تترقب الأوساط السياسية ما ستؤول اليه المواجهة السياسية في انتخابات المجلس البلدي في بلدة زغرتا بين الوزير سليمان طوني فرنجية وحلفائه من جهة والنائبة نايلة معوض وحلفائها من جهة ثانية، خصوصاً ان منطقة الشمال ككل، تشهد في العديد من تجمعاتها السكنية الرئيسية، بدءاً بطرابلس، توزعاً لخريطة القوى السياسية في شكل يجعل المعارك التي يمكن ان تحصل "مشوقة"، من دون استبعاد حصول التوافق ان في عاصمة المحافظة أو في بلدات أخرى. وحتى "التوافق" أو "الائتلاف"، فمن المنتظر ان يحصل، اذا حصل، على قاعدة المساومة بين الأفرقاء التي تؤشر الى طبيعة الفرز السياسي في كل موقع. وهو فرز حالت الانتخابات النيابية العام 1996 دون حصول اختبار في شأنه بسبب الائتلافات العريضة فيها. والتطورات في زغرتا استعجلت المواجهة. فالوزير فرنجية اعلن قبيل عيد الفصح عن دعمه ترشيح المهندس جورج يمين، القريب من عمه روبير فرنجية لرئاسة المجلس البلدي في البلدة، والمعلوم ان فرنجية ينطلق من تعاون وتحالف أكيد في الانتخابات مع النائب والوزير السابق اسطفان الدويهي، وروبير بولس، ومعهم توفيق وقيصر معوض والمؤيدين من آل يمين في شكل رئيسي. وثمة من يتوقع ان يكون الى جانبه أسعد كرم، شقيق المرشح الدائم عن العائلة للانتخابات النيابية في مواجهة فرنجية، سليم كرم. ويقول العارفون بالشأن الزغرتاوي ان ترشيح فرنجية ليمين قبل التشاور مع زعامات العائلات اثار بعضها، فأدى التشاور بين النائبة معوض وسليم كرم ويوسف الدويهي ومعهم سمير حميد فرنجية وان لم يعلن ذلك بعد، وعدد آخر من الوجهاء الى صدور بيان مشترك الأسبوع الماضي عن معوض وكرم يشدد على رفض التفرد والهيمنة وعلى دعم التطلعات الجديدة في الاستحقاق البلدي، في شكل زاد من الفرز السياسي داخل البلدة، له ابعاد سياسية تتعداها، باعتبار زغرتا معقلاً مارونياً فرضت الظروف السابقة رجحان مرجعية آل فرنجية على غيرها فيه، وامتداداً في الشمال أيضاً. وبدأت التساؤلات في الشمال تتناول مدى امكانية ذهاب المواجهة الى حد تكريس ثنائية الزعامة المسيحية في الشمال اذا لم يتمكن الوسطاء من التوصل الى توافق ائتلافي بين فرنجية وحلفائه وبين معوض - كرم وحلفائهما. ومع تنامي الاستقطاب السياسي في البلدة فرض ذلك على الجميع اجراء حسابات المعركة، في وقت اخذ الزغرتاويون يترقبون الوساطات من أجل ائتلاف ما، خصوصاً ان التوقعات الأولية اشارت الى ان التنافس الانتخابي قد يوزع الأصوات مناصفة بين الفريقين، ما يجعل التحدي قوياً. فأصوات آل فرنجية نحو 2600 صوتاً، وآل كرم نحو 2400، وآل معوض نحو 2200، كذلك آل دويهي، فيما العائلات الأخرى صغيرة الحجم، وبعضها موزع الولاءات... ما يجعل تحالف معوض - كرم، ذات شأن. وإذ يؤثر الوزير فرنجية الصمت، فإنه يتتبع الشأن الانتخابي في زغرتا وحدها، معلناً سلفاً أمام الحلقة العنيفة من معاونية انه لن يتدخل في منطقة الزاوية التابعة للقضاء نفسه، وقراها، فان خصومه يتحركون فيها. وإذا وقعت المعركة فإنه قد يضطر الى رمي ثقله في محيط زغرتا وربما في معظم مناطق الشمال المسيحي الأخرى. ويتابع فرنجية مشاوراته من دون الدخول في سجال اعلامي لرصد الوضع على الأرض. أما النائب الدويهي قال ل"الحياة" انه من المبكر الحديث عما ستؤول اليه الأمور وان لا وساطات حتى الآن بارزة بين التحالفين، ويأمل الكثيرون اتضاح الصورة في غضون اسبوعين، نظراً الى ان انتخابات زغرتا والشمال تتم في 31 أيار مايو. ويقول بعض المقربين من فرنجية انه تم التشاور في امكان طرح اسم آخر غير المهندس يمين هو السيد اسعد كرم شقيق سليم كرم الذي لا يلقى اعتراضاً من مناوئي وزير الصحة، في شكل يسمح بمفاوضات على لائحة توافق للمجلس البلدي الذي يضم 21 عضواً، الا ان هذا الطرح يتطلب موافقة روبير فرنجية أيضاً. المقربون من تحالف معوض - كرم ، يقولون ان قطبيه يستقطبان بموقفهما مجموعات شبابية، مهنية وأخرى مهتمة بالبيئة تخشى من الا يكون لها مكان في الائتلافات المبنية على مصالح العائلات، السياسية، ويقول المقربون ان هذه المجموعات تشكل تياراً زغرتاوياً، من كل العائلات، خصوصاً أن مناوئي فرنجية يدعون الى ترك حيز واسع لهؤلاء. النائبة معوض قالت ل"الحياة" انها تخوض المعركة "على أساس مبادىء تنادي بها منذ 9 أشهر تقوم على تفعيل المجتمع المدني وانها تسعى للاستفادة من الاستحقاق لدعم مشاركة الشباب، ولذلك اكدنا في البيان على التوازن ومشاركة الجميع في التوافق لردم الهوة بين الشعب وخصوصاً الشباب، والمسؤولين. ونحن منفتحون على أي توافق، على هذه الأسس، والا يقتصر على تسمية كل عائلة لمن تريد. وزغرتا تحتاج الى بلدية مندفعة لئلا يتراجع وضعها، وعلينا اخذ المتغيرات في الاعتبار وان نشجع قيام كتلة ضغط ديموقراطية على مستوى كل لبنان تتجاوز الانتماءات الطائفية والعائلية التقليدية. وعليه ليس لدينا أي شيء ضد من تم ترشيحه المهندس يمين والوفاق يجب ان يتم تحت مظلة الديموقراطية". وفي وقت يعطي بعض المراقبين الزغرتاويين لموقف معوض بعداً معارضاً انطلاقاً من السلوك الاقتصادي الذي بدأت تنتهجه ضد الحكم منذ خطابها في الذكرى السادسة لاستشهاد الرئيس رينيه معوض، فان قيادات زغرتاوية تعتبر ان المعركة في البلدة لا تأخذ طابع موالاة - معارضة بل طابع التجديد ضد التقليد. ويرى أحد القادة الزغرتاويين ان التسوية قد تكون في استبعاد مرشحي الفريقين لمصلحة الاتيان بمن يرضى عنهم الجميع من الكفاءات.