تترقب الأوساط المصرفية المصرية تجربة خصخصة بنك الإسكندرية، ومدى التزام الدولة بعد معارضتها السابقة الحديث في موضوع خصخصة مصارف القطاع العام، باعتباره مساساً بما يسمى"الأمن الاقتصادي"، وتجاوزاً للخطوط الحمر التي لا يُسمح لأحد بتجاوزها. لكن يبدو أن اختيار بنك الإسكندرية كمثال لخصخصة المصارف العامة، سيحقق الهدف منه، بعد الإجراءات التي اتخذتها إدارة المصرف بإشراف البنك المركزي. ويتمتع المصرف بوضع جيد، ويأتي في المرتبة الرابعة في قائمة المصارف المملوكة للدولة، بإجمالي أصول قدرها 37.5 بليون جنيه في 30-6-2004. وتبلغ حصته من إجمالي الودائع في الجهاز المصرفي 6.2 في المئة، و5.6 في المئة من إجمالي محفظة القروض. وأعلنت الحكومة في الربع الأول من العام الجاري خطة لطرح المصرف للاكتتاب في إطار برنامج إدارة الأصول. واختير"سيتي غروب"مستشاراً مالياً وفنياً للاكتتاب، وفق جدول زمني محدد للتنفيذ. وتؤكد مصادر أنه مع تولي محمود عبد اللطيف رئاسة مجلس إدارة المصرف في تشرين الأول أكتوبر 2002، ارتفعت قيمة الموازنة من نحو 20 بليون جنيه إلى 41 بليوناً، وارتفع الربح قبل المخصصات من 150 مليوناً إلى 1.1 بليون، علماً أن المخصصات نفسها ارتفعت من 800 مليون إلى ثلاثة بلايين جنيه، ما جعل للمصرف وضعاً تنافسياً كبيراً، وبات لاعباً رئيسياً في السوق المصرفي. وكشف نائب محافظ البنك المركزي طارق عامر عن خطة لتحديث الهياكل الإدارية والمالية للمصارف المصرية، حيث تواكب النظام المصرفي العالمي. وأوضح عبد اللطيف، انه تم توضيح خطة التطوير وهدفها للعاملين في المصرف، باعتبارهم جزءاً أساسياً من عملية الخصخصة. وقال إن السياسة المالية الجديدة للمصرف، تقوم على ترك جزء من فائض الجباية للقطاعات العاملة، لرفع معدلات الاستثمار والتنمية، مشدداً على ضرورة أن تكون هذه السياسة قائمة على الثقة بين الحكومة والمجتمع. كما أكد جاهزية المصرف للخصخصة، وان هناك مراجعة وتدقيق لكل النواحي المالية فيه، بحسب المواصفات العالمية، إضافة إلى تقويم الأصول الثابتة، والعقارات، والتي تقدر أصولها بنحو 500 مليون جنيه، على ان تتم عروض البيع في مطلع تشرين الأول أكتوبر. وهذا بالتأكيد سيحدد الطريقة المميزة التي"نهدف بموجبها إلى خصخصة المصرف قبل نهاية العام". ويرى مصرفيون، أنه على رغم وضوح النيات الحكومية في هذا الاتجاه، إلا أن توقيت الانتهاء من هذه العملية ما زال موضع جدل، إذ لا يعرف على وجه الدقة، ما إذا كانت الحكومة ستتمكن من تجهيز المصرف للخصخصة قبل نهاية العام أم لا، نظراً الى ان الكثير من الترتيبات الضرورية على هذا الصعيد لم تتخذ بعد. ويأتي قرار الحكومة في هذا الصدد، بعد التزامها أمام مؤسسات التمويل الدولية، التي قدمت في السابق منحاً لهذه المهمة، واستعدادها لمواصلة تقديم المنح والمساعدات اللازمة لدعم الإجراءات التي اتخذت، ولهذا، لن تجد مناصاً من الاستمرار في عملية الخصخصة. وقد لا تفي الحكومة بتعهدات خصخصة بنك الإسكندرية قبل نهاية السنة، كما اعترف بذلك ضمنياً وزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين، لكن الإجراءات المتخذة تؤكد الثقة بمشروع محافظ البنك المركزي فاروق العقدة لإصلاح الجهاز المصرفي في البلاد، وتغيير خريطة السوق بحلول سنة 2008، وهو التاريخ الذي أعطاه لنهاية المشروع الذي بدأه العام الماضي، وبنك الإسكندرية سيكون النموذج.