعد. اما منح المقاعد لشخصيات وكيانات لم تصل الى هذه العتبة فنرى انه يتعارض وقانون الانتخابات". واضاف:"اذا اخذنا بهذا التفسير الذي طبق سابقاً يتمكن الائتلاف من حيازة ما بين 6 و8 مقاعد اخرى، ما يجعله قريباً من الغالبية المطلقة". وأكد ان"الائتلاف سيرفع شكوى بهذا الخصوص الى اللجنة القضائية في مفوضية الانتخابات". وفيما لم يصدر اي رد فعل عن"جبهة التوافق"أمس رأى صالح المطلك رئيس"قائمة الحوار الوطني"السنية ان النتائج"تأكيد للتزوير السابق"، معتبرا ان البرلمان"لن يكون متوازنا"، بينما قال مفيد الجزائري أحد قادة الحزب الشيوعي عضو قائمة علاوي:"سنقبل بهذه الحصيلة على رغم عدم رضانا عنها لأننا لا نريد خوض نزال في هذا الامر بسبب الظروف التي يمر بها البلد". من ناحيته اكد عبد الحسين الهندواي، عضو مجلس المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات، ان للقوائم المعترضة حق الطعن في النتائج خلال يومين، متوقعاً ان يتم تصديق النتائج خلال اسبوعين على الاكثر. وكانت الاممالمتحدة والولايات المتحدة رحبتا بتقرير البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات، واعتبرتاه"ايجابياً جدا"ودعتا الاطراف الى قبول نتائجه والانصراف الى تشكيل حكومة وحدة وطنية.