اقتربت امس المفاوضات بين"اللقاء النيابي الديموقراطي"و"تيار المستقبل"من جهة و"التيار الوطني الحر"بقيادة العماد ميشال عون من جهة ثانية من مرحلة الحسم التي سيتوقف عليها مصير الائتلاف الانتخابي بين قوى المعارضة. وعقد ليل امس اجتماع ثلاثي ضم ممثلين عن هذه القوى الثلاث في محاولة جدية لارساء تعاون يكون"لقاء قرنة شهوان"طرفاً اساسياً وفاعلاً فيه. وفي معلومات"الحياة"ان اللقاء الثلاثي جاء في اعقاب لقاءات منفردة بين الاطراف الثلاثة شارك فيها عن التيار الوطني جبران باسيل وزياد عبس وعن المستقبل واللقاء الديموقراطي مروان حمادة، وائل أبو فاعور وغطاس خوري وجرى فيها التداول في ضرورة التحالف على قاعدة تكريس وحدة المعارضة في الانتخابات النيابية. وتقرر لقاء امس، انطلاقاً من ان الممثل الشخصي لسعد الدين الحريري، النائب خوري ابلغ ممثلي التيار انه لا ينوب عن اللقاء الديموقراطي في حسم التباين حول تركيب الائتلاف في دائرة عاليه - بعبدا، تماماً كما ابلغهم حمادة وأبو فاعور انهما يتركان امر الشأن الانتخابي في الشمال وزحلة والبقاع الغربي ل"المستقبل"باعتباره قوة اساسية في هذه المناطق. كما ان اللقاء الاخير الذي عقد ليل اول من امس بين خوري وممثلين عن التيار الوطني لم يحقق التقدم المطلوب على رغم ان الاجواء التي سادته كانت افضل من تلك التي سيطرت على اللقاء الاول، وقد انتهى الى ايداع سعد الحريري من خلال خوري لائحة بأسماء مرشحي التيار في الشمال والبقاع الغربي - راشيا وزحلة. وضمت اللائحة الاسماء الآتية: عن زحلة سليم عون - ماروني، عن البقاع الغربي الياس الفرزلي - ارثوذكسي، عن البترون جبران باسيل - ماروني، عن الكورة سليم عازار - ارثوذكسي، عن طرابلس يوسف سعدالله الخوري - ماروني، عن زغرتا العقيد المتقاعد فايز كرم - ماروني، عن عكار عبدالله حنا - ارثوذكسي. وبالنسبة الى جبل لبنان، أصر ممثلا عون في الاجتماعين مع حمادة وأبو فاعور، على ترشيح نقيب الاطباء ماريو عون عن أحد المقاعد المارونية في الشوف، لكن اصرارهما قوبل بالرفض لأن النائب وليد جنبلاط كان أعلن الاحد الماضي اسماء اعضاء اللائحة التي يصعب ادخال تعديل عليها، ولو كان ذلك وارداً لما قفز فوق حليفيه خوري والياس عطاالله اليسار الديموقراطي اللذين يعتبرهما أولى بالمقعد في حال التعديل. اما في خصوص بعبدا - عاليه، فقد طالب باسيل وعبس بثلاثة مرشحين للتيار الوطني هم: اللواء المتقاعد عصام ابو جمرا عن المقعد الارثوذكسي في عاليه وحكمت ديب وناجي غاريوس عن المقعدين المارونيين في بعبدا، على ان يترك المقعد الماروني الثالث في هذا القضاء للقاء الديموقراطي لتسمية المرشح الذي يختاره. وكانت نتيجة المفاوضات بين اللقاء الديموقراطي والتيار الوطني رفض الاول طلب عون في بعبدا - عاليه، ليس بناء لرغبة جنبلاط بحصد المقاعد النيابية المخصصة للمسيحيين في هذه الدائرة، بمقدار سعيه لتمثيل القوى الاخرى في المعارضة المسيحية. واقترح حمادة وأبو فاعور في الاجتماعين المنفردين مع التيار الوطني ضرورة عقد لقاء موسع لقوى المعارضة في الجبل للتفاهم على تركيب اللوائح خصوصاً ان جنبلاط يرفض ان ينوب عن الآخرين في الموافقة على مسألة تتعلق بهم شخصياً اضافة الى انه وتيار الحريري لا يرغبان بأن يقال لاحقاً إنهما على وشك التوصل الى صفقة مع عون على حساب القوى الاخرى في المعارضة وتحديداً"لقاء قرنة شهوان". وبدا من خلال المفاوضات في جولاتها الاولى ان التيار الوطني يتشدد في طلب المزيد من المرشحين في الجبل وفي شكل لا يعكس ميزان القوى الحقيقي على رغم انه قد يكون الاقوى لكنه ليس الاوحد. وبدا ان ممثلي التيار الوطني في المفاوضات يحاولون تحجيم القوى الاخرى في المعارضة بدءاً من الجبل وانتهاء بدائرتي الشمال، وقد ارادوا الاستقواء على هذه القوى بإرساء مشروع