يتغلغل بين المقاعد عله يحظى بمكان يتابع منه مباراة حامية. ولم يكتف بدخوله وحده بل اصطحب معه عدداً من أصدقائه ليشاركوه موجة التشجيع ورفع أصواتهم بالأهازيج التي حولوا بها المكان إلى مصدر للصخب والتشويش على الآخرين. وبعد نهاية الشوط الأول، بدأ ذلك الشاب يحدث شغباً في المقهى، مستغلاً مجانية المشاهدة، فأصرّ صاحب المقهى على أن يخرج والمجموعة التي كانت برفقته، ومنعه من الدخول مرة أخرى. قرر عزَام الهاجري، صاحب أحد مقاهي الانترنت (جنوبالرياض)، وبعد عراكه مع الشاب ومجموعته، فرض رسوم إلزامية بتخصيص تذاكر يومية يقتطعها الزائر مقابل المشاهدة. وكان ينوي الاستمرار في العرض مجاناً لجذب أكبر عدد من المرتادين الذين يطلبون مشروبات أثناء المباريات، ورفع إيرادات المقهى. واختلاف الفرق المتنافسة ومستوياتها جعل الهاجري يضع أسعاراً متفاوتة بحسب أهمية المباراة، فالفريق الذي حقق بطولات عالمية يتسبب في رفع سعر التذكرة، بخلاف المباراة العادية التي لا يتجاوز سعر تذكرتها بضعة ريالات. وهو فرض الرسوم لرغبته في تحديد فئات مرتادي المقهى وقطع الطريق على فئة المراهقين والصغار مراعاة للهدوء ونظامية المقهى. ويقول: «يستغل بعض الشباب قيمة التذكرة، وبعد شرائها يدخل لمشاهدة الشوط الأول وإذا لم تعجبه يخرج من المقهى فترة ما بين الشوطين ويعطي التذكرة لصديقه الذي يتابع الشوط الثاني، مستفيداً بذلك من القيمة المتبقية». وفي المقابل، تستحوذ المقاهي الحديثة المنتشرة في الرياض على العدد الأكبر من الشبان، خصوصاً من متابعي المونديال على خلاف المقاهي الشعبية عند أطراف العاصمة لانخفاض أسعارها وقربها من منازلهم، إضافةً إلى تميزها بالديكورات الهادئة والقريبة من الأجواء الأسرية، واحتوائها التجهيزات الالكترونية واللاقطات الهوائية والشاشات التلفزيونية الحديثة من نوع «بلازما» و «اتش دي» التي ارتفعت أسعارها في شكل ملحوظ نتيجة الإقبال الشديد عليها. والمقاهي الشعبية تفرض 30 ريالاً بصورة إجبارية، كرسوم للطاولة تشمل المشروبات الساخنة والباردة ومتابعة المباراة بخلاف المقهى العادي، حيث يدفع الزبون من 10 إلى 15 ريالاً. ويقول احد الزبائن إن على رغم وجود القنوات الرياضية المشفرة التي تنقل المباريات، يفضل مشاهدتها في المقهى بصحبة الأصدقاء وزملاء العمل، «خصوصاً أنها تمنحني فرصة التدخين بحرية بعيداً من أسرتي وأطفالي الذين يضرهم دخان السجائر». واتجه الانفجار المعلوماتي والتقني للظفر بأكبر عدد من المشتركين الباحثين عن أخبار المونديال الأفريقي، ممن يعيشون خارج دائرة الحدث العالمي ويبحثون عن التميز ورغبة المتابعة التفصيلية. وكانت الخدمات التي تقدم بواسطة الهاتف المحمول جزءاً من العروض الاستثمارية للأسرة وعرضها من طريق الهواتف لمتابعة النتائج والإحصاءات، وعرض جوائز للسفر إلى جنوب أفريقيا مع إقامة مدفوعة التكاليف لحضور المباراة النهائية، فضلاً عن إرسال لقطات للفريق أو اللاعب المفضل. وفي خضم العراك الكروي، والاختبارات النهائية تحاول الأسرة السعودية خلق جو مهيأ للمذاكرة والدرس والتخفيف من وطأة الجو المشحون بالقلق لتقديم أفضل ما يمكن في الامتحانات، خصوصاً أن المباراة النهائية هذا العام، ستكون متمثلة استثنائياً في ازدواجية التوقيت بين الطالب وإشباع شغفه في معرفة بطل المونديال.