أكدت وكالة الطاقة الدولية في دراسة حديثة صدرت أخيراً حول توقعات الطاقة العالمية، أن الاحتياطات النفطية والغازية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"ستكون أساسية في تلبية النمو العالمي للطلب على الطاقة في العقدين ونصف العقد المقبلين". وحذر نائب المدير العام للوكالة، وليام رامسي، في مؤتمر صحافي عقده في كل من باريس يوم الجمعة الماضي، ولندن صباح أمس، من ضرورة عدم تأجيل الاستثمارات في قطاعي الإنتاج والنقل في دول الشرق الأوسط، مشيراً إلى"أن شح الاستثمار في الطاقات الإنتاجية والتكريرية ساهم في الأشهر الأخيرة إلى توتر شديد في السوق النفطية العالمية". وأضاف أنه"ينبغي ألا تتأخر هذه الاستثمارات". وتؤكد وكالة الطاقة الدولية في دراستها الحديثة حول توقعات العرض والطلب في دول المنطقة الجزائر ومصر وإيرانوالعراق والكويت وليبيا وقطر والسعودية والإمارات أن التأخير في الاستثمار في الإنتاج والنقل سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار نحو 13 دولاراً في 2030 ليبلغ سعر البرميل 52 دولاراً دولار 2004، أو زيادة مقدارها 20 في المئة. وستؤدي زيادة السعر هذه إلى ارتفاع أسعار الغاز والفحم، وكذلك الكهرباء. وتضيف الدراسة أن في حال تأخر الاستثمارات في الاستكشاف والتنقيب عن النفط في دول الشرق الأوسط، ستنخفض حصة هذه الدول من الإنتاج العالمي من 35 في المئة في 2004 إلى 33 في المئة في 203. واعتمدت الوكالة في دراستها"سيناريو المرجعية"المبني على الوضع القائم حالياً والسياسات النفطية المتبناة في الوقت الراهن من دون تغيير، كما رسمت سيناريواً آخر مبنياً على فرضية شح الاستثمارات في حقلي إنتاج النفط ونقله. وذكر رامسي خلال المؤتمر الصحافي أن سبب رسم سيناريو يفترض قلة الاستثمارات"يعود لتوفر عدد من الأسباب عند الدول لقلة الاستثمار الكافي في قطاع النفط. فهناك أسباب أمنية، لأن بعض الدول مثلاً تتخوف من الاستكشاف والتنقيب في مناطق غير مستقرة سياسياً، كما أن نمو السكان العالي من جهة والعائد المالي المنخفض من المبيعات النفطية في بعض الاحيان، يدفع بعض الدول إلى تقليص الاستثمارات في القطاع النفطي". وأضاف:"إنها ليست سياسة معتمدة للتأخير في الاستثمار، ولكنها نتيجة عدم تمكن بعض الدول من التعامل بنجاح مع ميزانياتها العامة، ولأسباب أمنية". وقال أنه كان من مصلحة الوكالة تبني دراستين، واحدة تعتمد"سيناريو مرجعية"وأخرى لسيناريو يتأخر فيه الاستثمار وذلك لتبيان ضرورة تبني سياسة استثمارية أنشط. العراق واعترف مسؤول عن إخفاق الوكالة في توفير توقعات دقيقة بالنسبة لمستقبل إنتاج النفط العراقي، وقال:"بالنسبة الى توقعاتنا حول أرقام إنتاج النفط العراقي، فهي أقل وضوحاً من بقية أرقامنا وتوقعاتنا. فالعراق ينتج اليوم نحو مليوني برميل يومياً من النفط الخام، وفي إمكانه أن يصل إلى 3.2 مليون برميل يومياً في أكثر الحالات تفاؤلاً. ولكن، وبعد أن يستتب الأمن، وبما أن العراق رابع مركز لموارد الطاقة في العالم، فمن الممكن زيادة الإنتاج في 2030 لكي يصل إلى 7.9 مليون برميل يومياً. وهذا ممكن لأن الاحتياط النفطي فيه كبير والتكاليف قليلة نسبياً". توقعات كما تؤكد الدراسة ان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تملك 60 في المئة من احتياط النفط العالمي و45 في المئة من احتياط الغاز الطبيعي في العالم، في حين أن حصة دول المنطقة من الإنتاج العالمي في 2004 كانت فقط 35 في المئة من النفط العالمي و15 في المئة من الغاز العالمي. وتوقعت الدراسة أن يرتفع إنتاج دول أوبك من 29 مليون برميل يومياً في 2004 إلى 50 مليوناً يومياً في 2030، مما يزيد حصة نفط الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الإنتاج العالمي إلى 44 في المئة في 2030. كذلك، تتوقع الوكالة أن يرتفع إنتاج الغاز في دول المنطقة ثلاث مرات من 385 بليون متر مكعب في 2003 إلى 1211 بليون متر مكعب في 2030. الطاقة الإنتاجية السعودية وأكد رامسي في رده على سؤال ل"الحياة""أن الطاقة الإنتاجية السعودية يمكنها تلبية الاحتياجات النفطية المستقبلية". وأضاف:"نحن في حاجة إلى معلومات أكثر وضوحاً". وتقدر الدراسة الاحتياط السعودي من النفط الخام بنحو 262 بليون برميل، وهو أكبر احتياط عالمي. فالسعودية أكبر منتج عالمي وأكبر مصدر، وتبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية 11 مليون برميل يومياً، أو نحو 1.5 مليون برميل يومياً أكثر من مستوى الإنتاج الحالي. وفي إطار"سيناريو المرجعية"المعتمد في الدراسة، يتصور ارتفاع مستوى الانتاج السعودي من 11.9 مليون برميل يومياً في 2010 إلى نحو 18.2 مليون برميل يومياً في 2030، وأن تزداد صادرات النفط من 8.3 مليون برميل يومياً في 2004 إلى 9.3 مليون برميل يومياً في 2010 وإلى 14.4 مليون برميل يومياً في 2030، وأن ترتفع طاقة التكرير من 2.1 مليون برميل يومياً في 2005 إلى 2.6 مليون برميل يومياً في 2010 وإلى 4.5 مليون برميل يومياً في 2030. وتقدر الوكالة احتياجات المملكة للاستثمار في قطاع النفط بين 2004 و2030 بنحو 174 بليون دولار، أكثر من 80 في المئة منها في مشاريع الانتاج. كما قدرت الوكالة عائدات النفط السعودي في 2005 بنحو 150 بليون دولار. إيران وتساءلت وكالة الطاقة الدولية في الدراسة عن فعالية القوانين الإيرانية في التعاقد مع شركات النفط العالمية للدخول في عمليات الاستكشاف والتطوير. وتشير الدراسة الى ان هذه العقود"لا تجذب اهتمام الشركات العالمية لأنها تحمل في طياتها مخاطر كبرى لا تشجعها على تحملها والأخذ بها". الاستثمارات كما تشير دراسة وكالة الطاقة الدولية الى ان النمو في الطلب على الطاقة سيستمر على الأقل للعقود الثلاثة المقبلة. وان الشرق الأوسط وشمال افريقيا سيلعبان دوراً أساسياً في تلبية هذا الطلب. ومن ثم فإن انخفاض الاستثمار في انتاج النفط من هذه الدول سيؤدي الى الخلل في توازن العرض العالمي.