تحالف انتخابي مع اللقاء الديموقراطي وتيار الحريري تنضم اليه لاحقاً القوى الاخرى على اساس الحاجة اليها لاستكمال اللوائح الانتخابية. لذلك، حرص ممثلو اللقاء الديموقراطي و"تيار المستقبل"على قطع الطريق على التيار الوطني لتفادي ادخالهما في اشكال سياسي وانتخابي مع القوى الاخرى في المعارضة. وموقف"المستقبل"واللقاء الديموقراطي ينطلق من قاعدة تجنب الاتهام بالشراكة مع التيار الوطني في ترتيب حروب الغاء سياسية جديدة بأدوات انتخابية، على رغم انهم يقدرون القوة الانتخابية لعون ويتعاطون معها بواقعية لكن من دون تضخيم. يضاف الى ذلك، أن عون وإن كان الاقوى في الشارع المسيحي المعارض، الا ان قوى المعارضة تبقى في تماسكها من خلال تحقيق اوسع مشاركة في التمثيل النيابي وان لا مصلحة لأحد في ان يقدم نفسه على انه المعارض الاوحد، او بديل"لقاء قرنة شهوان"، مع الاشارة الى ان جنبلاط والحريري لا يريدان تحت أي اعتبار ان يقال انهما يتدخلان بقوة في تركيب اللوائح في الدوائر الانتخابية الخاصة بالمسيحيين. وفي انتظار ما ستؤول اليه المفاوضات الثلاثية بين عون وجنبلاط والحريري والتي يمكن ان تتوسع لتضم ممثلين عن القوى الاخرى، هناك من يعتقد بأن مبادرة"حزب الله"الى تظهير موقفه الانتخابي على حقيقته في دائرة عاليه - بعبدا، قد تدفع بالقوى الاخرى الى مراجعة حساباتها في اتجاه سلوك طريق التواضع في تركيب اللوائح. وفي هذا السياق علمت"الحياة"ان المشاورات التي أُجريت اخيراً بين قيادة الحزب والحريري وجنبلاط قطعت شوطاً على طريق اظهار الموقف النهائي للحزب من التحالفات الانتخابية الى العلن. واستناداً الى هذه المعلومات، فإن الحزب يعتبر نفسه شريكاً انتخابياً في لائحة بيروت برئاسة الحريري وبالتالي لن يسمح لنفسه بأن يسجل اختراقاً في صناديق الاقتراع من محازبيه لبعض خصوم اللائحة وتحديداً في الدائرة الثانية من بيروت التي تنحصر فيها المنافسة على المقعد الارثوذكسي بين النائب الحالي عاطف مجدلاني والنائب السابق نجاح واكيم. لذلك فإن الحزب قال كلمته في انتخابات بيروت وبالتالي لا داعي للرهان على عدم التزام انصاره ومحازبيه في الاقتراع لمصلحة مجدلاني. كما ان الحزب على وشك الاعلان عن تحالفه في بعبدا - عاليه مع جنبلاط من خلال مرشحه النائب علي عمار، خصوصاً ان الاتفاق المبدئي على هذا الصعيد حصل، ويبقى اختيار التوقيت المناسب لاعلانه رسميا. وتعتقد الاوساط المراقبة انه سيكون لقرار الحزب من التحالف في عاليه - بعبدا تأثير مباشر في اعادة جدولة الحسابات الانتخابية من جهة وفي دفع التيار الوطني الى مراجعة حساباته وصولاً الى خفض سقف مطالبه في هذه الدائرة، الا اذا اراد خوض معركة بالتحالف مع النائب طلال ارسلان والحزبين السوري القومي الاجتماعي والاحرار ومرشحين آخرين متضررين من جنبلاط. وإذ استبعدت الاوساط ان يكون"حزب الله"ماضياً في وساطته مع جنبلاط لاقناعه بترك المقعد الدرزي الثاني في عاليه شاغراً لمصلحة ارسلان، قالت في المقابل ان فشل الائتلاف في بعبدا ? عاليه سيفتح الباب امام حصول منافسة حامية لن تكون بمثابة نزهة انتخابية للقوى الفاعلة فيها. الا ان فشل الائتلاف في هذه الدائرة قد يسحب على الدوائر الاخرى في الجبل ويمكن ان يمهد الطريق لقيام تحالف من نوع آخر في الشمال ضد لوائح المعارضة، يقوده في الدرجة الاولى الرئيس عمر كرامي وسليمان فرنجية والتيار الوطني والجماعة الاسلامية والحزبان القومي والشيوعي وأطراف اسلامية في طرابلس. لذلك فإن المفاوضات اقتربت من مرحلة الحسم وبالتالي لا يمكن لأي طرف ان يكون معارضاً في منطقة وموالياً في اخرى لما سيترتب على ازدواجية الموقف من أسئلة بين المحازبين او بعضهم على الاقل ممن يبادرون الى التجرؤ على مقاومة قرار من هذا النوع يجمع فيه الصيف والشتاء تحت سقف واحد.