تتزايد في شكل لافت في دولة الإمارات، ودبي في شكل خاص، لائحة القوانين الضابطة لسلوك الأفراد في أماكن العمل والدراسة والشوارع. ويتخذ بعضهم من هذه القوانين الضرورية للسيطرة على مشهد مدني يتسّع لأكثر من 200 جنسية وثقافة مختلفة تتعايش جنباً إلى جنب، سمة الغرابة أو الطرافة أحياناً. وتوصف دبي ب"الورشة"الكبيرة التي تدور فيها عجلة كبريات الشركات العالمية عابرة القارات التي تتخذ من الإمارة مركزاً إقليمياً لأعمالها في منطقة الشرق الأوسط. ولا تتخلى هذه الشركات عن ثقافتها التي تطبقها في بلادها الأصلية، بل تقوم بنقلها وفرضها على العاملين فيها من مختلف الجنسيات. على سبيل المثال، يتوجّب على الراغب في زيارة مقرّ شركة"باناسونيك"اليابانية في منطقة"جبل علي"الصناعية أن يراجع حساباته إذا كان موعد الزيارة صباح يوم السبت. فموظفو الشركة، من يابانيين وهنود وعرب، سيكونون مشغولين بتلاوة جماعية لما يسمى"خطاب ماتسوشيتا"الذي يعكس رؤية ماتسوشيتا الذي أسس الشركة في آذار مارس العام 1918. ويفرض على الموظفين في فرع الشركة في دبي أن يرددوا"التعويذة"التي يتفاءل بها المسؤولون في الشركة، تضامناً مع أكثر من 330 ألف موظف آخرين في فروع الشركة في العالم، ممن يرددون العبارة ذاتها صباح كل يوم سبت. وتقول"إدراكاً منّا لمسؤوليتنا كرجال صناعة، سنكرّس أنفسنا لتقدّم المجتمع وتطوره ورفاه الشعوب من خلال أنشطتنا التجارية، ونعزز بذلك من نوعية الحياة في كل أرجاء العالم". وبعيداً من"نشيد باناسونيك"الصباحي، فوجئ موظفو شركة"ألوكاس للمجوهرات"بتعليمات تردهم عبر الفاكس من"رأس الهرم الإداري"تفيد بضرورة قص لحاهم وشواربهم"تحت طائلة فقدان الوظيفة". ولم يفهم نحو 2500 موظف، غالبيتهم من الجنسية الهندية، السبب وراء هذا القرار. إلا أن معظمهم قرر الإذعان للأمر وقصّ شواربه واللحى للاحتفاظ بالوظيفة في الشركة التي تعتبر أكبر موزع للمجوهرات في المنطقة. وتقوم غالبية الشركات الانكليزية الجنسية بفرض ثقافتها على العاملين فيها، ويصل الأمر أحياناً إلى إجبارهم على الاحتفال بأعياد ومناسبات لا تمتّ الى ثقافاتهم بصلة. ومن الشركات إلى الطرقات، حيث تعتزم الإدارة العامة لمرور دبي تحويل بعض مرتكبي المخالفات المرورية، من الفئة الجسيمة، إلى المحاكم، في سابقة تعتبر فريدة من نوعها في هذا السياق. وسيكون هناك، بدءاً من مطلع العام المقبل، قاض خاص يعرف باسم"قاضي المرور"للبت في هذه النوعية من القضايا التي تودي بحياة 80 في المئة من ضحايا المرور. وفي أبو ظبي، لن يكون في مقدور تلامذة المدارس أن يمضغوا العلكة والمصاص وأطعمة أخرى كثيرة، بموجب قرار أصدره جهاز أبو ظبي للرقابة الغذائية أخيراً ويطبق بدءا من الموسم الدراسي المقبل.