ظلت لعبة سباقات الفورمولا واحد على مدى العقود الماضية واحدة من الرياضات العريقة والارستقراطية، التي تتمتع بشعبية كبيرة ضمن الرياضات الحديثة، لكن مع الاحداث الاخيرة في حلبة انديانا بوليس الاميركية ظهرت الشروخ، التي تهدد مستقبل اللعبة برمتها. لا شك في ان اصحاب القرار والشخصيات المؤثرة في هذه اللعبة وقعوا في مصيدة المكايدات والتجاذبات وتصادم المصالح، ما هدد بنحر اللعبة وانصارها. لكن كيف وصلت اللعبة الى هذه الحال؟ كانت كارثة مشاركة ست سيارات فقط من أصل عشرين سيارة في سباق انديانا بوليس، واحدة من سلسلة خلافات بين رئيس الهيئة المنظمة ماكس موزلي ومسؤولي الفرق المشاركة الذين شككوا في قدرة موزلي على ادارة اللعبة. في شباط فبراير الماضي، قال رئيس فريق ويليامز سير فرانك ويليامز، الذي تُوج ابطاله نيلسون بيكو ونايجل مانسل ودايمون هيل على قمة اللعبة على مدار العقود السابقة:"اجواء اللعبة غير صحية ومليئة بالشوائب، ولم تكن بهذا السوء من قبل، ولا حتى خلال الحرب المعلنة بين بيرني اكليستون مالك الحقوق التجارية للعبة وفرق اللعبة من جهة وبين الهيئة المنظمة في مطلع الثمانينات، ونحن نعاني بشدة الآن اكثر من اي وقت سابق... سيأتي يوم او حدث ما ويفضح افعال موزلي". وفي تشرين الاول اكتوبر الماضي قدمت تسعة فرق من اصل عشرة، عدا فيراري، اقتراحات عن مستقبل اللعبة، منها الحد من عدد التجارب لتقليص المصاريف، والتي رفضها"فيراري"والذي بدوره افشل هذا الاقتراح. وراهن موزلي على تفكك اتحاد الفرق التسعة، لكن لدهشته فانها اصبحت اكثر تلاحماً وتفاهماً، والاهم انها طبقت عدداً من الاقتراحات التي قدمتها من دون انتظار موافقة الهيئة المنظمة التي يرأسها موزلي، كتقليص تجاربها. وفي كانون الثاني يناير الماضي، اعلن موزلي واكليستون تمديد عقد"كونكورد"مع فريق فيراري، والذي ينص على حصول الاخير على حصة الاسد من مداخيل اللعبة، وتوقعا ان توقع الفرق التسعة الاخرى على هذا التمديد، لكنهما تفاجآ عندما اصبحت الفرق التسعة اكثر اتحاداً وتضامناً. في اذار مارس الماضي، في افتتاح الموسم الجديد، في حلبة ميلبورن الاسترالية، خاض رئيس فريق"ميناردي"بول ستودارت حرباً قانونية مع موزلي على خلفية فرض موزلي قوانين تقنية جديدة، واعتبرها غير دستورية ولا ينص عليها قانون اللعبة. واستمر الخلاف، وتقاطعت الاراء. وفي نيسان ابريل الماضي، عاقب اتحاد اللعبة ومحكمته الاستئنافية فريق"بار-هوندا"بمحو نتائجه في سباق ايمولا، وحرمانه من المشاركة في السباقين التاليين، لانه استخدم وقوداً محرماً في سان مارينو سباق ايمولا، ومن بعدها جاءت القشة التي قسمت ظهر اللعبة، في سباق الولاياتالمتحدة، عندما برزت مشكلة اطارات"ميشيلن"التي نصح صانعوها الفرق بعدم المشاركة في السباق لعدم سلامة الاطارات على ارضية السباق، وباحتساب الاسلوب الذي تم التعامل به مع هذه المشكلة، اوصل اللعبة الى مستوى ازمة حقيقية تهدد مستقبلها واستمراريتها. ومع المشادات بين الفرق واللجنة المنظمة واتحاد اللعبة، والتي ارتقت الى نوع من المفارقات المضحكة-المبكية، وامتناع سبعة فرق من المشاركة، فان اتحاد اللعبة رفع شكوى قانونية ضد الفرق السبعة والتي سينظر فيها المجلس العالمي لرياضة السيارات في باريس الاربعاء 29 الجاري، متهماً اياها بتشويه صورة اللعبة وتعطيل مصالحها. وبتبادل الاتهامات العلنية عن المسؤول عن الاخفاقات الاخيرة وسبب الانهيار الحالي، فان سباقات فورمولا واحد تواجه حالة طلاق حتمية بين اتحادها وفرقها، ودائماً وفي كل المشكلات الرياضية، يدفع الجمهور الثمن الاكبر، مثلما دفع الاميركيون ثمن اخفاق سباق انديانا بوليس.