مرت مدينة لندن في الاسبوعين الاولين من شهر تموز يوليو الجاري بحوادث ومشاعر كثيرة. ففي الثاني منه استضافت ثماني حفلات غنائية ضخمة لجمع التبرعات، وفي السادس فازت باستضافة الالعاب الاولمبية. وفي أقل من 24 ساعة لاحقة تعرضت لاعتداءات لم تميز بين الاعراق والاديان والاعمار. وليس من المبالغة القول أنها أسوأ ايام اللندنيين منذ الحرب العالمية الثانية. في هذه اللحظة برزت شخصية المدينة الكامنة. ففي التفجيرات قتل بولنديون وأتراك وأميركيون وفرنسيون وايطاليون واسرائيليون وايرانيون وسريلانكيون وبريطانيون آخرون من أصول مختلفة, منهم المسيحي والمسلم والسيخ واليهودي. على هذا ظهرت لندن"مدينة فوق الأمم"وپ"ما بعدها"، وهي ربما، كما وصفتها صحف التابلويد الشعبية،"مدينة المجزرة المتكافئة". ومرة أخرى أثبتت شعارها"مدينة واحدة، عالم واحد". فهذا ما شعر به كل من حضر الحفلات الغنائية. وهو رد لندن على الاعتداءات، انها مدينة"كوسموبوليتية". ولا شك في أن نيويورك تحتضن حجم أعمال أكبر بكثير من لندن، ولكن ذلك لا يعكس غير قدرة السوق الاميركية. وأما لندن فتتخطى نيويورك لانها المركز العالمي الفعلي. فأكثر من مليون بريطاني يعملون يومياً فيها. والتجارة الاسيوية تؤثر فيها أكثر من الاحداث البريطانية الداخلية. والاهم من ذلك كله البشر الذين يؤمونها من كافة المشارب. فالخلطة العرقية والثقافية الموجودة فيها تغذي قطاعاتها الابداعية كالمسرح والموسيقى والاعلام والازياء. فثلث اللندنيين هم من الاقليات العرقية. وربما قلة تقدر قيمتها كمركز تجاري عالمي. وكلهم يجمعون على حب شخصيتها المتعددة والمتنوعة. لذلك أتوجه إلى الذين جاؤوا ليقتلونا واقول لهم: أنا اعلم انكم لا تخافون على حياتكم مقابل سلب الآخرين حياتهم، ولكنني على يقين من أن فشلكم في تدمير المجتمعات الحرة هو أكثر ما يرعبكم. وفي الايام الآتية راقبوا مطاراتنا، ومرافئنا ومحطات قطاراتنا. وسترون أن أناساً كثيرين سيأتون ليصبحوا لندنيين رغماً عن أنوفكم. وهم يهربون منكم لأنكم تريدون تعليمهم كيف يعيشون فيأتون الينا ليكونوا أحراراً. لذا مهما بلغ عدد صرعاكم، فأنتم الخاسرون والخائبون. كن ليفينغستون عمدة لندن، نيوزويك الاميركية، 18-25/7/ 2005