على رغم أن السعودية بلد الشمس، فإن بعض شبابها يفضل أن يقضي ساعات نهاره في الظلام. هذا السر اكتشفه عدد من أصحاب المقاهي في وسط العاصمة السعودية، بصنع ديكورات خاصة والتلاعب بالأضواء حتى يوحي لمن يدخل المحل أنه في ناد ليلي. ويتنافس أصحاب المقاهي على ابتكار تصميمات تتناسب مع فئة الشباب في المجتمع السعودي، لكسب أكبر عدد من الذين أدمنوا ارتياد المقاهي. يقول سلطان العديلي إنه كان يذهب هو وصديقه الى احدى الدول القريبة في نهاية الأسبوع، بحثاً عن مقاه تقدم جواً من التسلية والترفيه، وتنسيه عناء أسبوع متعب في العمل:"نذهب الى مقهى متميز بخدماته في دولة قريبة، ونمضي ليلتنا فيه، مستمتعين بالخدمات التي تزيح شيئاً من هموم العمل وضغوطاته، وعند حلول الفجر نستعد للعودة". ويضيف:"كان الأمر يتطلب منا مبلغاً خاصاً بالسفر، وآخر للمقهى وخدماته، مما يجعلنا نخصص أسبوعاً واحداً في الشهر للذهاب، أما في الوقت الحالي وبعد توفر اعداد كبيرة من المقاهي في السعودية تقدم بعض الخدمات المميزة، أصبحنا نرتادها بشكل يوميً". ويؤكد الطالب الجامعي فهد الصالح ان جلسات المقاهي تستهويه، ويصل به الأمر أن يزور أكثر من مقهى في الليلة الواحدة. وعن سر التنقل بين المقاهي، يقول:"تربطني علاقات جيدة مع عدة شلل تتنوع بين أصدقاء في الجامعة، ومعارف من الأنترنت، وكل مجموعة تفضل أن تمضي وقتها في مقهى محدد يوفر الخدمة التي يبحث عنها أفرادها، ولهذا انتقل من مقهى إلى آخر، خصوصاً أنها في شارع واحد". بعض المقاهي دفعت ملايين الريالات كي تكون في الموقع المناسب وبالديكور الجذاب، لترضي جمهور الشباب الذي يقصدها، خصوصاً في فترات الليل. وعمد بعض أصحاب هذه المقاهي إلى وضع أقسام خاصة بالزبائن تبدأ من الفئة العادية وصولاً إلى فئة ال"VIP"وكل فئة لها سعر خاص بحسب المستوى والخدمة المقدمة للعميل. إضافة إلى تخصيص ركن لمستخدمي الإنترنت، وأخر لعشاق متابعة المباريات العالمية، وأيضاً تخصيص مكان أكثر هدوءاً للمهتمين بالقراءة. ويشير السوداني عبدالرؤوف يوسف صديق، مدير مقهى، الى أن تكلفة ديكور بعض المقاهي تتجاوز مليوني ريال، مؤكداً أن الديكور يعد العامل الأول لجذب الشباب:"عندما يدخل الشاب ويلفت انتباهه ديكور المقهى، يبدأ الاتصال بأصدقائه ويدلهم على المكان ومميزاته". ويضيف أن جميع المقاهي تتشابه في الخدمات وأنواع المشروبات الباردة والساخنة، وينحصر تنافسها في تصميم ديكورات أبداعية:"نغيّر الديكور كل سنتين كأقصى حد ممكن، كي نستطيع الاستمرار في المنافسة، وأخذ حصتنا من السوق، خصوصاً أن المقاهي الجديدة تكون لديها فرصة كاملة في الخروج بديكور عصري يجذب الشباب مما يؤثر في وضع المقاهي الأقدم". ويشير اليماني أحمد مدير أحد المحلات، إلى أن قيمة جلسات"VIP"تتفاوت ما بين 100 و200 ريال مع تقديم خدمات خاصة للعميل، وتخضع هذه الأسعار لرسوم خدمة تتراوح ما بين 10 إلى 15 في المئة وتختلف باختلاف نوعية المقهى وخدماته. ويجتمع ناصر مع أصدقائه مساء كل أربعاء في منزل أحدهم ليختاروا بعد ذلك مقهى يذهبون إليه، يقول:"كل منا يذكر مجموعة من اسماء المقاهي المميزة وإذا كان هناك مقهى جديد أو يقدم خدمات جديدة، نذهب إليه بحثاً عن ما يكسر روتيننا اليومي". والبحث عن الهدوء والارتياح هو ما يدفع نواف الحارثي الموظف في إحدى الشركات الخاصة إلى البحث عن المقاهي التي تلبي طلبه:"اذهب إلى المقاهي التي تتميز بأجواء هادئة والتي تبعث تصاميمها الارتياح في شكل عام، خصوصاً أن غالبية المقاهي يلف أجواءها صخب وإزعاج ناتج من تحمس بعض الشباب أثناء متابعتهم لمباريات كرة القدم أو مزاولتهم لبعض الألعاب الالكترونية". وعلى رغم مبالغة مثل هذه المقاهي في أسعار المشروبات والوجبات الخفيفة التي تقدمها، إلا أن سلطان الحربي، الذي يعمل في القطاع العسكري، يقول"خصوصية المكان والهدوء الذي يوفره المقهى، يجعلاني لا أتردد في دفع 100 أو 200 ريال لحجز مقعد وقضاء وقت ينسيني ضغط العمل ولو لوقت قليل".