توقعت مصادر سياسية وحزبية مواكبة للاتصالات والمشاورات التي بدأها رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة بعيداً من الاضواء، إعلان التشكيلة الوزارية في مهلة أقصاها مساء بعد غد الاثنين، في حال أفضت المفاوضات الجارية حالياً، وخصوصاً مع زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون، الى نتائج ايجابية لجهة اشتراكه في الحكومة، اضافة الى توافق الاطراف المعنية حول توزيع الحقائب وخصوصاً تلك المعروفة بالخدماتية نظراً لوجود منافسة بين الكتل النيابية على توليها، بخلاف السابق حيث كان الاختلاف يدور حول الحقائب السيادية المالية، الخارجية، الدفاع الوطني، الداخلية. وقالت المصادر لپ"الحياة"ان التوجه لدى السنيورة لإشراك الكتلة النيابية التي يتزعمها عون، ينسجم مع مبادرة رئيس"كتلة المستقبل"النائب سعد رفيق الحريري في اتجاه جميع القوى بغية اشراكها في الحكومة انطلاقاً من قوله ان يده ممدودة للتعاون مع الجميع. لكن المصادر لفتت الى أن الصورة الأولية للحكومة ستبدأ في الظهور تدريجاً قبل الاثنين، واعتباراً من اليوم تحديداً. وعزت السبب الى أن موقف عون من الاشتراك في الوزارة سيتحدد في الساعات المقبلة، بعد أن تكون نتائج الاتصالات قد توضحت. ويتركز الاختلاف في هذا المجال، على عدد المقاعد التي يطالب عون بها، على خلفية ان هناك صعوبة بإعطائه أربعة وزراء في حكومة من 24 وزيراً. وحذرت المصادر من تضييع الوقت وإغراق الرئيس المكلف في لعبة التوزير وتوزيع الحقائب. وقالت إن الفرصة وإن كانت مطلوبة للخوض في التفاصيل فإن تركها مفتوحة لن يكون لمصلحة الصدمة التي تتطلع المعارضة الى احداثها في الوسط السياسي استكمالاً للصدمة التي حققتها من خلال السيطرة على غالبية المقاعد في البرلمان. ورأت المصادر ان لا اعتراض على التفاوض مع عون، لكن لا بد من تحضير البديل طالما ان المعارضة تتحكم بغالبية المقاعد من جهة وقادرة على التعاون مع الثنائية الشيعية المتمثلة بپ"حزب الله"وحركة"أمل"، مشيرة الى أن الانفتاح على"التيار الوطني"يكمن في مبادرة الحريري لاستيعاب مرحلة ما بعد الانتخابات، على أساس أن"النتائج أصبحت وراءنا ولا بد من الالتفات الى المستقبل". وشددت على ضرورة تجاوب القوى الأخرى وعلى رأسها عون مع مبادرة الحريري، لكنها رأت ان إنجاحها يتوقف على مدى تجاوب الأول واستعداده للتعامل بإيجابية من دون أن يشترط زيادة حصته في الوزارة، لا سيما ان لا شيء يمنع المعارضة من تشكيل حكومة تكون أكثر انسجاماً من حكومة تجمع بين أطرافها الكثير من التناقضات، وبالتالي تمهد الطريق أمام انتقال الصراع من الشارع الى مجلس الوزراء. وأوضحت المصادر ان ليس في وسع المعارضة الانتظار الى ما شاء الله، ليتوصل عون الى اتخاذ قراره النهائي. وسألت هل ان الفريق الآخر سيتعامل مع المعارضة بالطريقة نفسها والتوجه نفسه لو ان الانتخابات قادته الى السيطرة على غالبية المقاعد النيابية؟ وحذرت أيضاً من مغبة الخضوع للابتزاز من الحكم أو بعض الكتل النيابية تحت عنوان استغلال رغبة المعارضة في أن تشكل الحكومة الجديدة مناسبة لفتح صفحة جديدة تسمح بالحوار بين الأطراف المعنية. وقالت ان التسليم لعون بالشروط التي يطرحها للاشتراك في الحكومة سيدفع بالقوى الاخرى الى مطالبته المعاملة بالمثل. وكشفت المصادر ان عون سمى 4 وزراء في حكومة من 24 وزيراً هم: عصام أبو جمرة، نبيل نقولا، آلان طابوريان وميشال ميشال سكاف. وقالت ان الآخرين يقترحون في المقابل خفض العدد الى 3، على قاعدة عدم التسليم له بوزير أرمني محسوب على حزب الطاشناق الذي يتمثل بمقعدين في البرلمان في مقابل أربعة مقاعد تشغلها الأحزاب والجمعيات المنافسة له الرامغفار، الهانشاك. وأضافت ان رفع عدد اعضاء الحكومة الى 30 وزيراً يمكن ان يساعد على التعاطي بإيجابية مع العرض الذي تقدم به عون، مؤكدة ان الأخير لا يزال يبدي مرونة عبر عنها في اجتماعه مع السنيورة، اضافة الى أن أوساطه تنفي ان تكون لها علاقة ازاء ما يتردد من ان"الجنرال"يقاتل ايضاً لمصلحة رئيس الجمهورية اميل لحود لضمان تمثيله بوزير على الأقل أو باثنين على الأكثر يكون أحدهما صهره الياس ميشال المر. واعترفت المصادر بوجود مشكلة تتعلق بكثرة المرشحين المسيحيين وقالت ان النائب وليد جنبلاط يفضّل المجيء بحكومة منسجمة ينبثق منها فريق سياسي متضامن مشترطاً وجوب تمثيل اللقاء الديموقراطي بوزير مسيحي الى جانب اشراك قوى المعارضة. وعزت السبب الى ان جنبلاط يرفض في ضوء النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات والتي أمنت للقاء النيابي سبعة نواب مسيحيين، أن يتعامل معه وكأنه زعيم درزي لا امتداد له في الطوائف الاخرى، مشيرة الى أهمية اشراك"لقاء قرنة شهوان". ولفتت الى أن المعارضة ترفض أي محاولة لاقصاء بعض أطرافها المسيحيين، في مقابل تقديم هدايا مجانية للآخرين ممن رسبوا في الانتخابات، بخلاف الفريق الآخر المتمثل بالعماد عون شرط ان يزين الأمور وألا يطالب بحصة وزارية تفوق حجمه النيابي. وأوضحت المصادر أيضاً ان لا بد من التمييز بين استيعاب عون كقوة رئيسية في الشارع المسيحي وبين استرضاء رئيس الجمهورية في شكل يتجاوز ضرورة مراعاته الى تكبير حصته في الوزارة أسوة بما كان يحصل في السابق. وأشارت الى ان لن يكون في وسع لحود تكرار تجاربه السابقة في التعاطي مع الحكومات السالفة لا سيما انه لا يستطيع أن يرفض باستمرار أي تشكيلة وزارية يعرضها عليه السنيورة بذريعة انه يتقيد بممارسة صلاحياته الدستورية. وأكدت ان أي توجه سلبي منه حيال الحكومة العتيدة سيرتب عليه مواجهة ضغط المجتمع الدولي الذي يحبذ الاسراع في تشكيل الوزارة بعدما تراجع عن حماسته للدعوات التي كانت تطالب باستقالة رئيس الجمهورية. وقالت ان التوصل مع عون الى اتفاق في صدد تشكيل الوزارة سيؤدي حتماً الى التقليل من أوراق الضغط التي يمكن أن يلجأ اليها لحود، اضافة الى انه سيتيح للحكومة الاطمئنان حتى اشعار آخر الى الحركة السياسية في الشارع، لمنع استخدامه أو تحريكه ضد حكومة"لم يمض عليها في القصر إلا من مبارح العصر..."! بدلاً من ان تعطى الفرصة التي تتيح لها التصدي للملفات من سياسية واقتصادية ومالية.