بدأت بريطانيا بالتحضير لإلغاء الاستفتاء على دستور الاتحاد الأوروبي بعد نتيجة الاستفتاء الهولندي اليوم، فيما دفع مسؤولون في حزب"العمال"الحاكم في اتجاه تنحي رئيس الوزراء توني بلير وإبداله بوزير المال غوردون براون. ونقلت صحف بريطانية عن مصادر في وزارة الخارجية تأكيدها"استحالة"إجراء استفتاء في بريطانيا بعد رفض الشعبين الهولندي والفرنسي الدستور الفرنسي، فيما أُفيد بأن وزير الخارجية البريطاني سيعلن على الأرجح"وفاة"مشروع الاستفتاء البريطاني أمام مجلس العموم الاثنين المقبل. لكن المفوض الأوروبي السابق كيل كينوك اعتبر بأن على رغم موت الدستور الأوروبي بعد رفضه في فرنسا، لا يمكن الحكومة البريطانية إعلان ذلك قبل تسلمها رئاسة الاتحاد في الأول من تموز يوليو المقبل. كما توقع مسؤولون بريطانيون أن تكون"الفرصة الأخيرة"لإنقاذ الدستور الأوروبي، تنظيم استفتاء ثان في فرنسا، وهو مضمون سؤال سيطرحه بلير وزعماء أوروبيون على شيراك في الأيام المقبلة. ونقلت صحيفة"ذي أندبندنت"البريطانية عن نواب في حزب"العمال"الحاكم أن زعيمه قد يضغط في اتجاه البقاء إلى العام المقبل، بحجة إتمام إصلاحات اقتصادية خلال فترة رئاسة بريطانيا للاتحاد الأوروبي. لكن الصحيفة أكدت أن بلير وعد الرجل الثاني في الحزب الحاكم بالتنحي بعد الاستفتاء على الدستور، لكن"وفاة"هذا الاستفتاء فرض قواعد جديدة للعبة تستدعي استقالته مبكراً لمصلحة براون. وكان بلير الذي يمضي إجازته في إيطاليا دعا إلى"فترة تفكير"بعد الاستفتاء الفرنسي، لكنه لفت إلى أن الدستور ليس المسألة الأكثر أهمية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي. يذكر أن وزير المال البريطاني غوردون براون أعرب الأسبوع الماضي عن أمله في استخدام رئاسة بريطانيا للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام الجاري، للدفع باتجاه"إصلاحات بنيوية"عميقة لجعل أسواق العمل أكثر ليونة وتشجيع التنافس وفتح أسواقهم للتنافس الخارجي. وعلى الصعيد الداخلي، انعكست نتيجة الاستفتاء الفرنسي على حظوظ المرشحين لرئاسة حزب"المحافظين"المعارض، إذ تعززت فرص كين كلارك في مقابل ديفيد دايفس المتحمس ل"الحلم الأوروبي". وقال نيكولاس دانغان الخبير في السياسات الأوروبية في المعهد الملكي للدراسات إلى"الحياة"إن بلير كان على الأرجح مسروراً بنتيجة الاستفتاء الفرنسي، لافتاً الى أن"من المفارقة أن رئيس الوزراء البريطاني أعلن قراره اجراء استفتاء على الدستور الأوروبي نيسان/أبريل 2004 قبل شهرين من الرئيس الفرنسي جاك شيراك". وتابع أن الشعب البريطاني ينظر إلى الاتحاد بصفته منظمة اقتصادية وليس كتلة سياسية موحدة، مشيراً إلى توافق أميركي - بريطاني في هذا المجال، ذلك أن"واشنطن تفضل عملياً التعامل سياسياً مع الدول الأوروبية منفردة، والعراق خير مثال على ذلك". وفيما علق مؤيدو تبني الدستور الأوروبي في بريطانيا آمالهم على الاستفتاء الهولندي اليوم والقمة الأوروبية في بروكسيل الشهر الجاري، اعتبر معارضوه أن نتيجة الاستفتاء الفرنسي أعلنت"وفاته"، على رغم محاولة بعض الدول إحياءه في قمة بروكسيل. وقال الناطق باسم حملة"بريطانيا في أوروبا"بن جونز إلى"الحياة"أن"التصويت الفرنسي جعل الميزان يميل في اتجاه عدم إجراء الاستفتاء في بريطانيا، لكن علينا ألا نتخذ أي قرار من دون شركائنا الأوروبيين"في بروكسيل. لكن الناطق باسم حملة"لا"للدستور الأوروبي ماثيو ماكريغر أكد إلى"الحياة"أن التعويل على قمة بروكسيل لتجنب"وفاة"الدستور خاطئ، مؤكداً الفشل المسبق لأي محاولة لإحيائه بعدما وجه له الفرنسيون الضربة القاضية.