يتوجس سكان قرية الدهانية ومعظمهم من البدو من مرحلة ما بعد الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، مع قرب زوال قريتهم بعد ان ابلغهم الاسرائيليون انهم سينقلون في بداية ايلول سبتمبر من تلك القرية الواقعة جنوب قطاع غزة. ويعيش في القرية التي اقامتها اسرائيل في اواخر السبيعنات لتوطين بدو مصريين وفلسطينيين، خليط من العائلات المصرية والفلسطينية بعضهم يحمل هوية اسرائيلية والاخرون هويات فلسطينية، في ما يشبه السجن. والتصقت بسكان القرية وصمة"التعامل مع اسرائيل"بعد ان استخدمها الجيش الاسرائيلي لايواء عائلات"متعاونين"معه سنة 1987. وقال عودة اشتيوي 62 عاما من سكان القرية ان"المنسق الاسرائيلي قال لنا ان هذه القرية ستصبح رمالا. وعندما سألناه اين سنذهب، قال من يحمل هوية اسرائيلية سينقل الى اسرائيل ومن يحمل هوية غزة سيعود اليها". وتقع الدهانية التي تبلغ مساحتها نحو كيلومتر مربع واحد ويقيم فيها 370 نسمة، في اراض فلسطينية تابعة لقطاع غزة عند المثلث الحدودي بين اسرائيل ومصر وقطاع غزة لكن اسرائيل لم تسلمها الى السلطة الفلسطينية بعد اتفاق اوسلو في 1993. ويفصل شارع صغير هذه القرية التي تحيط بها اسلاك شائكة من كل الاتجاهات، عن الحدود المصرية جنوبا، بينما يحاذيها غربا مطار غزة الدولي. وهناك بوابة عسكرية اسرائيلية تفصلها شمالا عن بقية اراضي قطاع غزة وبوابة اخرى تفصلها عن بئر السبع شرقا. وتنتشر في القرية خيام سود بعضها يستخدم زرائب للماشية وبعضها الاخر يجلس فيه شبان يتسامرون بينما تغطي الواح هشة من القرميد معظم منازلها، باستثناء بيوت قليلة تشبه الثكنات العسكرية القديمة. وقال سويلم سلمي ابو رقبه 65 عاما ان سكان القرية كانوا"من البدو المصريين وكنا نعيش في سيناء". واضاف"الاسرائيليون قالوا لنا نعطيكم خمسة دونمات من الارض ومياها لتستقروا"فيها. واشار الى بساتين مقابلة على الطرف المصري من الحدود قائلا"هذه هي اراضينا". تابع:"عندما وقعت معاهدة السلام بين مصر واسرائيل عام 1979 عاد معظم المقيمين في القرية الى مصر بينما بقينا نحن على امل الحصول على تصاريح يومية للذهاب والعودة الى الاراضي المصرية". لكن الدهانية"باتت بالنسبة الينا مثل السجن"، على حد قول سويلم الذي اوضح:"نحصل على تصاريح للعمل في اسرائيل من الصباح حتى الثامنة مساء ونقف اكثر من ساعة عند البوابة للتفتيش لدى الخروج والدخول ولا يسمح لنا بالذهاب لا الى غزة ولا الى مصر ولا يسمح لنا بالتحرك الا ضمن مساحة القرية". وعند اندلاع الانتفاضة الاولى 1987-1994، اقامت اسرائيل مركزين"للمتعاونين"معها احدهما في فحمة قرب مدينة جنين والثاني في الدهانية، حسبما اوضح شلومو درور الناطق باسم منسق نشاطات الحكومة الاسرائيلية في الضفة الغربية والقطاع. واوضح درور ان 1200 عائلة سكنت في المركزين، موضحا ان مركز فحمة اغلق ونقل سكانه ومعظم سكان الدهانية الى اسرائيل بينما لا تزال ثلاث عائلات فقط من المتعاونين تسكن الدهانية ويحمل افرادها بطاقات اسرائيلية. واكد درور ان"معظم السكان البدو في الدهانية لم يكونوا متعاونين مع اسرائيل وعلى العكس كانوا يهربون الاسلحة لحماس حركة المقاومة الاسرائيلية وهناك عدد منهم تجار مخدرات واسلحة ومجرمون". وتساءل درور"ماذا ستستفيد اسرائيل في حال نقلت كل سكان القرية الى اراضيها؟". واضاف ان"17 شخصا تزوجوا من اشخاص يحملون الهوية الاسرائيلية سينقلون الى اسرائيل بحسب القوانين الاسرائيلية كما سيحصلون على تعويضات مثل سكان مستوطني غوش قطيف اليهود ... اما الباقون فسيكون لهم حق العودة الى القطاع مقابل تعويض ما".