خيّم حادث اقتحام مهاجرين أفارقة السياج الأمني الذي وضعته السلطات الاسبانية حول مدينة سبتةالمحتلة شمال المغرب، على أعمال اللجنة المغربية - الاسبانية التي بدأت أمس في اشبيلية. ووصفت مصادر رسمية مقتل خمسة مهاجرين أفارقة، نتيجة اصابتهم برصاص مطاطي أُطلق على جموع المهاجرين الأفارقة، بأنه مأسوي ومؤسف، ويكشف تحول المغرب من بلد مصدّر للهجرة الى مستقبل لها، في إشارة الى تزايد أعداد المهاجرين المتحدرين من أصول افريقية في البلاد آتين من الحدود الشرقية مع الجزائر والحدود الجنوبية مع موريتانيا. وذكرت مصادر رسمية ان الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء المغربي السيد إدريس جطو مع نظيره الاسباني لويس ثاباتيرو عرض الى ملفات الهجرة غير الشرعية وتنسيق التعاون الأمني والقضائي في الحرب على الإرهاب، إضافة الى تطورات نزاع الصحراء والعلاقة المتأزمة بين المغرب والجزائر ومجالات التعاون الثنائي في الاستثمارات والصيد الساحلي. واعلنت أ ف ب، رويترز نائبة رئيس الوزراء الاسباني ماريا تيريزا فرنانديز دو لا فيغا في مؤتمر صحافي على هامش القمة الاسبانية - المغربية في اشبيلية سقوط ثلاثة قتلى من المهاجرين في الجانب المغربي من سياج سبتة وقتيلين في الجانب الاسباني. وسئلت عن معلومات أوردتها مصادر في الشرطة المغربية مفادها ان القتلى في الجانب المغربي اطلق عليهم رصاص مطاطي من جهة سبتة، فأشارت الى اجراء تحقيق في الموضوع مؤكدة ان الأجهزة الاسبانية المعنية تحرص على"الشفافية". واوضحت ان الحكومة الاسبانية قررت اليوم ارسال 480 عسكرياً لمراقبة حدود جيبي سبتة ومليلية وذلك لتعزيز حرس الحدود. وجاء هذا القرار بعدما احبط المغرب أمس محاولة تسلل عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين الى جيب مليلية الاسباني في اكبر عملية ينفذها حتى الآن، وفق ما افادت السلطات الاسبانية في مليلية. وجاء الهجوم على سبتة عقب ليلتين من اضطرابات مشابهة عند الاسلاك الشائكة التي تفصل بين المغرب وهذا الجيب. ويحيط بالجيب سوران يبلغ طول كل منهما عشرة كيلومترات وتوجد بينهما"أرض محايدة"ومثبت اعلى كل منهما اسلاك شائكة وتوجد عليهما حراسة من الجانب الاسباني. وحاول مهاجرون منذ فترة طويلة استخدام مليلية وسبتة كبوابة لحياة افضل في الاتحاد الاوروبي الثري لكن المحاولات الاخيرة كانت اكبر هجمات على الجيبين اللذين تسيطر عليهما اسبانيا منذ القرن الخامس عشر. وقال شهود إن محاولة اقتحام السياج الأمني في سبتةالمحتلة بدأت فجر أمس. إذ تجمع مئات المهاجرين الافارقة عند إحدى نقاط السياج ووضعوا سلالم لتسلقها، وتمكن عدد منهم من العبور الى سبتة على رغم حشد قوات من الحرس الاسباني الذي حاول التصدي للمهاجرين الذين قتل اثنان منهم في الجانب الواقع تحت نفوذ السلطات الاسبانية وثلاثة في الجانب المغربي. وعزت المصادر اندفاع المهاجرين الأفارقة لاقتحام السياج والوصول الى الجانب الاسباني، على رغم ما يحمله ذلك من مخاطر، الى أوضاعهم المأسوية في إحدى الغابات المجاورة لمدينة سبتة، إذ مكثوا هناك اسابيع عدة في انتظار لحظة العبور. وقال أحد القرويين في اتصال مع"الحياة"إن أولئك الأفارقة كانوا يقتاتون على الأعشاب ويطلبون من سكان الأرياف مدهم بالماء والطعام. وعلى رغم شن السلطات المغربية حملات عدة لوقف الهجرة غير الشرعية، فإن ذلك لم يحل دون تدفق أعدادهم بكثرة. ويعتبر حادث سبتة الثاني من نوعه بعد أن أقدم مهاجرون أفارقة على اقتحام سياج أمني مماثل في مدينة مليلية المحتلة شمال شرقي البلاد. وأقامت السلطات الاسبانية مراكز في المدينتين المحتلتين لايواء المهاجرين. وزاد في تشجيع الهجرة غير الشرعية لجوء السلطات الاسبانية الى تسوية أوضاع مهاجرين غير شرعيين في الفترة الأخيرة. ويعول المغاربة على دعم بلدان الاتحاد الأوروبي في التصدي للهجرة غير الشرعية التي أودت بحياة المئات من المهاجرين غرقاً في"قوارب الموت"في عرض الساحلين المتوسطي والأطلسي. وكانت السلطات الاسبانية أقامت حواجز من الأسلاك الشائكة وأجهزة الانذار المبكر على امتداد المدينتين المحتلتين، إلا أن ذلك لم يحل دون استمرار تسلل المهاجرين المتحدرين من أصول افريقية ومغربية. وذكرت مصادر اسبانية أمس أن سلطات مدريد أقرت خطة لتعزيز وجودها الأمني والعسكري في المدينتين في ضوء تزايد محاولات اقتحام السياج الأمني. وقال جمعة خليل رئيس رابطة أصدقاء وعائلات ضحايا الهجرة غير الشرعية وهي جماعة مغربية تدافع عن حقوق المهاجرين ان المهاجرين تعرضوا لاطلاق النار بينما كانوا يحاولون اجتياز الحاجز تحت ستر الظلام. وابلغ خليل"رويترز"نقلاً عن نشطاء تابعين لجماعته في المنطقة بأن طلقات نارية اطلقت على المهاجرين الذين اقتحموا السور لشق طريقهم نحو اسبانيا. الا انه قال انه لا يعرف من الذي أطلق النار على الحشد أو الاسباب الفعلية للوفيات. وقال جيرونيمو نيتو أكبر مسؤول اسباني في سبتة للراديو الحكومي:"لم نشاهد اعداداً كبيرة كهذه من قبل... مجموعة كبيرة بهذا الحجم وهذا التنظيم والتنسيق". وفي الإطار ذاته، صرح ناطق باسم مركز شرطة مليلية لوكالة"فرانس برس"ان"المغرب احبط محاولة تسلل عدد كبير من المهاجرين بعد انتشار نحو 500 عنصر من الشرطة المغربية والاستعانة بثلاث مروحيات". وقال ان"هذه العملية هي الأهم التي ينفذها المغرب قياساً بعمليات التمشيط السابقة"، متحدثاً عن"تنسيق رائع"بين المغرب واسبانيا لمكافحة الهجرة غير الشرعية. واشار الى توقيف 220 شخصاً في العملية. واضاف ان غالبية الموقوفين من جنوب الصحراء.