السلطان محمد الفاتح 2 فتح بلاد القرم 1 حكم أمراء تتار القبيلة الذهبية"آلطون أوردو"بلاد روسياالشرقية وشبه جزيرة القرم، وجميع الجهات الواقعة شمالي البحر الأسود منذ زمن أميرهم جنكيز خان، وبلغت مساحة دولتهم مليوني كيلومتر مربع، وبلغ تعداد جيشهم مئتي ألف فارس، وخضعوا للطاغية تيمورلنك، وأبنائه وأحفاده من بعده في عاصمتهم سراي على نهر الفولغا، وتوابع بغجه سراي وقازان وأستره خان وسيبريا وشبه جزيرة القرم"مساحتها 26 ألف كيلومتر مربع" وقبجاق آجاريا وباطوم وأكرانيا والكرج الجورجيين والأبخاز"الأباظية"، ثم خضعت تلك الدويلات للجنويين الإيطاليين الذين استولوا على ثغور آزاق وكفّه ومنكوب واتخذوها محطات للتجارة في البحر الأسود والعدوان على المسلمين العثمانيين. وأرسل السلطان الفاتح حملة بحرية كبرى سنة 880ه/ في 19 أيار/ مايو سنة 1475م بقيادة وزيره الصدر الأعظم كديك أحمد باشا إلى شبه جزيرة القرم ففتحها، وحرر سواحل البحر الأسود وبحر آزوف"آزاق"وطرد الجنويين، وحرر من أسرهم الأمير منكلي بن الحاج كراي، ونصَّبه السلطان الفاتح خاناً على بلاد القرم بالنيابة تلبية لطلب علماء القرم وأشرافها، وأرسله إلى بلاده، وصارت بلاد القرم ولاية ممتازة تابعة للدولة العثمانية، واستمرت تبعيتها للسلطنة العثمانية مدة ثلاثمئة سنة بعد ذلك التاريخ، وصار البحر الأسود بحيرة عثمانية وأصبحت حدود السلطنة العثمانية من الشمال عند خط العرض 55 جنوبموسكو. 2 الحملات على رودس رحل فرسان القديس يوحنا من عكا سنة 1291م، ونزلوا في قبرص سنة 1301م، ثم استقروا كقراصنة في جزيرة رودس وما حولها من الجزر سنة 1308م، وشكلوا خطراً على الملاحة الإسلامية في البحر الأبيض المتوسط، وعجز عنهم المماليك، فأرسل السلطان ضدهم حملة بحرية سنة 885 ه/ 1455م ففشلت، ثم أرسل حملة سنة 1467م ففشلت، ثم أرسل حملة سنة 1480م ففشلت بسبب الإمدادات الأوروبية، ولكنها فتحت في عهد السلطان سليمان القانوني، وهرب القراصنة إلى مالطة، واستقروا فيها. 3 الفاتح وإيطاليا أدرك السلطان محمد الفاتح خطورة مركز إيطاليا الكاثوليكي، ودوره بالتحريض ضد المسلمين، فقرر غزوها، وأرسل حملة بحرية بقياد الصدر الأعظم كديك أحمد باشا في 26 تموز/ يوليو سنة 1480م، ففتح قلعة أوترانتو في جنوبإيطاليا، وصارت مركز لواء سنجق عثماني، وبدأت المفاوضات لاستسلام نابولي قبل وصول الحملة الهمايونية السادسة والعشرين في الربيع المقبل، ولكن نابولي لم تستسلم صلحاً، فغادر السلطان محمد الفاتح إسلامبول في 25 نيسان سنة 1481م، واتخذ من مرج السلطان"سلطان جايري"في منطقة أُسْكُدار الآسيوية البحرية قاعدة لتجهيز حملة إيطاليا. 4 وفاة السلطان الفاتح رتبت البندقية خمس عشرة محاولة لاغتيال السلطان محمد الفاتح، ولكنها لم تنجح، ولذلك لجأت إلى الحيل السرية، فأرسلت الطبيب اليهودي البُندقي المدعو يعقوب باشا فادعى الإسلام ظاهراً، وأسرّ اليهودية باطناً، ونظراً لسلامة طوية المسلمين فقد ترقى ذلك اليهودي حتى صار الطبيب الخاص للسلطان محمد الفاتح، وحينما كان يستعد للحملة السادسة والعشرين شعرت البندقية بخطر فظيع، فاتصلت سراً بالطبيب الخاص المدعو يعقوب باشا ووعدته بمكافأة مالية مقدارها عشرون مليون دولار بأسعار زماننا، فدسّ السمّ للسلطان الفاتح، فتوفي في 3 أيار/ مايو سنة 1481م، ودُفن السلطان في قبره الخاص جنوب محراب جامع الفاتح في إسطنبول، وافتضح سرُّ الطبيب الخائن فتقاسمته سيوف الجنود، ولم يقبض ثمن خيانته من جمهورية البندقية. ووصل نبأ وفاة النسر الكبير إلى أوروبا فأمر البابا بدق نواقيس الكنائس ابتهاجاً مدة ثلاثة أيام، وكان عمر الفاتح 49 سنة وخمسة أيام، وكانت مدة سلطنته 13 سنة و21 يوماً، ومدة آخر سلطنة له 30 سنة وشهران و28 يوماً، وترك ابنةً واحدة، وولدين هما: أبا يزيد الثاني، وجَمّ. وحقق دولة عالمية واسعة بلغت مساحتها سنة 1453م 964000 كيلومتر مربع، منها 480000 كيلومتر مربع في الأناضول، و484000 كيلومتر مربع في الرومللي، ثم اتسعت حتى بلغت غداة وفاته 2214000 كيلومتر مربع منها 170000 كيلومتر مربع في آسيا، و511000 كيلومتر مربع في أوروبا، وعلى الصعيد القانوني وضع الفاتح وعلماء سلطنته دستور السلطنة المسمى: دستور الفاتح"فاتح قانون نامه سي"وخلف مكتبة حافلة بروائع المخطوطات المتنوعة وفيها ما أمر بترجمته من اللغات الأعجمية إلى اللغة العربية، وكتب عنه المؤرخ جيوفاني ماريا فيليلفو قصيدة من أطول القصائد التي كتبت عنه وتقع في 4706 أبيات، وبعد وفاته آلت السلطنة إلى ابنه السلطان الغازي أبا يزيد خان الثاني.