على مدى يومين، طرحت شخصيات اسلامية ومسيحية ويهودية من أميركا وفرنسا، رؤى عدة بشأن كيفية دعم الحوار بين ابناء الديانات السماوية الثلاث، وشكل اقتراح تبناه أكثر من مشارك بشأن انشاء"مركز للحوار"في الدوحة أبرز المبادرات التي شهدها"مؤتمر الدوحة الثالث لحوار الأديان"، اضافة الى دعوة لتشكيل وفد من المشاركين تحت اسم"صنَاع السلام"للقيام بجولة في دول الغرب للتعريف بأهمية الحوار بين الأديان وفقاً لرؤية طرحها رئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط رئيس الطائفة الانجيلية المصرية الدكتور القس صفوت البياضي. ورغم أن عنوان المؤتمر يؤشر الى طبيعته الدينية الا أن قضايا الشرق الأوسط، وفي صدارتها القضية الفلسطينية والاحتلال الأميركي للعراق، فرضت وجودها في المناقشات، وأجمع متحدثون على أن حل الصراع العربي - الاسرائيلي، والقضية الفلسطينية بصفة خاصة، يمثل الطريق والسبيل الى السلام والاستقرار في المنطقة، ووجه متحدثون مسلمون ومسيحيون انتقادات الى الانحياز الغربي لاسرائيل. وحضرت قضايا الاصلاح في المناقشات، ورأى البياضي ضرورة أن يدعم الشرق والغرب الدور الأميركي من أجل تسوية نهائية بين اسرائيل وفلسطين مع استمرار الاصلاح السياسي والاقتصادي معاً والتخلي عن الشعارات التي تتسم بالكراهية. وكان دعا الى تسوية شاملة في المنطقة تضم ايران وتركيا وتؤدي الى استقرار العراق. وشهد المؤتمر أفكاراً جريئة كالتي طرحها أستاذ الدراسات الاسلامية في جامعة قطر الدكتور عبدالحميد الانصاري الذي دعا المسلمين والمسيحيين واليهود الى مراجعة تصوراتهم النمطية التاريخية عن الطرف الآخر من خلال اعادة النظر في المناهج التعليمية والخطاب الديني والثقافي والاعلامي. ووجه تحذيراً من"ترك الساحة للذين يريدون قيادتنا الى الصدام والهلاك"، وحض الجميع على"قطع الطريق على الذين يسعون الى ازدهار دعاوى استدامة العداوة بين أصحاب الديانات". وقال الانصاري إن"علينا واجباً أخلاقياً آخر في الوقوف ضد عدو مشترك للانسانية جمعاء يتمثل في ترسيخ التعصب ونشر ثقافة الكراهية والمحاولات الساعية لفرض ثقافة واحدة أو نظام سياسي واحد"، واعتبر أن"محاولة اخضاع البشر لسلطة سياسية واحدة أو ثقافة معينة ضد ارادة الله"، ورأى أن"التعددية اثراء للحياة ووسيلة للارتقاء والتواصل الحضاري الخلاق". وبدا أن مبادرة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بضم اليهود الى الحوار الذي بدأ اسلامياً مسيحياً في الدوحة قبل عامين لقيت قبولاً ودعماً من المؤتمرين الذين نوهوا بأهميتها في أوراق عمل عدة، حيث شدد ممثلو الديانات الثلاث في مداخلاتهم على ضرورة استمرار الحوار. وفي دراسة عن دور القيم الدينية المشتركة في بناء الحضارة، خلص الأمين العام ل"مجلس التعايش الديني"في السودان الدكتور الطيب زين العابدين الى أن"الحوار بين الأديان ضروري للتفاهم والتعايش السلمي والتعاون بين الأمم ولكنه ليس بديلاً من رفع الظلم وفرض سياسات جائرة بالقوة العسكرية واستغلال منظمة الأممالمتحدة ضد الدول الضعيفة". وقال المطران جورج صليبا مطران جبل لبنان وطرابلس في تصريحات الى"الحياة"أن المشاركين في مؤتمر الدوحة اتفقوا على متابعة الحوار واكمال المسيرة، ورأى وجوب دعوة آخرين من أصحاب الديانات للمشاركة في المؤتمر مستقبلاً، مشيراً الى الهندوس والبوذيين وغيرهم. وأكد أنه اقترح تشكيل لجنة دائمة لمتابعة الحوار وتنسيق آلياته لتنفيذ التوصيات التي يصدرها المؤتمر. وأضاف:"اقترحت أيضاً أن ندعو رؤساء وملوك وقادة عرب الى تثبيت أشكال لهذا الحوار في بلدانهم أو أن يتفقوا أن نلتقي في وطن واحد أكثر من مرة خلال السنة". وعن مشاركة يهود وحاخامين من أميركا وفرنسا قال:"لم نشعر بأنهم يقفون الى جانب الصهيونية، وكانت مشاركتهم عادية، فاليهود لم يتحدثوا عن الصهيونية بل نحن أثرنا موضوع الصهيونية وبرأنا منها المسيحية".