تدخل ايران غداً السبت مرحلة جديدة ومفصلية في تاريخها السياسي، بين خيار الانفتاح على الخارج او التوغل في التشدد، وذلك بناء على النتيجة التي ستخرج عن صناديق الاقتراع في الدورة الثانية والحاسمة في الانتخابات الرئاسية التاسعة في عمر الثورة. ويبدو المشهد السياسي الإيراني محموماً ويشوبه القلق، على اثر الانقسام العمودي داخل المجتمع بين ما يمثل كل من المرشحين المتنافسين: هاشمي رفسنجاني ومحمود احمدي نجاد. راجع ص8 ويتعين على الناخبين اليوم، الاختيار بين رفسنجاني وهو احد اعمدة النظام والذي يحظى بدعم الفصائل الاصلاحية كافة بعد وعده بالانفتاح، وبين منافسه احمدي نجاد الذي يستعيد شعارات المرحلة الاولى للثورة مع ما رافقها من تشدد ومثالية وانكماش نحو الداخل. وتطل هذه الخيارات في لحظة حرجة تتربص فيها التحديات الدولية بالبلاد من كل جهة، خصوصاً في ظل الازمة النووية الايرانية، الملف الاكثر خطورة على طهران. ووقفت فئات من المحافظين الى جانب رفسنجاني على رغم اعتباره مرشح"البورجوازيين"والقوى الاصلاحية بكل اطيافها العلمانية والليبرالية والاسلامية المعتدلة والراديكالية، في مواجهة مشروع استعادة شعارات البدايات التي يرفعها المرشح المتشدد احمدي نجاد متجاهلاً المتغيرات الداخلية والخارجية, ما قد يقود ايران نحو عزلة دولية جديدة. ومن ابرز المحافظين الذين ايدوا رفسنجاني رئيس لجنة التنسيق بين القوى والأحزاب المحافظة علي اكبر ناطق نوري الرئيس السابق للبرلمان الذي يشغل منصب مستشار المرشد علي خامنئي. وحرص رفسنجاني على تقديم وعود الى الفقراء بمنح كل عائلة مخصصات مالية سخية شهرياً نحو مئة دولار لتمكينها من التكيف مع الازمة المعيشية, وذلك في محاولة ل"خطف"اصوات الفقراء من منافسه الذي يحظى بتأييد الفئات المحرومة. كذلك بادر انصار رفسنجاني الى التحذير مما سموه عودة افكار"حزب الله"بما تمثله من اجواء احتقان وتشدد داخلي، قد تؤدي الى ضرب كل الانجازات الاجتماعية والفكرية والثقافية والاقتصادية التي تحققت على مدى السنوات ال16 الماضية في العهد الاول لرفسنجاني وفي فترة رئاسة محمد خاتمي. واعترف خاتمي بجدية تلك التهديدات بقوله ان التغيير الداخلي لا يمكن ان يجري بين ليلة وضحاها، وهو في حاجة لكثير من الوقت والزمن كي يصبح حالة عامة وراسخة, في حين رأى رفسنجاني ان التقدم والتنمية الاقتصادية، لا بد من ان يترافقا مع حال من الامن الاجتماعي والسياسي، ما يساعد رؤوس الاموال والاستثمارات الداخلية والخارجية على العمل والنشاط. وحذر التيار الاصلاحي من ان وصول احمدي نجاد الى رئاسة الجمهورية يضرب كل الانجازات التي تحققت بفضل جهود كبيرة ومضنية من اجل تعزيز موقع الرئيس في هرمية النظام والتأكيد على دوره كرأس للسلطة التنفيذية والشخصية الثانية في النظام بعد المرشد الاعلى، وذلك طبقاً للدستور. وشدد الاصلاحيون على ان تقديم التنازلات في شأن موقع الرئاسة يعيد النظام الى نقطة البداية ويعرقل عملية الاصلاح السياسي للنظام ومبدأ فصل السلطات. وتخوف الاصلاحيون ايضاً من ان يؤدي فوز احمدي نجاد الى سيطرة المحافظين على كل مواقع القرار في النظام، اي السلطات التنفيذية والاشتراعية والقضائية، وبالتالي عودة التشدد وسياسة الغاء الاخر. ورأى مراقبون ان هزيمة رفسنجاني تسهم في اسقاط الدفاعات عن كل رجالات الثورة والمؤسسة الدينية التي تكون حينها قد اسهمت في شكل اساسي في اضعاف نفسها من خلال تقديم السياسي على الديني والمتحرك السلطة على الثابت المؤسسة وكيانها. وبالتالي لن يكون اي من افرادها في المستقبل بعيداً عن الالغاء والاستبعاد او حتى الاخراج من الساحة السياسية بذريعة دينية او سياسية.