"بعد تسع سنوات بدأنا نعود بقوة"، هذه الكلمات التي قالها المهدي إمبيرش وزير الثقافة والاعلام في ليبيا تلخص الدورة الحالية السابعة من"معرض الجماهيرية الدولي للكتاب"الذي ينعقد في المركز الدولي للمعرض في العاصمة طرابلس من 14 إلى 27 الجاري. بعدما مدد ثلاثة أيام . وحملت هذه الدورة اسم الشاعر الليبي خليفة التليسي الذي اختير رئيساً فخرياً لها. إلا ان غياب المعرض سابقاً وسببه الرئيس الحصار الذي فرض على ليبيا في السنوات الماضية لم يمنع إدارة المعرض الحالية بإدارة الشاعر محمد بعيو من انجاز دورة محترمة فيها الكثير من الإجتهاد مما مكنها من أن تنجح في تحقيق مصالحة حقيقية مع هواة الكتاب وصانعيه في ليبيا وكذلك من أن تواكب التحولات الكبرى التي يشهدها العالم على كل الأصعدة الثقافية والفكرية. وضمن هذا الإطار جاء شعار هذه الدورة وهو"نحو فكر إنساني متفتح". وجاء في الإفتتاحية التي تضمنها دليل المعرض:"... تفتح الجماهيرية على آفاق المعرفة والعلم والكلمة أبواباً بلا مصاريع يلجها كل متعطش إلى الجديد عبر معرض الجماهيرية الدولي للكتاب في دورته السابعة التي ترسخ هذا المعرض العلمي عرساً سنوياً للكتاب والإبداع وملتقى إنسانياً لكل من جعل المعرفة هواه...". وتشهد هذه الدورة مشاركة 354 داراً للنشر تشارك بنحو مئة ألف عنوان وتمثل 17 بلداً وهي : ليبيا، لبنان، تونس، السودان، الجزائر، الإمارات العربية المتحدة، المغرب، المملكة العربية السعودية، الأردن، سلطنة عمان، سورية، مصر، اليمن، الولاياتالمتحدة الأميركية، نيجيريا، ألمانيا وبريطانيا. تأتي المشاركة اللبنانية من حيث عدد دور النشر في المرتبة الثانية 48 ناشراً بعد مصر 148 ناشراً وتليها في المرتبة الثالثة سورية 43 ناشراً، وتحتل ليبيا المرتبة الرابعة 42 ناشراً. ولكن الحضور اللبناني أثرى المعرض عبر وفرة العناوين التي قدمتها الدور المشاركة ومنها دار"الآداب"و"الجيل"و"الساقي"و"الملتقى"و"رياض الريس للنشر"وسواها. ومثلت المشاركة اللبنانية احد المحاور الرئيسة للقاء الذي جمع بين وزير الثقافة والاعلام الليبي بالناشرين المشاركين في المعرض وهو لقاء مهم يعكس الحرص الكبير على إنجاز معرض جيد في السنوات المقبلة وللمرة الاولى ينظم مثل هذا اللقاء في معرض عربي .وفيه طرح الناشرون بصراحة كبيرة أهم النقائص والمشكلات مع ليبيا وهي التوقيت وغياب دعم الدولة للكتاب مما أدى إلى ارتفاع الأسعار مقارنة بالدخل الشهري للمواطن ودعم العمل المشترك بين دور النشر الليبية والعربية والرقابة. وقال الوزير الليبي مجيباً عن"قضية المشاركة اللبنانية":"لم تمنع ليبيا في أي يوم من الأيام الناشرين اللبنانيين أو الكتاب اللبناني من التواجد فيها بل أن العقيد معمر القذافي وجهنا للتعاون مع الكتاب اللبناني". وأعلن الوزير أن كل المستحقات المالية السابقة والحالية سيتم دفعها نقداً وفوراً لكل الناشرين. ولقي إعلانه ترحاباً كبيراً فصفق الناشرون له طويلاً. ووعد الوزير بأن الدورات المقبلة للمعرض ستكون أفضل وستشهد تطوراً كبيراً يواكب التغيرات الكبرى في كل المجالات ولا سيما الثقافية والفكرية والإبداعية التي يشهدها العالم. ودعا الناشرين الى أن يسهموا في تحقيق هذه الأهداف، مؤكداً على أن المعرض سيواصل انفتاحه على كل الثقافات. وقال ان المعرض بعد ان شهد في هذه الدورة وللمرة الاولى مشاركة الولاياتالمتحدة الأميركية وبعض البلدان الأفريقية، سيشهد في الدورة المقبلة مشاركة بلدان من أميركا اللاتينية وآسيا وأوروبا. وأشار الى أن الغاية الأساسية للمعرض في السنوات المقبلة هي تكريس الحوار بين الثقافات والحضارات العالمية. وقال:"إذا لم تستطع السياسة ترسيخ الحوار والتفاعل والتواصل بين الحضارات والثقافات فإن على المبدعين أن يؤسسوا لها ويكرسوها، وهم قادرون على ذلك، وليبيا مستعدة لاحتضان كل بادرة في هذا الإتجاه لأنها مع كل هذه القيم والمبادئ الإنسانية ولكن ضمن علاقة الند للند. وهي ستستمر في دعوتها إلى المحبة والسلام والتسامح واحترام المعتقدات والثقافات، وقلبها مفتوح و يدها ممدودة". أنشطة ثقافية متنوعة وتميز البرنامج الموازي للمعرض بثرائه لأنه حاول أن يشمل كل المجالات الإبداعية والفنية والفكرية. وتم في إطاره تنظيم ندوات فكرية منها ندوة"النشر والتراث"التي أدارها علي فهمي خشيم وندوة "المثقف والمؤسسة الثقافية"وأخرى خاصة بالنشر والترجمة، إضافة إلى أمسيات شعرية كشفت عن مشهد شعري ليبي متطور وثري ومهم وفي حاجة إلى اكتشاف.