لم تكد ساحة الشهداء في وسط بيروت تستريح من المعتصمين الذين رابطوا فيها أكثر من شهرين، حتى انشغلت أمس، بمطلب جديد يقوده فريق آخر. فما أن انتهت صلاة الجمعة في المسجد العمري حتى انطلق مئات الرجال والشبان من عائلات الموقوفين بتهمة أحداث الضنية ومجدل عنجر في تظاهرة باتجاه ساحة الشهداء، رافعين أعلام"لا اله إلا الله"السود والخضر، ومطالبين بالإفراج الفوري عن الموقوفين بتهمة الضلوع في مواجهات مع الجيش اللبناني عام 1998، وباعتذار رسمي من الحكومة اللبنانية وبأن يحال المسؤولون عن توقيفهم طيلة هذه السنوات إلى العدالة لمحاكمتهم. ورفع المتظاهرون الذين لبى معظمهم دعوة لجنة أهالي موقوفي الضنية ومجدل عنجر، تحت شعار"من اجل أسرانا"، لافتات تنتقد السلطة اللبنانية التي"تعفي عن عملاء لحد وتسجن ابن البلد"، ورددوا هتافات:"قولوا الله قولوا الله، نحن جنود الحق والله". غير أن أكثر ما بدا لافتاً في تلك التظاهرة، هو هتاف بعض المعتصمين بحياة"أبو مصعب الزرقاوي"و"أسامة بن لادن". ورفض المتظاهرون الذين انطلقوا في باصات نقل من طرابس ومجدل عنجر باتجاه بيروت، المساواة بين"المجرم والبريء"، على حد قول أبو خالد، موضحاً أن"قانون العفو لا يجب أن يساوي بين من كان قائد حرب ومن قتل ودمر قائد"القوات اللبنانية"سمير جعجع، وبين شبان كانوا يعتكفون خلال شهر رمضان المبارك، فاعتقلتهم الدولة، لتخفي الأعمال المشبوهة والفساد التي كانت تمارسها على الشعب". غير أن شاباً آخر، يلف رأسه بعصبة"لا اله إلا الله"سوداء، لا يرى في القضية كلها، إلا"مؤامرة تحيكها الدولة ضد أبنائها الملتزمين دينياً إرضاء لأميركا وحربها على ما يسمى الإرهاب". وشارك في التحرك عدد من النساء المحجبات، اللواتي اتخذن من ساحة مسجد محمد الأمين حيث ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، محطة للتعبير عن مطلبهم أمام زوار الضريح، فيما شاركت شابات ارتدين النقاب الأسود، ألصقن على رؤوسهن:"من اجل حريتهم، موقوفي الضنية ومجدل عنجر"، في تحرك نسوي مصغر انطلق في ساحة الشهداء خلال صلاة الجمعة. ومع انتهاء الاعتصام ظهرت عبارات جديدة على السور الخارجي لجامع محمد الأمين، فأضيفت عبارات مثل:"لا للأميركي في لبنان"، إلى قائمة عبارات العداء لسورية وكشف جريمة اغتيال الحريري التي كتبت تزامناً مع اغتيال الرئيس الحريري. وكان مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ألقى خطبة الجمعة في المسجد العمري الكبير، وأوضح أن"البعض في بلادنا يمعن في ظلم موقوفي أحداث الضنية ومجدل عنجر، بافتراء جديد عليهم، وهو جلد جديد لهم وتعذيب، تماماً كما عذبوا عند توقيفهم منذ سنوات"، مشيراً إلى انهم"ضربوا وأهينوا وعذبوا وأذلوا بطريقة مهينة تتنافى وحقوق الإنسان، وهم حتى اليوم في السجون، لم تصدر بحقهم أحكام، وبعضهم أمضى في السجن مدداً اكثر من المدة التي يمكن أن يحكم بها عليه، ومنهم من لم توجه إليه تهمة قضائية حتى الآن، ويشكل استمرار توقيفهم مخالفة للقانون وللعدالة". وطمأن قباني أهالي الموقوفين إلى أن:"قضيتهم هي قضية حق، ولن نتركها أبداً، ويستطيعون أن يطمئنوا إلى أن قضيتهم هذه قد أشرفت على نهايتها، وان الحق سيعود إلى نصابه، ونحن نقدر جميع اللبنانيين المخلصين الذين وقفوا إلى جانبهم للدفاع عنهم". وخاطب قباني المجتمعين بالقول:"إنكم ستؤكدون للجميع أنكم أهل حق، وأنكم أقوياء بحقكم، وان سبيلكم إلى ذلك سيكون بالتعبير بما ينسجم مع تاريخكم وقيمكم وإسلامكم"، مضيفاً:"عليكم أن تطمئنوا إلى أن قضية أبنائكم هي قضية حق وفي أيد أمينة". وشارك في الاعتصام النواب محمد الصفدي ومحمد عبداللطيف كبارة وجمال إسماعيل وأهالي موقوفي الضنية ومجدل عنجر والقرعون وشبعا وصيدا وبيروت، وجمعيات وهيئات ومؤسسات إسلامية في لبنان وممثلين للأحزاب الإسلامية في لبنان. وتحدث أمام المحشود كل من مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو وقاضي شرع صيدا الشيخ محمد دالي بلطة وشيخ قراء طرابلس الشيخ بلال بارودي وخطيب إمام الجامع العمري الكبير الشيخ أمين الكردي والدكتور اكرم خضر باسم لجنة أهالي المحكومين والموقوفين. وركزت الكلمات على ضرورة الإفراج عن الموقوفين.