قدم البجاويون الكثير من التضحيات في سبيل الاستقلال وهم يشكلون اليوم 15 في المئة من سكان السودان الا انهم بعد الاستقلال همشوا ومشاركتهم في السلطة المركزية والحكم لا تتناسب وتعدادهم السكاني وتاريخهم النضالي. فمنذ الاستقلال وحتى اليوم لم تعرف رئاسة الجمهورية مسؤولاً او موظفاً صغيراً بجاوياً قط. وتنطبق هذه الحال على الكثير من الوزارات وخصوصاً السيادية كالداخلية والدفاع والخارجية والنائب العام وكذلك على كل الهيئات الحكومية كهيئة الطيران، الخطوط الجوية، الخطوط البحرية، مشروع الجزيرة، مشروع الرهد... الخ. فمنذ الاستقلال وحتى الآن تم فقط تعيين اربعة وزراء بجاويين مركزيين. وموازنة الشرق على رغم شحتها تذهب في شكل مواهي الى هذا الجيش العرمرم من الموظفين النازحين وجزء منها يذهب في شكل تبرعات للأقاليم الاخرى! نخلص من كل هذا الى ان هناك تفاوتاً في المعاملة بين اقليم وآخر وبين عنصر إثني وآخر. الا يولد هذا مرارة؟ ان الوحدة يجب ان تكون جذابة يسود فيها التآخي والتراعي والتشاوي والتضامن وليس الاستغلال والاضطهاد والتشريد والتجويع... والرصاص. البجاويون والموانئ البحرية لعب البجاويون في القرون الغابرة دوراً كبيراً في حركة التجارة الخارجية بين القارة الافريقية وبقية العالم. فالصادرات والواردات كانت تنقل بقوافل يملكها البجاويون عبر طرقات يسيطرون عليها وترتبط بضفاف النيل. وفي جانب الترحيل كانت القبائل تقدم الماء والغذاء والضيافة للتجار، مما كان يشكل دخلاً اقتصادياً وافراً لهذه القبائل. هذا اضافة الى ترحيلهم الحجاج، مسيحيين ومسلمين، عبر هذه القوافل. وكانت رسوم الميناء تذهب ايضاً الى الحكام المحليين. عندما حضر الاتراك في القرن التاسع عشر رضوا بتقاسم رسوم الميناء مع هؤلاء الحكام، بينما اقتصر ترحيل الصادرات والواردات على البجاويين من دون غيرهم. وعندما حضر الانكليز استولوا على دخل الميناء كله وتركوا العمالة فقط للبجاويين. اما حكومة الانقاذ فلم تترك لهم لا هذا ولا ذاك! ان دخل الموانئ البحرية حق مكتسب لقبائل البجا منذ اكثر من ألف سنة. فأي منطق يسلبهم هذا الحق؟ مناجم الذهب مناجم الذهب موجودة في الشرق منذ اقدم العصور. فمن مهد الفراعنة الى عهد الخليفة المأمون كانت العمالة فيها للبجا فقط. اما اليوم، فتدار هذه المناجم من جانب موظفين احضروا من اواسط السودان ووفرت لهم المنازل الراقية والمرتبات المغرية والعربات الفارهة، هذا على رغم وجود كفايات بجاوية من منطقة الذهب هذه نفسها. الا يولد هذا مرارة؟ هذه المنطقة التي يستخرج منها الذهب تعاني اليوم المجاعة والمرض والجهل. وأخيراً التزمت الحكومة والحركة الشعبية تقاسم عائدات البترول مناصفة بينهما. هذا يعني في شكل واضح ان لكل الاقاليم الاخرى الحق في ان تأخذ خمسين في المئة من ثرواتها الطبيعية. فلا يعقل ان يميز اقليم عن آخر، او يفضل الجنوبي على البجاوي او الشمالي. فقد اعلنت الحكومة التزامها بميثاق حقوق الانسان الذي يوفر المساواة بين جميع القوميات الاثنية. لقد حدد البجاويون مطالبهم في المشاركة في السلطة والثروة والفيديرالية والتنمية وبتطبيق اتفاق الجنوب بنداً بنداً والمشاركة في مؤتمر البجا للتفاوض لانهاء حال الحرب والمعاناة. وقالوها واضحة"لا سلام بلا بجه". د. أبو محمد أبو آمنة [email protected]