عندما انقطع التيار الكهربائي قبيل الثانية من فجر امس عن معظم المناطق في بيروت وجبل لبنان والجنوب لم يخطر في بال المواطنين انه كان مقصوداً هذه المرة وغير ناجم عن عطل فني مفاجئ، وان الهدف منه توفير الاجواء المواتية لتنفيذ عملية امنية محدودة لاستحضار المديرين العامين السابقين للأمن العام اللواء جميل السيد وقوى الامن الداخلي اللواء علي الحاج، واستخبارات الجيش اللبناني العميد ريمون عازار، والنائب السابق في البرلمان ناصر قنديل بناء لطلب مباشر من رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي الالماني ديتليف ميليس. وأحيطت عملية الاستحضار التي نفذتها وحدات خاصة من قوى الامن الداخلي بمواكبة مباشرة من اعضاء في لجنة التحقيق الدولية، بسرية تامة ولم يعلن عنها، الا صباح امس، نقلاً عن مصادر امنية اكدت استدعاء السيد والحاج وعازار للمثول امام المحقق الدولي، فيما حضر قائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان بملء ارادته الى مقر اللجنة في منطقة المونتيفردي، بينما لم تتمكن القوى الامنية من احضار قنديل بعدما تردد انه غادر ظهر اول من امس الى دمشق وأن ميليس باشر اتصالاته بالجهات السورية المعنية لتأمين عودته الى بيروت للمثول أمامه. وعلمت"الحياة"من مصادر امنية لبنانية ان وحدات من قوى الامن وبمواكبة من لجنة التحقيق كانت باشرت في الوقت نفسه دهم منازل السيد والحاج وعازار في بيروت والجبل، وانها تمكنت من إحضار السيد من منزله في محلة الجناح في بيروت، بينما احضرت عازار من منزله الصيفي في بلدة مشموشة - قضاء جزين والحاج من منزله الصيفي في مسقطه برجا في اقليم الخروب في الشوف. وبحسب المعلومات، فإن المجموعات الامنية فتشت منازل السيد والحاج وعازار قبل ان يصعد الاول والثاني في سيارتيهما الخاصتين بحراسة عناصر من قوى الامن واعضاء في لجنة التحقيق، بينما صعد عازار في سيارة تابعة للجنة الدولية تولى قيادتها عنصر من قوى الامن الداخلي. وفي خصوص النائب السابق قنديل، علمت"الحياة"ان قوتين امنيتين دهمتا منزليه، الاول في محلة بئر حسن والثاني في بلدة بعبدات المتن الشمالي، وأخضعتهما الى تفتيش دقيق قبل ان تغادرهما بعدما اعلمتا بأنه موجود في دمشق. أما في شأن العميد حمدان، فعلمت"الحياة"من المصادر ذاتها ان ميليس كان بعث صباح اول من امس بمذكرة خطية الى قيادة الجيش اللبناني في اليرزة أورد فيها رغبته بالاجتماع مجدداً الى قائد الحرس الجمهوري. وكان ميليس زار عصر اول من امس لهذه الغاية رئيس الجمهورية اميل لحود ووضعه في اجواء القرار الذي اتخذه بالاستماع مجدداً الى حمدان، متمنياً عليه اضافة الى قيادة الجيش عدم السماح له بالسفر الى نيويورك، بعدما كان أشيع بأنه يستعد للتوجه اليها في الساعات المقبلة على رأس المفرزة الامنية السباقة من ضباط وعناصر الحرس الجمهوري، للاشراف على الاجراءات الامنية والتدابير اللوجستية تمهيداً لسفر رئيس الجمهورية على رأس وفد رسمي الى نيويورك لحضور القمة العالمية المنعقدة فيها على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة. واذ استبعدت المصادر ان يكون أحد من كبار المسؤولين اللبنانيين على علم بالقرار الذي اتخذه ميليس للاستماع مجدداً الى الذين تم استحضارهم في ضوء التقدم الذي وصل اليه التحقيق في جريمة اغتيال الحريري، اكدت في المقابل ان رئيس اللجنة حصل على تعهد من لحود بإيفاد حمدان في العاشرة من صباح امس الى مقر اللجنة للاستماع الى افادته. وعزت المصادر سبب المراسلة التي حصلت بين ميليس وقيادة الجيش من جهة وبين الاول ولحود من جهة ثانية الى ان حمدان لا يزال في الخدمة العسكرية وأن الاصول تقتضي اتباع الخطوات التي قام بها ميليس، وخصوصاً ان قائد الحرس الجمهوري لا يقيم في منزله الكائن في المنازل المخصصة للضباط في محلة بئر حسن مدخل بيروت، بعدما كان استعاض عنه بالاقامة في بعبدا منذ اغتيال الحريري. ورداً على سؤال حول الطريقة التي تم فيها استحضار السيد وعازار والحاج للمثول امام ميليس بخلاف ما حصل في السابق اذ جرى ابلاغهم عبر الهاتف، قالت المصادر ان السبب يعود بالدرجة الاولى الى حصول تقدم في التحقيق يستدعي الاستماع اليهم مجدداً لكن هذه المرة ليس على اساس انهم شهود وانما لكونهم من المشتبه فيهم، وبالتالي لا بد من اللجوء الى هذا التدبير الوقائي الذي تمثل بدهم منازلهم واحضارهم وذلك لضمان مثولهم امام ميليس من ناحية ولقطع الطريق امام حصول مفاجآت يمكن ان تبقي على ثغرات في التحقيق في حال تأخر حضورهم لسبب أو لآخر الى"المونتيفردي". وقبيل الرابعة بعد الظهر, وصل النائب السابق قنديل الى بيروت آتيا من دمشق, وتوجه مباشرة الى المونتيفيردي بمواكبة امنية. وكان تحدث الى الصحافيين في منطقة المصنع، فابلغهم انه تحدث مع المحقق الدولي ميليس, واتفق معه على المثول امام اللجنة الدولية فور تبلغه بالموعد الذي تحدده له. وكانت لجنة التحقيق حصلت على رقم هاتف قنديل في محل اقامته في دمشق من حراس منزله في محلة بئر حسن, واتصلت به وطلبت منه الحضور فاجاب بأنه سيحضر الى بيروت.