في يومها الأنتخابي امس كانت زغرتا على موعدٍ مع اكثر من تنافس. تنافس عائلي وآخر سياسي, وثالث طائفي, هذا إضافة الى تنافسات صغيرة اخرى لا يفصح عنها المقترعون ولا تؤشر اليها الوان ثيابهم او الشارات التي علقت على سياراتهم. وقد اثمرت هذه التنافسات ومنذ ساعات الصباح الأولى نسب اقتراع عالية. فالعائلات الزغرتاوية التي انتشر مرشحوها في صدر لوائح الشمال المتنافسة, يشكل الأقتراع بالنسبة اليها نوعاً مخففاً من الثأر, فما بالك عندما يكون لبنان كله مسرحاً للحزازات الزغرتاوية. سليمان فرنجية الزعامة الزغرتاوية الأولى كان في قلب الحدث اللبناني في الأشهر الفائتة, وهو استهدف من معارضيه بوصفه وزير الداخلية في الحكومة التي اغتيل الرئيس رفيق الحريري في عهدها. ناخبوه الكثر اعتبروا الانتخابات وسيلة لرد الاعتبار اليه. النائبة نايلة نعوض احد الوجوه البارزة في المعارضة سددت سهاماً كثيرة لمنافسها فرنجية في الأشهر الأخيرة, كما انها تقف على رأس عائلة زغرتاوية شديدة المنافسة لآل فرنجية, ونزول انصارها للاقتراع بكثافة ايضاً هو الوسيلة الوحيدة لتثبيت حجم زعامة آل معوض في البلدة الشمالية. وتحت هذه الثنائية الراجحة زغرتاوياً لمصلحة فرنجية, تتبادل العائلتان اختراقات داخلية وفي العائلات الأخرى, ويتقاطع مع هذا الانقسام عنصر جديد غير مختبر بعد على مستوى الانتخابات النيابية في البلدة. انهما تيار القوات اللبنانية المتحالف مع نايلة معوض ضمن لائحة"الأصلاح والتغيير"المدعومة شمالياً من تيار الحريري, وتيار العماد ميشال عون المتحالف مع فرنجية. افسحت العائلات الزغرتاوية المنخرطة في انقسامات اوسع من البلدة هذه المرة لبعضها بعضاً مساحات تحركت فيها الماكينات براحة. فثمة مناطق وجود صافية للائحة الارادة فرنجية ومناطق اخرى شهدت طغياناً لمندوبي لائحة الاصلاح. وفي الحالين عمل المندوبون على تغذية صناديق الاقتراع باللوائح كاملة, اذ ان حدة المنافسة الداخلية لا تتسع لترف التشطيب وتأليف اللوائح الفردية. وعلى رغم اضافة قوة زغرتاوية جديدة الى ماكينة فرنجية الا ان القوات اللبنانية اعادت المعادلة الى صيغتها الماضية, فللقوات وجود ملحوظ في هذه المنطقة وتحديداً في قرى زغرتا الزاوية, ولكنه طبعاً ليس وجوداً ترجيحياً. ثم ان تحالف القوات مع معوض جاء منسجماً مع شراكة في القاعدة الانتخابية, اذ تمت العائلة بصلات سياسية لتيار القوات. لكن زغرتا مدينة سليمان فرنجية. رجالها اقترعوا منذ ساعات الصباح الأولى ونزلوا الى طرابلس ليطمأنوا الى ان صناديق المدينة الجارة ستحمل زعيمهم الى المجلس النيابي, وبسبب نزولهم طغى على ماكينة فرنجية ومنذ ساعات الصباح الأولى العنصر النسائي, مما يوحي بأن وزير الداخلية السابق مطمئن للأقتراع الزغرتاوي وشديد القلق من الاقتراع الطرابلسي, خصوصاً بعد جولات التصاريح المتبادلة بينه وبين النائب المنتخب سعد الدين الحريري. ويبدو ان النائب الزغرتاوي حاول اقامة جدار امان خاص به في طرابلس تصدع قليلاً بفعل هذه المشادات, ولكن جدار الأمان هذا قد يفرض عليه وخصوصاً في ساعات بعد الظهر تخففاً من صرامة الالتزام باللائحة التي يترأسها او يكاد يترأسها. ثم ان لفرنجية ثارات عائلية في اللائحة الأخرى ليس اقلها ابن عمه سمير احد المرشحين البارزين في اللائحة المنافسة. شائعات كثيرة حاولت ماكينة فرنجية المرتاحة في زغرتا التحقق منها في طرابلس. واحدة تقول ان آل الحريري يشترون تشطيب فرنجية من اللائحة التي يترأسها بمبالغ كبيرة للصوت الواحد. واخرى تقول إن اتفاقاً بين فرنجية ومرشح الحزب السوري القومي في الكورة حنا العيناتي تم على حساب مرشح الحزب الشيوعي في هذه اللائحة عطا جبور, وعزز من حظور هذه الإشاعة وجود رئيس الحزب القومي جبران عريجي الدائم الى جانب فرنجية خلال جولاته أمس.