أعلن وزير المال العراقي علي عبد الامير علاوي الانتهاء من وضع الموازنة الفيديرالية لعام 2006، التي بلغت 59 تريليون دينار عراقي نحو 40 بليون دولار، مؤكداً انها ستبقي على البطاقة التموينية، على رغم خفض كلفة المخصصات عن عام 2005. وشرح علاوي ان التخصيصات المالية للبطاقة التموينية لعام 2005 بلغت ستة آلاف بليون دينار أربعة بلايين دولار، مؤكداً ان هذا الرقم يفوق بكثير الانفاق الفعلي لتغطية مكونات البطاقة التي لا تتجاوز 12 ألف دينار عراقي ثمانية دولارات شهرياً للفرد الواحد، وعليه ستكون تخصيصات موازنة 2006 للبطاقة التموينية بحدود 2.6 بليون دولار. وقال الوزير ان العمل يجري على تحقيق توزيع نقدي بدلا من التوزيع العيني لمكونات البطاقة التموينية. وستخضع ثلاث محافظات في العراق لهذه التجربة على ان يكون الاستبدال اختياريا. وأضاف في مؤتمر صحافي"إن تطوير واقع القطاع الخاص وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، لا يتحقق بمجرد اعلان الحكومة اهمية دور الاستثمارات الاجنبية في نمو القطاع الخاص العراقي، وانما يجب ان تصاحب ذلك سياسات اقتصادية ثابته وتشريعات قانونية بعيدة المدى توفر الاجواء المناسبة لاستثمارات القطاع الخاص". ورأى أن نمو القطاع الخاص يتطلب وجود نظام مصرفي يساعده بتوفير القروض بكلفة مناسبة، مبيناً ان النظام المصرفي الحالي في العراق يخضع لهيمنة المصارف الحكومية، حيث أن نحو 90 في المئة من الايداعات موجودة في القطاع المصرفي الحكومي، العاجز عموماً عن القيام بأبسط الممارسات المصرفية، ما يتطلب اعادة هيكلتها وتنظيمها بما ينسجم مع النشاطات الاقتصادية السائدة في العالم. وذكر ان وزارة المال قامت بمبادرتين رئيستين بالتطوير الاقليمي في موازنة 2006، تتمثل الاولى بوضع منحة بمبلغ بليون دولار، ستوزع على مجالس المحافظات واقليم كردستان لاستخدامها وفقا لتوجهاتها في التنمية. وستوزع الاموال مباشرة على المحافظات بحسب الكثافة السكانية والحاجة النسبية. اما المبادرة الثانية فتخص تشجيع انشاء مصارف تنمية اقليمية لتعمل على تنمية الاقاليم، بما يسهم في تعزيز الموارد الخاصة في ذلك الاقليم من دون الرجوع الى الموازنة العامة، كاشفاً عن نية بانشاء ثلاث، مصارف اقليمية في المنطقة الجنوبية والغربية والشمالية في كردستان، تنظم على اساس المشاركة بين حكومة الاقاليم وبين القطاع الخاص أو المستثمر الاجنبي، بما في ذلك دول الجوار او المؤسسات التجارية او المنظمات الدولية، على ان يكون للاقاليم ما لا يقل عن 50 في المئة من رساميلها. وأوضح ان الموازنة تدعم استيراد المشتقات النفطية الذي بلغ 4.09 تريليون دينار، وان الحكومة اتخذت قراراً برفع أسعار المشتقات النفطية ابتداء من مطلع العام المقبل، على نحو تدريجي لرفع الدعم عنها، الذي يشكل عبئاً مالياً على الموازنة العامة للدولة. وأوضح ان صادرات النفط الخام ستمثل المصدر الرئيس لعائدات الموازنة، بنسبة 90 في المئة من العائدات الإجمالية، مشيراً الى اتفاق العراق مع صندوق النقد الدولي، حول ضوابط وشروط الترتيبات المساندة لمساعدته في إدارة اقتصاده للسنوات الثلاث المقبلة، مؤكداً ان النجاح في تحقيق شروط الصندوق سيتيح إلغاء نحو 32 بليون دولار من ديون نادي باريس. وقال ان الموازنة ركزت على قضايا مهمة في مقدمها برنامج الإصلاح الاقتصادي، ورسم سياسة توزيع الموارد على القطاعات المختلفة وفق أولويات محددة تحاول تجاوز مشاكل الاختناق، أو ما يسمى بمشكلة"عنق الزجاجة". فهي تتضمن استراتيجية تتمثل مقوماتها في الاستثمار بزيادة العوائد النفطية، من خلال زيادة الإنتاج والتصدير لمواجهة التوقف المتوقع في المنح والمساعدات الدولية ابتداء من عام 2007، وتبني سياسة إصلاح الدعم الحكومي، والبدء بعملية مواجهة الضرر الذي يلحق بالرفاهية الاقتصادية للأفراد من خلال برنامج موجه، وهو برنامج شبكة الحماية الاجتماعية، الذي يتضمن الدفع النقدي للمتضررين. وعزا الوزير سبب التأخير في تقديم الموازنة كما يقتضيه قانون الإدارة المالية، الذي يلزم الحكومة تقديم مشروع الموازنة لعام 2006 بحلول شهر تشرين الاول أكتوبر من العام الحالي، الى عدد من القضايا كان لا بد من حسمها لتقديم الموازنة بصيغتها النهائية، بينها الموقف من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول الترتيبات المساندة، والموقف من سداد الدين العراقي للدائنين بمختلف اصنافهم، إضافة الى المبالغ المُرحلة من موازنتي 2004 و 2005. من ناحيته، رأى الباحث الاقتصادي في وزارة المال العراقية هلال الطعان، ان الزيادة الحاصلة في مخصصات موازنة عام 2006 والبالغة 41.6 في المئة عن موازنة العام الحالي، تشير إلى التوجهات الهادفة إلى بناء العراق، من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والعلمية، واعلان ذلك يمثل أعلى درجة من الشفافية التي كانت مختفية منذ ثلاثة عقود. وأضاف ان من أهم ملامح الموازنة الجديدة، الزيادة في مخصصات المشاريع الاستثمارية بنسبة 23 في المئة عن موازنة 2005، وزيادة النفقات التشغيلية بنسبة 47 في المئة، وإعادة توزيع المخصصات ذات المردود الاقتصادي.