غلبت القضايا الاقتصادية على زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لاسرائيل، والتي يُتوقع خلالها ابرام صفقة عسكرية بنصف بليون دولار، في وقت قلل المسؤولون الاسرائيليون من شأن اي دور وساطة تركية في عملية السلام في الوقت الراهن، وأعلنوا الاتفاق مع الضيف التركي على ضرورة مكافحة"الارهاب"و"معاداة السامية". راجع ص 4 والتقى اردوغان في زيارته الرسمية الاولى لاسرائيل الرئيس موشيه كاتساف في القدسالمحتلة قبل لقائه رئيس الوزراء ارييل شارون، واتفقا على العمل سوياً"على مكافحة الارهاب". وجاء في بيان صدر عن الرئاسة الاسرائيلية ان اردوغان دعا الى"تجفيف المستنقع الذي ينمو فيه الارهاب وابداء التضامن في مكافحتنا له"، كما أكد ان الحزب الاسلامي الذي يتزعمه"يدين معاداة السامية"التي اعتبرها"جريمة ضد الانسانية، هذا ما كان يعتقد أجدادي وهذا ما يقوله ديني، ونحن الاتراك نتصرف دائماً على هذا الاساس". وحض رئيس الوزراء التركي اسرائيل على"مساعدة"الرئيس محمود عباس من خلال"التحلي بالصبر وعدم الضغط عليه حتى يتمكن من بسط سلطته وأداء واجباته". من جهته، قال كاتساف ان على تركيا واسرائيل ان"تتعاونا في العملية الجارية لارساء الاستقرار في الشرق الاوسط لمصلحة شعوب"المنطقة. وتأتي زيارة اردوغان بعد فترة من الفتور اعترت العلاقات التركية - الاسرائيلية، خصوصاً بعد اغتيال اسرائيل مؤسس"حركة المقاومة الاسلامية"حماس الشيخ احمد ياسين العام الماضي في غارة وصفها رئيس الوزراء التركي بأنها"عمل ارهابي". وما لبث ان انتقد بعد شهرين غارة اسرائيلية على مخيم رفح في قطاع غزة بوصفها"ارهاب دولة". وفي حزيران الماضي، استدعت انقرة سفيرها من تل ابيب وقنصلها العام في القدسالمحتلة لاجراء"مشاورات"، في وقت دان اردوغان عنف العمليات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، داعياً الدولة العبرية الى انهائها واحترام حق الفلسطينيين"في الوجود"، وهي تصريحات أدت الى توتير العلاقات مع اسرائيل بشكل غير مسبوق. لكن بدا أمس من تصريحات اردوغان ومن الترحيب الاسرائيلي به، ان الجانبين يعولان الكثير على هذه الزيارة، فاسرائيل تأمل بأن تساعدها انقرة في الحد من عزلتها في الشرق الاوسط، او على حد قول مسؤول اسرائيلي ان"تطور مع تركيا جدول اعمال سياسياً اقليمياً يكمل العلاقات الاقتصادية والعسكرية". اما بالنسبة الى تركيا فهي تأمل بان تستفيد من اسرائيل في الضغط على الاوروبيين، عبر الاميركيين، من أجل ضم انقرة الى الاتحاد الاوروبي. وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم لاذاعة الجيش انه"بمقدور تركيا ان تشكل جسراً لعلاقات اسرائيل بالعالمين العربي والاسلامي"، وللحوار والتعاون بين"الاسلام المعتدل واسرائيل لبناء مستقبل افضل لجميع شعوب المنطقة". وكرر تأييد الدولة العبرية انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي، مشيراً الى ان مثل هذا الانضمام من شأنه ان"يعزز الاستقرار في الشرق الاوسط". وكان اردوغان عبر عن امله بان يلعب دور وساطة في عملية السلام نظراً الى علاقاته الجيدة مع الفلسطينيين وسورية، وهو ما عبر عنه في تصريحات لصحيفة"ديلي نيوز"التركية قبل وصوله الى اسرائيل، عندما تعهد المساعدة في التوصل الى اتفاق، مضيفاً:"يمكننا بفضل علاقاتنا الخاصة مع الجانبين ان نمثل قيمة مضافة لمثل هذه الجهود... يجب الابقاء على قوة الدفع هذه بهدف التوصل الى سلام دائم في المنطقة... وسيتحتم في هذا السياق تنفيذ خطة فك الارتباط بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني". الا ان مسؤولاً اسرائيلياً قال ان شارون يرى ان أهمية الزيارة تكمن في العلاقات الثنائية، على الاقل في الوقت الراهن، مشدداً على ان تركيا تُعتبر اليوم ثاني اهم دولة بعد الولاياتالمتحدة في علاقتها الجيدة مع اسرائيل"أمنياً واقتصادياً". من جهة أخرى، ثمة بعد اقتصادي مهم في عودة المياه الى مجاريها في العلاقة التركية - الاسرائيلية، وهو ما عبر عنه رئيس اتحاد الصناعيين عندما قال ان حجم التبادل التجاري بين تل ابيب وانقرة بلغ العام الماضي بليوني دولار، وان الهدف مضاعفته بحلول العقد الحالي. وكتبت الصحف الاسرائيلية ان اردوغان والوفد الكبير المرافق له بحثا ابرام صفقة عسكرية بنصف بليون دولار تتضمن قيام الصناعات العسكرية بتحديث 30 طائرة حربية من طراز اف 4 تابعة لسلاح الجو التركي. وأضافت ان وزارة الدفاع التركية اتفقت الاسبوع الماضي مع الصناعات العسكرية الاسرائيلية على شراء طائرات بلا طيار من طراز"هارون"بقيمة 300 مليون دولار. ومن المقرر أيضاً ان يوقع اردوغان اتفاقاً للتعاون في الابحاث المدنية والتنموية. ويتوجه اردوغان اليوم الى المسجد الاقصى للصلاة فيه، قبل ان يتوجه الى رام الله للقاء القيادة الفلسطينية التي تعول على دور وساطة تركية في عملية السلام والحصول على دعم اقتصادي.