أطلعت على مقال جميل مطر في جريدة"الحياة"الاثنين 9/ 5/ 2005 عن القمة التي عقدت في البرازيل بين الدول العربية ودول أميركا اللاتينية. وسرني تناول الكاتب لهذا الموضوع الذي لم يلق الاهتمام الكافي الجدير به من وسائل الاعلام على رغم الأهمية الكبرى لهذا الحدث الذي يعد خطوة أولى نحو تحقيق حلم سبق أن دعوت اليه منذ نحو ثماني عشرة سنة، ولكن للأسف لم يلقَ آذاناً صاغية من المفكرين وصناع القرار في العالم العربي، ربما بسبب الانهماك في الاحداث المتسارعة التي حجبت عنا آفاقاً مثل هذا التفكير، وانغمسنا في دوامة من"ردود الفعل"تجاه ما يفرض علينا من حوداث، لم يكن لنا للأسف في أي يوم الدور"الفاعل"أو أخذ زمام المبادرة لصنع القرار المناسب النابع من إرادتنا نحن وليس إرادة الآخرين ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على هذا العالم، شماله وجنوبه وشرقه وغربه. كنت قد كتبت عن ذلك في مقالي المنشور في جريدة"الحياة"بتاريخ 11 آذار مارس 2004، في عنوان:"نعم لشرق أوسط كبير... ولكن صناعة وطنية"، وهو مقال استوحيته من محاضرة لي في جامعة نيودلهي بمناسبة عقد المؤتمر الوزاري لحركة عدم الانحياز عام 1995 حملت عنوان"العالم الثاني... بدء مرحلة جديدة من التاريخ"بعدما لاحظت انحسار فاعلية حركة عدم الانحياز وعدم تحقيقها الأهداف التي أنشئت من أجلها في ظل المتغيرات المفاجئة إثر انهيار الاتحاد السوفياتي واختلال التوازن الدولي الذي كان قائماً قبل ذلك والذي نتجت عنه معطيات جديدة أفقدت حركة عدم الانحياز مبرر وجودها، ودعوت آنذاك الى ضرورة أخذ زمام المبادرة من جانب الدول النامية في الجنوب لمواجهة هذا التطور المفاجئ والدراماتيكي، والسعي الى حماية هذه الدول التي أطلقت عليها"العالم الثاني"بدلاً من"العالم الثالث"بعدما برزت هذه القوة الكبرى من دول الشمال وبعض الدول الصناعية الكبرى، قبل أن تبتلعنا هذه القوة وتفرض نفوذها وسيطرتها ووصايتها علينا بما يشبه الاستعمار الجديد الذي أطلق عليه اسم"النظام العالمي الجديد"، وما ترتب عليه من تداعيات خطيرة اكتوى بنارها معظم دول العالم النامي، والتي لا تزال تداعياتها هذه تكتسح هذا العالم خصوصاً في منطقتنا العربية. وكان الحل في رأيي المتواضع ان تسارع هذه الدول في العالم الثاني الى التشاور والتنسيق في ما بينها لخلق تكتل جديد قوي وقادر على مواجهة تلك التطورات، من دون أن يؤدي ذلك بالضرورة الى التصادم أو المواجهة بين العالمين... الشمال والجنوب... بل خلق الظروف الايجابية التي تتيح لنا التعامل مع هذه القوة الناشئة، من مركز القوة التي يمكن أن تتحقق بالعمل الجاد والدؤوب ومن طريق التكامل الاقتصادي القادر على التعامل مع"الشمال"من مركز الند للند. والمشاركة الفاعلة في رسم معالم هذا النظام العالمي الجديد، بما يكفل حقوقنا المشروعة، ويحقق طموحات شعوبنا في الذود عن مصالحنا، وتحقيق الازدهار والرفاه والافادة من مواردنا الاقتصادية، بعيداً من أي استغلال ظالم ومجحف وجشع... فإذا تحقق ذلك الحلم يمكن لنا أي العالم الثاني أن نسعى للانتقال الى المرحلة الثانية: أعني الشراكة الكاملة والانصهار في بوتقة النظام العالمي الجديد القائم على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وبالتالي بدء عصر جديد من السلام العالمي الذي سيتيح للجميع المناخ اللازم لمزيد من النخبة والتقدم والرخاء. حلم آخر نرجو أن يتحقق وربما كانت بدايته هذه القمة الرائدة. كاتب سعودي.