هل باعت البطريركية الارثوذكسية في القدس أراضي فلسطينية الى مشترين يهود، أميركيين أو غيرهم؟ البطريرك المعزول ايرينيوس الأول يؤكد ان البطريركية لم تبع أو تؤجر، الا ان كل دليل متوافر يؤكد ان البطريرك يكذب. البطريركية الارثوذكسية في القدس هي رابع بطريركية رسولية بعد بطريركيات القسطنطينية والاسكندرية وانطاكية، ويعود تاريخها الى قرار من مجمع خلقيدونيا سنة 451 ميلادية. لذلك لا يُتهم البطريرك جزافاً أو بخفة بالكذب. غير ان رأي المجمع المقدس فيه أسوأ بكثير من مجرد تهمة الكذب، وقد عزله أكثر من 75 عضواً يتراوحون بين متروبوليت ومطران وارشمندريت، الى رهبان الأديرة. وهم اتهموه باستخدام البطريركية كملكية خاصة، وعدم تقديم موازنة أو تقرير بعد ان نصّب نفسه مدير الدائرة المالية، وبأنه تعاون مع ابوستولوس فافيليس، وهذا يوناني مدان بتهريب المخدرات، وانه أعطى وكالة قانونية لمساعده بابا ديماس فاختفت ملايين الدولارات بطريقة غير شرعية، وانه يكذب عندما يقول:"اذا وقَّعت فلتقطع يدي"أو"أنا لم أبع"، فهو لم يوقع فعلاً الا ان الوكالة التي أعطاها لبابا ديماس جرى البيع بموجبها، وانه دمّر كرامة البطريركية ولم يخدم أبناء الكنيسة. وقرر المجمع المقدس عطفاً على ما سبق والتفاصيل تزيد أضعافاً على ما سجلت هنا عزل البطريرك ايرينيوس لأنه فقد حق تمثيل الارثوذكس بل أصبح يؤذي مصالحهم، ومعهم المسيحية العالمية. البطريرك أرسل الى وزير الداخلية الأردني السيد سمير الحباشنة رسالة حملت تاريخ 31/3/2005 يؤكد فيها: 1- قمنا بالغاء جميع الوكالات الصادرة من قبلنا لأي شخص كان، والمتعلقة بموضوع التصرّف بالأملاك المنقولة وغير المنقولة التابعة لبطريركية الروم الارثوذكس المقدسية، كما اتخذنا جميع الاجراءات القانونية اللازمة لابطال أي عقود أو صفقات بيع أو ايجار تمّت بموجب هذه الوكالات ان وجدت، وستزود الحكومة الأردنية بنسخ الغاء تلك الوكالات. 2- نؤكد اننا لم نقم ببيع أو تأجير أي ممتلكات أو عقارات عائدة لبطريركية الروم الارثوذكس المقدسية في البلدة القديمة من مدينة القدس أو في أي مكان آخر، وسيقوم النائب العام في المملكة الأردنية الهاشمية، ومستشار البطريركية القانوني، والمستشار القانوني لوزارة الداخلية الأردنية بإبطال أي بيوعات أو ايجارات تمّت، ولن نقوم بذلك في المستقبل، بل سنسعى الى شراء وزيادة أملاك البطريركية. الرسالة في 13 نقطة، وما سبق يكفي شرحاً لمضمونها، الا ان الضرر وقع وأركان الكنيسة أنفسهم لم يعودوا يصدقون البطريرك، لذلك فالمجمع المقدس عزل البطريرك ايرينيوس الأول بغالبية ثلثي الأصوات، وعيّن لجنة لادارة شؤون البطريركية تتألف من ثلاثة رجال هم: متروبوليت كل من قيصرية والبترا وكابيتولياس. وهم كانوا أرسلوا الى رئيس وزراء الأردن في حينه السيد عدنان بدران رسالة رسمية تتضمن قرار العزل. البطريرك ينتخب مدى الحياة، وايرينيوس انتخب سنة 2001، وكانت صفته قربه من ياسر عرفات، الا انه بعد ان تسلم المنصب، أخذ يتقرّب من الاسرائيليين، ويقوم باجراءات جدلية، تحولت في النهاية الى انتهاك صارخ لقوانين البطريركية نفسها. المسيحيون العرب هم في الأساس أرثوذكس، من أيام الغساسنة وحتى اليوم، مع وجود قلة كاثوليكية وقفت مع روما في حين التزمت الغالبية خط القسطنطينية، أما الطوائف المسيحية الاخرى، مثل البروتستانت، فمن صنع البعثات التبشيرية. والبطريرك صفرونيوس هو الذي سلّم، عند الفتح العربي عام 638 ميلادية، مفاتيح المدينة للخليفة عمر بن الخطاب وتسلم منه العهدة العمرية المشهورة التي ضمنت للمسيحيين حقوقهم كلها، وأبعدت اليهود عن مدينتهم، وكان صفرونيوس عربياً اسمه صفر، وتحوّلت الكلمة الى اليونانية مراعاة لطقوس الكنيسة البيزنطية التي لا تزال سائدة حتى اليوم غبطة البطريرك هزيم في دمشق اسمه اغناطيوس. واكتسبت البطريركية الطابع اليوناني بعد 1534 عندما انتخب راهب يوناني يتقن العربية كأبنائها بطريركاً وأخذ يستورد الرهبان من اليونان ولا يسمح برسامة الرهبان العرب. ومنذ ذلك الوقت والخلاف مستمر على التمثيل العربي، فعقدت خمسة مؤتمرات أرثوذكسية عن الموضوع. والبطريركية الآن تضم جميع أراضي فلسطين الجغرافية والأردن ودير القديسة كاترين، وفيها نحو 105 رهبان من أخوية القبر المقدس والمجمع المقدس المؤلف من البطريرك رئيساً و17 أسقفاً وراهباً، بينهم عربي واحد هو المطران الوحيد في المجمع واسمه سلفستروس الفار. الضرر وقع والأرض الفلسطينية التي ثار الجدل عليها تضم فندقي امبريال والبترا، والأول تستأجره عائلة الداوودي / الدجاني من الكنيسة منذ 50 سنة، والثاني تستأجره عائلة قرّش، اضافة الى 27 محلاً تجارياً، جميعها واقعة في ساحة عمر بن الخطاب على يسار الداخل الى القدس من باب الخليل. وقيل ان الصفقة هي تأجير لمدة 99 سنة، وقرأت 198 سنة ايضاً، والنتيجة واحدة فهي بمثابة بيع، والثمن 135 مليون دولار ضاعت بين البطريرك ومساعده بابا ديماس الذي زعم بأن المبلغ وضع في حسابات سرّية في جزر البهاماس. وكنتُ في متابعة الموضوع استعنت بصديق هو الدكتور رؤوف أبو جابر، رئيس المجلس المركزي الارثوذكسي في الأردنوفلسطين، فأكمل غداً بمواقف أبناء الطائفة ومعلومات أخرى.