استؤنفت أمس في العاصمة النيجيرية أبوجا، المحادثات المباشرة بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور بعدما توقفت يوماً بسبب رفض إحدى حركتي التمرد مشاركة تشاد، ورفض حكومة الخرطوم حضور اريتريا. وطرح الوسطاء على أطراف النزاع"اعلان مبادئ"يحمل اقتراحات لمعالجة أزمة الاقليم. وقالت مصادر قريبة الى المحادثات، في اتصال هاتفي مع"الحياة"من أبوجا، ان كبير مفاوضي الاتحاد الافريقي سالم أحمد سالم قاد مشاورات مكثفة مع وفود الحكومة وحركتي"تحرير السودان"و"العدل والمساواة"أسفرت عن اقناع الأطراف بالعودة الى طاولة المفاوضات. كما أجرى اتصالاً مع تشاد التي اعترضت على رئاسة الدكتور خليل ابراهيم لوفد"حركة العدل والمساواة"التي يتزعمها. وفي المقابل اقنع ابراهيم بالتخلي عن موقفه الرافض لمشاركة تشاد التي اعتبرها منحازة الى الخرطوم. ودعا"اعلان المبادئ"الذي طرحه الوسطاء الى تأكيد وحدة السودان، واعتماد الفيديرالية لإدارة اقليم دارفور، ومنح الاقليم أولوية في إعادة الإعمار والتنمية وتعزيز المصالحات القبلية والتعايش السلمي وإشراك المتمردين في حكم الاقليم خلال مرحلة انتقالية، قبل إجراء الانتخابات، ومنحهم وظائف سياسية وزراء في الحكومة الاتحادية، واستيعاب قوات المتمردين في الجيش والقوات النظامية بعد وضعهم في معسكرات تحت حماية الاتحاد الافريقي، ومراقبة الأممالمتحدة والجامعة العربية والاتحاد الافريقي. وانتقد مسؤول حكومي مطالب المتمردين بإقرار العلمانية في دارفور ومحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات التي وقعت أمام المحكمة الجنائية الدولية، واعتبرها مزايدات سياسية لا صلة لها بالنزاع الدائر في الاقليم. واعرب سالم أحمد سالم الذي تحدث الى الصحافيين امس عن تفاؤله بإحراز المفاوضات تقدماً نحو حل الأزمة، موضحاً ان"دارفور تشهد حالياً استقراراً نسبياً، كما توقفت المواجهات بين القوات الحكومية والمتمردين والاشتباكات بين حركتي التمرد"، مشيراً الى مشاركة زعيمي الحركتين عبدالواحد محمد نور وخليل ابراهيم في الجولة. الى ذلك، قال وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل ان النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه يمكن ان يلتحق بالمفاوضات اذا دعا الأمر، واتهم جهات لم يسمها بالسعي الى تقويضها وإفشالها. وطالب المجتمع الدولي بعدم إعطاء المتمردين اشارات خاطئة يمكن ان تدفعهم الى التشدد والتصلب في المواقف. وذكر ان المحكمة الجنائية التي شكلتها حكومته للنظر في الانتهاكات التي وقعت في دارفور ستكون مفتوحة للاعلام، مؤكداً انه"لن تكون هناك حصانة لأي شخص ارتكب جرماً في الاقليم أياً كان موقعه، وزيراً او متمرداً أو مسؤولاً في الجيش أو في الشرطة". ونفى ان يكون تشكيل المحكمة الوطنية استباقاً للتقرير التي سيقدمه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الى مجلس الأمن في نهاية الشهر لمباشرة مهماته في التحقيق. وقال ان المحكمة الدولية لم ترفض انشاء محكمة وطنية أو مبدأ التكامل بينهما، مشيراً الى وجود اتصالات بين الخرطوم والأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان في هذا الشأن. في غضون ذلك، انهت لجنة صوغ الدستور الانتقالي مهماتها بصورة رسمية. وقال الناطق باسمها الدرديري محمد أحمد انها في انتظار قرار سياسي لعقد جلستها الختامية. وأفاد ان مسودة الدستور ستحال على البرلمان الذي يسيطر عليه حزب"المؤتمر الوطني"الحاكم حالياً ومجلس التحرير التابع ل"الحركة الشعبية لتحرير السودان"لإقرارها. وأضاف ان الرئيس عمر البشير ونائبه الأول زعيم"الحركة الشعبية"جون قرنق ونائبه الثاني علي عثمان محمد طه سيؤدون اليمين الدستورية في 9 تموز يوليو المقبل. وسيقود البشير وقرنق مشاورات لتشكيل حكومة انتقالية خلال شهر من ذلك، لافتاً الى انه في حال خلو منصب الرئيس قبل اجراء الانتخابات فسيشكل مجلس رئاسي يتألف من رئيس البرلمان ونائبي الرئيس وسيتخذ قراراته في ادارة البلاد"بروح المشاركة والزمالة". واعترف الناطق باسم"الحركة الشعبية"ياسر عرمان بأن مقاطعة المعارضة للجنة الدستور قللت من الفاعلية والتأثير على صوغ الدستور. وقال: "انه على رغم احترام اللجنة لموقف تلك الاحزاب الا انها كانت ترغب في مشاركتها من أجل تحقيق اجماع وطني".