اقتحم المسلسل السوري حياتنا بقوة وفرض نفسه بكفاية اثبتت نفسها وصار يستحق منا كل تقدير وتحية. كنا الى عهد قريب نشهد للتلفزيون السوري بتفوقه في المسلسل التاريخي والديني لاسباب كثيرة منها مواقع التصوير وبراعة الديكور والملابس، وقبل ذلك كله بالطبع اختيار المواضيع وحرفية الكتابة ثم تفوق الاخراج، ولن نتحدث هنا عن بلاغة لغة الحوار وبلاغة الفصحى فهذا امر مفروغ منه ولا يحتاج شهادتنا. على أننا بتنا نتابع ايضاً وبشغف تفوق المسلسل الاجتماعي السوري، سأذكر على سبيل المثال مسلسلاً بعنوان"أنا وأربع بنات"الذي يعالج موضوعاً وارد الحدوث في كثير من أسرنا وبيوتنا على امتداد الوطن العربي، شرقه وغربه، وهو موضوع الزوج الأرمل الذي يعيش وسط اسرة من بناته الاربع ووالده العجوز. ثم تبدأ مشاكل البنات مع الحياة وفرص الزواج ومأزق الأب الذي يريد أن يواصل حياته مع زوجة يكمل معها ما تبقى له من عمر. ثم علاقة الجد بحفيداته وابنه الذي بعمله هذا يعرض الاسرة لهزة لم يحسبوا حسابها. ولماذا ننسى حلقات كوميدية بديعة مثل"المرايا"امتعتنا خلال شهر رمضان؟ لقد قدم التلفزيون السوري نجوماً يستحقون منا ان نلتفت اليهم وبشدة، وان نتابعهم باهتمام، ممثلين ومخرجين، مثل منى واصف وسلمى المصري وجمال سليمان ونجدة آنزور وايمن زيدان وجومانا مراد وأمل عرفة، ولا بد من أن نذكر هنا أيضاً مسلسلات ودراما من العيار الثقيل مثل"المرابطون"وپ"ملوك الطوائف"وپ"الظاهر بيبرس"... وغيرها. لقد بدأ فن التمثيل شامياً عندما جاء مارون نقاش الى مصر فتعلم منه المصريون هذا الفن. وعندما رحلت من لبنان بديعة مصابني وشقيقتها فوق دراجة لتفتح لها مصر حضنها فأنشأت فن الاستعراض وعلى مسرحها التقى المصريون فريد الاطرش، ومن مسرحها خرجت اصوات محمد فوزي وابراهيم حمودة ومحمد عبدالمطلب وغيرهم ايضاً. قدمت الشام للأمة العربية اسمهان وفهد بلان وصباح فخري، ولن نذكر بالطبع الى جوار هؤلاء العمالقة صغار آخر الزمان الذين ابتلينا بهم أخيراً فهذه ضريبة المجد السابق ندفعها اليوم. لقد قدمت الشام في الماضي نجوم الطرب وها هي اليوم تقدم يداً ممدودة لإنقاذ الدراما العربية انه يدق بعنف ابواب الدراما المصرية العتيدة ولعلها تكون رسول وحدة جديدة قد تتحقق من طريق أهل الفن هذه المرة بعد ان خابت على أيدي رجال السياسة.