في حضور المستشار الألماني غيرهارد شرودر وضيفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جرى التوقيع امس في برلين على مشروع ضخم لنقل الغاز الروسي من مرفأ فيبورغ القريب من"سان بطرسبورغ"الى غرايسفالد في شمال شرقي ألمانيا بواسطة خط أنابيب يمر تحت بحر الشرق ويبلغ طوله 1300 كلم. ويحصل التوقيع في وقت تشهد اسواق العالم أزمة نفط ووقود متصاعدة، وارتفاعاً مفتعلاً في اسعار النفط والغاز، وتركيزاً قوياً من جانب المستشار على ضرورة تأمين استقلالية بلده في التموّن بمصادر الطاقة، ومطالبته بفصل سعر الغاز عن سعر النفط على المستوى الدولي. وقال شرودر في مؤتمر صحافي أعقب التوقيع ان المشروع"يشكل نوعية جديدة في قطاع الطاقة، وهي نوعية تاريخية تؤمن لألمانيا قسماً كبيراً من حاجاتها منها على مدى عشرات السنين". ورد على المعارضين للمشروع مؤكداً انه"غير موجه ضد أحد وهو يفيد مصالح ألمانياوروسيا، ولا أعرف ما الخطأ في ذلك". وشدد الرئيس بوتين على آفاق التعاون الاقتصادي المستقبلي بين البلدين وثمن عالياً مشروع الغاز كاشفاً انه سيربط ايضاً دولاً أوروبية مثل فنلندا وهولندا. ووقعت شركة"غازبروم"الروسية الضخمة الاتفاق مع شركتي"أي يون"و"باسف ? فينترشل"الالمانيتين الضخمتين. وفيما حصلت"غازبروم"على 51 في المئة من أسهم المشروع، تقاسمت الشركتان الألمانيتان ال 49 في المئة الباقية. وستبلغ كلفة تنفيذ مد الأنابيب اربعة بلايين يورو تقريباً على ان يبدأ ضخ الغاز ابتداء من عام 2010. وستستورد ألمانيا في البداية 30 بليون متر مكعب من الغاز السيبيري على ان ترفع الى 50 بليون لاحقاً، أي اكثر من ضعف الكمية التي تستوردها حالياً من روسيا من طريق خط للأنابيب يربط روسيا بأوروبا الغربية ويمر في اوكرانيا ودول البلطيق وبولندا. ويبلغ احتياط روسيا من الغاز في سيبيريا ربع الاحتياط العالمي تقريباً. ووجهت الدول المذكورة احتجاجات شديدة اللهجة الى برلين لمعرفتها بأن مشروع بحر الشرق سيؤدي الى تخفيض ايرادات المرور في اراضيها وصولاً الى الاستغناء عن خدماتها مستقبلاً، كما تسعى بولندا لى مستوى الاتحاد الاوروبي الى منع تنفيذ المشروع. ووصف رئيس الحكومة البولندية ماريك بالكا امس المشروع بأنه"مشكلة سياسية"واتهم موسكو بممارسة"عرض قوة"كما اعربت حكومة ليتوانيا عن تخوفها من"الاحتكار الروسي"لمادة الغاز المرتهنة له. ويرى مراقبون هنا ان المشروع الضخم هذا ما كان ليتحقق بهذه الصورة لولا العلاقات القوية القائمة حالياً بين البلدين، خصوصاً بين شرودر وبوتين.