أكد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة "تجاوز الازمة التي مرت فيها العملة الوطنية، وعودة الثقة مع عودة الاستقرار السياسي عبر تأليف حكومة برئاسة نجيب ميقاتي". وأعلن ان مصرف لبنان يقوم منذ الاسابيع الثلاثة الماضية بشراء الدولار. وطمأن الى ان "حاجات الدولة التمويلية لما تبقى من العام الجاري مؤمنة من السيولة المتوافرة في الاسواق". واعتبر رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه ان "الواقع الاقتصادي الراهن بات يتطلب برنامجاً اقتصادياً لتطويق مشكلة المالية العامة وعودة النمو"، مشترطاً ان يصاحبه "ترشيد الخطاب السياسي الذي يشكل صمام الأمان للتنفيذ البناء". وعرض سلامة في افتتاح مؤتمر "لبنان - العودة الى النهوض" في فندق فينيسيا في بيروت، الذي نظمته شركة "كونفكس"، ما شهده الوضع المصرفي والنقدي بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، معتبراً انها "كانت فعلاً صدمة نفسية أثرت سلباً في الثقة، وترجم ذلك في سوق القطع بزيادة الدولرة في الودائع من 70 الى 80 في المئة، ما يعني تحويل تسعة آلاف بليون ليرة الى دولار". لكنه أكد ان كلفة هذا التحويل "لم يتحملها مصرف لبنان كاملة بسبب الهندسات المالية التي قام بها، وسمحت له بان يخسر جزءاً من احتياطاته، في حين أمنت السوق الطلب ما تبقى". واعتبر سلامة ان تراجع الودائع المصرفية نتيجة الاحداث الاخيرة "لم يشكل خطراً على سيولة القطاع المصرفي وبقيت نسبه مقبولة، اذ بلغت قيمته 1.5 بليون دولار ونسبته اثنين في المئة، قياساً بحجم الودائع قبل حادثة الاغتيال، البالغ 59 بليون دولار". وكشف عن توقعات بعودة "نمو هذه الودائع مع عودة الحياة الطبيعية الى لبنان خصوصاً بعد الانتخابات النيابية المفترض تنظيمها في نهاية الشهر الجاري". حقيقة الدين العام وتطرق سلامة الى تمويل الدولة، معتبراً انه "كان المشكلة الاساس التي نواجهها منذ زمن، لأنه عندما تنعدم الثقة او تتراجع، نلاحظ ابتعاداً عن الادوات او الاوراق الصادرة عن الدولة، وهذا ما حصل". لكنه طمأن الى ان حاجات الدولة التمويلية خلال المدة المتبقية من العام الجاري "مؤمنة من الاسواق في ظل توافر السيولة والوضع العام للدين العام". واشار سلامة الى انه يوجد "في محفظة المصرف المركزي نحو عشرة بلايين دولار من اصل مجموع الدين العام للبنان البالغ نحو 36 بليون دولار، أي ان الدين الموجود خارج مصرف لبنان يبلغ نحو 26 بليوناً". وأوضح "اذا استثنينا من هذا المبلغ اكتتابات الدول التي شاركت في مؤتمر باريس - 2 والمؤسسات العامة وبعض التوظيفات الالزامية الموجودة في مصرف لبنان، فلن يتعدى حجم الدين الموجود في الاسواق مبلغ 22 بليون دولار"، مؤكداً قدرة "لبنان على تحمله". وتناول سلامة واقع الاقتصاد خلال الشهرين الماضيين، مشيراً الى "تراجع الحركة الاستهلاكية"، كاشفاً ان "صندوق النقد الدولي خفض توقعاته للنمو الى ثلاثة او اربعة في المئة". لكنه اوضح ان مصرف لبنان "لم يلتزم أي رقم في انتظار توقعات مؤسسة "الانسي" حول النمو للعام الجاري"، معتبراً ان الاقتصاد سيتأثر بما سيحدث بين حزيران يونيو وايلول سبتمبر خلال موسم الاصطياف". التخصيص لم يعد كافياً ودعا طربيه الى ضرورة "تأمين استقرار سياسي مدخلاً الى تعزيز ركائز الاستقرار والنمو". واكد ان "البلاد امام استحقاق اقتصادي مهم يتمثل باعادة وضع الاقتصاد على سكة النمو الذي بلغ خمسة في المئة العام الماضي، واعادة تشغيل محركات النمو للحفاظ على المكتسبات المحققة في الاعوام الاخيرة، واعادة تحفيز الاستثمارات العربية من خلال استكمال الاطر التشريعية وتفعيل الميزات التفاضلية". ولم يغفل طربيه دور القطاع المصرفي الواعي لمسؤولياته والتزامها، داعياً هذا القطاع الى "مواصلة هذا الدور في التعريف عن الفرص الاستثمارية والاقتصادية المتاحة والترويج لها والسعي الى استقطاب الاستثمارات الاقليمية والعالمية". واعتبر ان امام الاقتصاد اللبناني "مشكلات كبرى ابرزها ضرورة تحسين وضعية المالية العامة للدولة وبرمجة عملية السيطرة على نمو العجز والدين العامين". وشدد على تنشيط الاقتصاد ل"اطلاق دفعة قوية في الطلب الكلي والعرض الكلي". وأكد انه "لم يعد كافياً تطبيق ما تبقى من اصلاحات اقتصادية كانت الدولة تعهدت بها في مؤتمر باريس - 2 أي التخصيص والتسنيد"، معتبراً ان "الواقع الراهن بات يتطلب برنامجاً اقتصادياً اوسع لتطويق مشكلة المالية العامة وتنشيط السوق المالية وتعزيز الثقة المحلية والدولية في مستقبل لبنان الاقتصادي والمالي". وشدد طربيه على ان يشارك في هذا البرنامج الدولة والقطاع الخاص "تفعيلاً للخطاب الاقتصادي الذي يحدد الحلول الناجعة للمشكلات المعروفة"، مشترطاً ان "يصاحب ذلك ترشيد الخطاب السياسي الذي يشكل صمام الامان للتنفيذ البناء لعملية العودة الى النهوض الاقتصادي". وركز المدير العام ل"كونفكس" رفيق زنتوت على عملية النهوض، مشدداً على تسهيل دخول المستثمرين والوافدين العراقيين، مطالباً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية حسن السبع بتسهيل "منحهم تأشيرات دخول من طريق سفاراتنا والمطار والحدود اللبنانية". واقترح تحريك عمل مجلس الانماء والاعمار الذي يوجد في "تصرفه ما لا يقل عن 1.2 بليون دولار". ورأى رئيس مجلس ادارة شركة الخطوط الجوية عبر المتوسط فادي صعب ان وجودنا اليوم هو ل"رسم خطة النهوض المستقبلية عبر المشاركة في اول مؤتمر اقتصادي بعد 14 شباط فبراير".