يزداد اقبال السياح السوريين والعرب الذين يوصفون بال"محافظين"على شواطئ سورية معينة تناسب رغباتهم وتقاليدهم الاجتماعية مثل رأس البسيط والبدروسية وخليج أم الطيور في محافظة اللاذقية، بعدما لبت تلك المناطق حاجات مرتاديها بما تقدمه من خدمات جيدة إثر تحديث بنيتها التحتية وتطوير مشروعاتها السياحية. واستأثرت"الشواطئ المحافظة"بشرائح واسعة من المجتمع السوري بينها الطبقات الشعبية والفئات محدودة الدخل نتيجة لانخفاض اسعار خدماتها مقارنة بمناطق الخدمات الراقية مثل الشاطئ الأزرق في اللاذقية والرمال الذهبية في طرطوس، على رغم ما لهذه الصفة من مبالغة حيث لم تسع سورية بعد في شكل جدي لاستهداف الفئات الراقية من السياح لغياب البرامج الخاصة بذلك مع وجود نقاط جذب لا تقل أهمية عما هو موجود في دول عربية معينة. اقبال كبير اعتاد رياض دملخي من حلب تدوير زيارته في كل عام بين أم الطيور ورأس البسيط والبدروسية برفقة عائلته من دون أن يتسبب له ذلك بأي حرج:"نادراً ما تغامر المرأة هنا بلبس المايوه لأنها تصبح عرضة للتلصص والفضول في زحمة الاناث المحجبات أو المتشحات بالملابس المحتشمة أثناء السباحة، كما يراعي الزوار حرمة الأسر المحافظة فلا يجاهرون بشرب الخمور، وتقل الظواهر المشينة بالأخلاق كتلطيش النساء والتضييق عليهن الى أدنى مستوى لها قياساً الى شواطئ أخرى، أي يمكن القول ان هناك اعرافاً وقيماً متفقاً عليها ضمنياً تسود العلاقة بين الرواد والنزلاء". ولفت أمير السياف الى انه لا غنى للأسر الحلبية المحافظة من زيارة البحر الذي يعد المتنفس الأول لهم"ومن أجل ذلك يوفرون مبلغاً من المال أثناء الشتاء لانفاقه وقت الزيارة، ما دفع بالكثير من الحلبيين الى تملك شقق سكنية وشاليهات وأراض زراعية في البدروسية ورأس البسيط حتى غدا قسم من عقاراتها مسجلاً بأسمائهم". ويشهد على ذلك تسيير حافلات نقل عمومية تؤم الشاطئين على مدار الساعة، وبخاصة في موسم الاصطياف. وشهدت الأعوام الماضية اقبالاً منقطع النظير من مختلف المحافظات السورية ما انعكس على ثمن الخدمات المقدمة، فارتفعت أسعار تأجير الشاليهات والشقق المفروشة حتى شابهت نظيراتها في مناطق المنتجعات بسعر وسطي يعادل خمسة آلاف ليرة سورية الدولار نحو 55 ليرة للشقة الواحدة المؤلفة من غرفتين وصالون على رغم تدني تصنيفها السياحي. وتوقع علي شحادة صاحب شاليهات للايجار أن يحظى العام الحالي بنسبة إشغال كبيرة من المصطافين تفوق ما حققه العام الماضي مع احتساب عدد الأسّرة التي دخلت الخدمة من جديد"بدلالة الأعداد الغفيرة التي قصدت البدروسية ورأس البسيط وأم الطيور في بداية الموسم السياحي الحالي أو قبل ذلك بقليل، ومنها أسر خليجية ليس لها أطفال في سن الامتحانات المدرسية والجامعية". وأشار الى ان بعض العائلات الخليجية يحبذ الاقامة في هذه المنطقة"في حين يؤثر الشباب قضاء اجازاتهم في أماكن أخرى...". ودعا شحادة المستثمرين السوريين والعرب لتوظيف أموالهم بإقامة منتجعات وقرى سياحية تلبي خصوصية المجتمعات الاسلامية أسوة ببعض الدول الإسلامية"ومن شأن ذلك أن ينوع المقاصد السياحية ويلبي الطلب على مثل هذا النوع من المنشآت التي ستجذب، في حال قيامها، أعداداً غفيرة من السياح المحليين والاقليميين مع مراعاة أصحاب الدخول المنخفضة من السوريين والذين يعول عليهم في انجاح الفكرة". مواقع أثرية وطبيعية ساحرة "فوجئ"السعودي خالد الماجد بجمال الطبيعة وغاباتها التي تعانق البحر في رأس البسيط وكذلك بشاطئه الجميل ومياهه النظيفة في أول زيارة له الى المنطقة، إذ خبر معظم مناطق الاصطياف السورية في الزيارات السابقة. وتمنى خالد على وزارة السياحة السورية"ترويج المقومات التي يمتلكها هذا الشاطئ في دول الخليج، ولا سيما في السعودية، مثل طبيعته المحافظة... واعتقد انه سيصبح من الشواطئ التقليدية التي سيقصدها الخليجيون مستقبلاً". يصب في خانة المكانة المرموقة التي باتت البدروسية ورأس البسيط وأم الطيور تحتلها على خريطة السياحة السورية قرب المناطق الأثرية، منها مدينة أوغاريت الأثرية في رأس شمرا وهي موطن الأبجدية الأولى في العالم من خلال رقمها المسمارية وتل عطشانة أو"ألالاخ"وعمر استيطانه سبعة آلاف عام، وكذلك موقع رأس البسيط الذي يبعد 8 كيلومترات عن مدينة رأس البسيط. وتتاخم المنطقة الغابات الجبلية الطبيعية والمحميات الطبيعية كالبسيط والفرنلق ومحطات الاصطياف التقليدية مثل كسب قرب حدود الاسكندرونة في تركيا والسدود السطحية والبحيرات الاصطناعية كبللوران. ولا تزال أوابد موقع رأس البسيط الأثري متناثرة بين الأشجار الحراجية، وهي مدينة قديمة ترجع الى زمن السلوقيين وكانت تدعى"بوسيد بوم"ويعود جزء من آثارها الى زمن البيزنطيين. ويجاور الموقع تلال عدة أثرية منها تل شوكت والمحجر وبيت عليو والمفروسية والسمعلية. وفي حين يبعد خليج أم الطيور، الذي تستقطب خدماته الفئات الشعبية، 30 كيلومتراً الى الشمال من مدينة اللاذقية، يقع رأس البسيط على مسافة 50 كيلومتراً منها لجهة الشمال أيضاً ويتصل به مباشرة شاطئ البدروسية لمسافة 1500 متر مستثمرة سياحياً وتفرشها الشاليهات والمطاعم والمحال التجارية.