الاتفاق بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي أدى الى نزاعات داخل أجنحة الحزب الحاكم المختلفة، من جهة، وبين الحكومة وبعض المنظرين الشماليين من جهة أخرى. ويدور الصراع على مدى صلاحية تطبيق هذا الاتفاق على شرق وغرب السودان. فقد برز تيار بين هؤلاء يعارض تطبيق هذا الاتفاق بحجة شح الموارد المالية السودانية. صحيح ان هذه الموارد شحيحة. وكلما شحت هذه الموارد كلما ازداد الصراع حولها. إلا ان الموارد الشحيحة هذه توزع في شكل غير متساوٍ على أقاليم السودان المختلفة. فالنصيب الأوفر يذهب لأواسط وشمال السودان، كما تبرهن الموازنات المختلفة منذ الاستقلال حتى الآن. وعلى رغم شحها، فإن الموارد تبدو في مجالات لا تعود بنفع. فهذا الجيش العرمرم من الوزراء والسفراء والوكلاء والمديرين، وهذا العدد الكبير من الموظفين الذين تعج بهم مكاتب الحكومة، لا ينسجم وحجم العمل الذي يؤدونه، بل هم من المحاسيب والأقرباء وأعضاء الحزب الحاكم. وهناك الصرف البذخي على الاحتفالات والمهرجانات والاستقبالات. وهناك الاعتداء المتواصل على المال العام. فكثيرون شيدوا قصوراً لا تنسجم ودخلهم الرسمي. الى جانب هذا، فهم يمتطون أحدث العربات، وينعمون بمكيفات الهواء والحدائق الفيحاء ويلتهمون ما لذّ وطاب، بينما انسان الشرق لا يجد لقمة عيش جافة يسد بها رمقه. السودان بلد غني بموارده الطبيعية. فهناك أكثر من 13 نهراً، وبينها أكبر نهر في العالم، تجري فيه. هذه المياه لو استغلت استغلالاً جيداً لصار السودان جنة الله في أرضه. ثم هناك البترول والذهب واللحوم والمحاصيل الزراعية. وهناك مجال السياحة. فقد أجمع كثيرون من خبراء السياحة على أن السودان لو طور مجال السياحة على ساحل البحر الأحمر لصار من أغنى بلاد العالم. ان الموارد المالية للدولة مصدرها الاساسي كان، ولا يزال تلك الأقاليم المهمشة. فالبترول من الجنوب والغرب، والمواشي والمحاصيل الزراعية من الغرب، الإبل والذهب والذرة وعائدات الميناء والجمارك من الشرق. فليس صحيحاً - على الأقل في الوقت الحاضر - ان الحكومة المركزية تنفق على هذه الأقاليم أكثر مما تأخذ. ان الحكومات المتعاقبة لم تهتم بتطوير الموارد المالية في شكل جدي. وتوصيات كبار الاقتصاديين لا تجد صدى عندها. وصار الركود الاقتصادي، بل التدهور هو ميزة ملازمة لتلك الحكومات التي ركنت على دمار الأقاليم. د. أبو محمد أبو آمنة طبيب من البجا [email protected]